مسلسل الدروس الخصوصية من "نظارة المعارف" لـ"وزارة التعليم" "عرض مستمر".. ورضا حجازي: الطلاب تعودوا على الملزمة والحفظ والتلقين

صورة أرشيفية

رغم محاربة وزارة التربية والتعليم لظاهرة الدروس الخصوصية وتشكيل لجنة للضبطية القضائية لإغلاق مراكز الدروس الخصوصية وتحويل المعلمين الذين يؤدون بها للشؤن القانونية، إلا أن هذا لم يمنع عدد من المعلمين من ترك وظيفة التربية والتعليم من أجل العمل فى مراكز الدروس الخصوصية، ولم يمنع هذا أيضا الطلاب من الجرى وراء مراكز الدروس الخصوصية من أجل تحصيل أكبر مجموع فى الثانوية العامة إلى أن أصبحت الدروس الخصوصية بمثابة تعليما موازيا للتعليم فى المدارس ، وأصبحت مراكز الدروس الخصوصية مدارس موزارية للمدارس النظامية، وتحول الأمر إلى استثمار يدر المليارات على العاملين فيه، ووفقا لتقديرات الخبراء العاملين بمجال التعليم فإن الأسر المصرية تتكلف نحو 30 مليار جنيه سنويا للإنفاق على الدروس الخصوصية في جميع المراحل التعليمية في مرحلة التعليم قبل الجامعي.

لم تكن مشكلة الدروس الخصوصية حديثة العهد بل كانت تطبق فى المدارس منذ عدة عقود خلت ، فطبقا لوثائق التربية والتعليم فإن أول شكوى رسمية من الدروس الخصوصية وصلت إلى نظارة المعارف– وزارة التربية والتعليم حاليا- عام 1895 وكان مقدم الشكوى يتضرر من محاولات أحد معلمي المدرسة الثانوية التي يدرس فيها نجله إجبار ابنه على أن يأخذ درسا خصوصيا عند المعلم المشكو في حقه.

وطبقا للوثائق فإنه صدر منشور عن نظارة المعارف – وزارة التربية والتعليم حاليًا- لمواجهة مشكلة الدروس الخصوصية برقم (38) بتاريخ 29 يوليