الحروب التجارية.. لقاء ترامب وبوتين.. قضايا الاقتصاد والسياسة العالمية على مائدة قمة "بريكس"

ترامب وبوتين
كتب : وكالات

تعقد في مدينة جوهانسبرغ القمة العاشرة لمجموعة "بريكس"، التي من المقرر أن يناقش خلالها زعماء روسيا والبرازيل والهند والصين وجنوب إفريقيا قضايا الاقتصاد والسياسة العالمية.

ومن المتوقع أن يطلع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زملاءه على نتائج مباحثاته مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وسيعقد لقاءين ثنائيين مع رئيسي الصين شي جين بينغ وتركيا رجب طيب أردوغان.

وستتسم مشاركة الرئيس بوتين في هذه القمة بعد مباحثاته مع الرئيس ترامب بأهمية خاصة، علما بأنه ستكون من بين أهم مواضيع القمة الحروب التجارية، وخاصة بين الولايات المتحدة والصين.

وقد أعلن البيت الأبيض عن زيادة الرسوم التجارية على العديد من السلع من الاتحاد الأوروبي والصين وروسيا وكندا وبعض الدول الأخرى، إذ يرى الرئيس الأمريكي أن القواعد القائمة في التجارة العالمية حاليا تضايق المصالح الأمريكية، وبالتالي يجب إعادة النظر فيها، حسب رأيه.

وقال وزير التنمية الاقتصادية الروسي مكسيم أوريشكين في هذا الشأن إن "مناقشة الزعماء لجدول الأعمال التجاري في هذه اللحظة مهمة جدا لتنسيق المواقف. وإن اللقاءات الثنائية التي ستعقد، ستتناول هذه المسائل أيضا".

ويرى خبراء في قمة "بريكس" نوعا من الرد على قمم الناتو والاتحاد الأوروبي ومجموعة "السبعة الكبار"، حيث تشكل "بريكس" منصة بديلة للمنصات الغربية التقليدية وتساهم في التوازن واستقرار العمليات السياسية والاقتصادية العالمية.

كما يشير المحللون إلى زيادة تأثير دول "بريكس" على العمليات الاقتصادية العالمية في الفترة الأخيرة، مع أن دول المجموعة لا تزال بحاجة إلى أن تكون قادرة على مواجهة تحديات معينة.

وقال الأستاذ المساعد في أكاديمية الاقتصاد وخدمة الدولة في روسيا ألكسندر سافتشينكو، في حديث لقناة RT إن "النموذج السابق للعولمة مات في نفس المكان الذي ولد فيه، أي في الولايات المتحدة، ولكن لا يقدم أي بديل لها، وما يحدث الآن يمكن وصفه بأنه حرب الجميع ضد الجميع".

وأشار إلى أن التجارة العالمية تشهد تغييرات جذرية في الوقت الحالي، حيث أدى تطور الاقتصاد الرقمي إلى عودة بعض مراحل الإنتاج من الدول النامية إلى الدول الغربية المتطورة اقتصاديا، وهذا يوجه ضربة إلى بعض الدول الأعضاء في "بريكس".

وفي هذه الظروف من المهم أن يناقش زعماء "بريكس" قضية "حروب الرسوم التجارية".

من جهته، أشار كبير المحللين في شركة " Amarkets" أرتيوم دييف في حديث لـ RT إلى أنه "بلا شك سيعار اهتمام كبير لقضايا التجارة الدولية في ظل خطط الرئيس الأمريكي لفرض الرسوم التجارية بقيمة 500 مليار دولار على كل الصادرات الصينية. وفي حال تنفيذ خطة ترامب، سيدور الحديث عن حرب تجارية شاملة، سينجر إليها الاقتصاد العالمي بأسره".

من جانبه، قال مدير مركز الدراسات والتوقعات الاستراتيجية لجامعة الصداقة بين الشعوب في روسيا دميتري يغورتشينكوف إنه "نظرا للموجة الجديدة من التناقضات الاقتصادية والسياسية في العالم، تعتبر المنصات مثل "بريكس" مهمة للغاية. وهي توفر توازنا مع النموذج الغربي التقليدي، وتساهم في إحلال الاستقرار في العالم، وتعرض على الغرب رؤية بديلة للقضايا الدولية، يجب أن يأخذها (الغرب) بعين الاعتبار".

ويشارك في قمة "بريكس" أيضا عدد من قادة الدول الإفريقية، وعلى وجه التحديد رؤساء ناميبيا وأنغولا وتوغو ورواندا وأوغندا والسنغال والغابون. ومن المقرر أن تجري فعاليات ومناقشات مشتركة مختلفة بين أعضاء "بريكس" ودول إفريقية.

وقال دميتري يغورتشينكوف في هذا الصدد إن "شركاءنا الصينيين والهنود والأتراك يعملون في إفريقيا بنشاط. أما روسيا فهي تنضم إلى هذه العمليات أيضا وتعود إلى القارة (الإفريقية)".

وفيما يخص تعاون روسيا مع الدول الإفريقية، فيمكن أن نذكر أن السودان اقترح على روسيا إقامة قاعدة عسكرية على أراضيه، وتهتم دول أخرى مثل إفريقيا الوسطى وموزمبيق بالتعاون العسكري التقني. وتتعاون روسيا مع أنغولا في مجال الفضاء وصناعة الأقمار الاصطناعية. كما يوجد هناك تعاون في مجال الاستثمار وتقنية المعلومات والتعليم وغيرها من المجالات.

وأوضح يغورتشينكوف أن شركاء روسيا في إفريقيا يهتمون، من بين أمور أخرى، بـ "رؤية بديلة لبناء نماذج ديمقراطية. وهم يفهمون أن النظر إلى الغرب فقط يتناقض مع مصالحهم".

كما قال أرتيو دييف إن "جدول الأعمال الإفريقي، وليس فقط لـ "بريكس" كمجموعة، بل ولروسيا على حدة، يفتح آفاقا كبيرة من ناحية النمو وزيادة الصادرات والتبادل التجاري". وأكد أن التبادل التجاري مع الدول الإفريقية الواقعة إلى الجنوب من الصحراء يبلغ في الوقت الحالي 3 مليارات دولار. وفي الوقت ذاته من المتوقع أن تتنامى قدرات تلك الدول، ويرتقب وصول الناتج المحلي الإجمالي لتلك الدول إلى حد تريليوني دولار بحلول عام 2050، وبالتالي من المهم بالنسبة لروسيا أن تعزز مواقعها في هذه الأسواق.

وتجدر الإشارة إلى أن وصول الرئيس الروسي إلى جوهانسبرغ يعتبر الزيارة الخارجية الأولى له بعد لقائه مع دونالد ترامب في هلسنكي.

وحسبما أعلن مساعد الرئيس يوري أوشاكوف، سيبحث بوتين مع نظيره الصيني شي جين بينغ التعاون الثنائي في كافة المجالات وتنسيق الجهود في القضايا الدولية. وخلال اللقاء مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيبحث الرئيس بوتين التسوية السورية والتعاون في مجال الطاقة.

واعتبر الخبير دميتري يغورتشينكوف أن "قمة بريكس ستكون منصة مريحة جدا للنقاش. ولا يفرض احد أي التزامات على الآخر هنا. وفي المقابل توجد هناك فرصة لتبادل الآراء حول أهم المواضيع، والنقاط المؤلمة للتنمية الدولية".

وأضاف الخبير أن "الأمر قد لا يقتصر على ضبط الساعة. واظن أننا سنسمع إعلانات مشتركة مثيرة للاهتمام. وهذا ما يمليه المنطق العام للعمليات الدولية. وإذا كانت هناك إعلانات هامة على مستوى "السبعة الكبار" والناتو، فيجب أن يصدر أي شيء ذو معنى عن ممثلي "بريكس" أيضا".

بدوره، اعتبر الأستاذ سافتشينكو أن التوقعات من قمة "بريكس" يجب أن تختلف عن التوقعات من لقاءات الناتو والاتحاد الأوروبي. وقال إنه "بالمقارنة مع "بريكس" يعتبر الناتو والاتحاد الأوروبي من مخلفات الماضي، ولذلك يجب أن تختلف توقعاتنا من هذه القمة عما نراه خلال لقاءات الاتحاد الأوروبي والناتو. لكن القرارات التي تتخذ في إطار "بريكس"، ولو على مستوى تنسيق المواقف، لا تقل تأثيرا على ما يحدث في العالم عما يحدث في بروكسل أو أي مكان آخر".

أما من الناحية الاقتصادية، فاعتبر كبير الخبراء الاقتصاديين في بنك التنمية الأوراسي، ومدير برامج منتدى "فالداي" للنقاش ياروسلاف ليسوفوليك في تعليقه لقناة RT أن "القمة العاشرة لـ "بريكس" قد تصبح مرحلية من ناحية أن أكبر الأسواق النامية ستأخذ على عاتقها مهمة تفعيل أجندة الانفتاح والتعاون التجاري في الظروف التي تفقد الدول المتطورة فيها هذا الدور. ويدور الحديث هنا عن الولايات المتحدة قبل كل شيء".

ويشير الخبراء إلى أنه قد يتم في ختام القمة الإعلان عن أطر جديدة للتعامل في المجال المالي، حيث ستبحث دول "بريكس" إمكانية توسيع استخدام العملات الوطنية في التعاملات التجارية البينية.

وحسب توقعات الخبراء، فإن تعزيز التعاون بين دول "بريكس" في العديد من المجالات والوتائر الإيجابية للنمو الاقتصادي قد تؤدي في المستقبل إلى تغيير موازين القوى على الساحة العالمية. ومن المتوقع أن تكون الهند والصين بعد 10 سنوات من بين الدول الثلاث الكبرى من حيث حجم الناتج المحلي الإجمالي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً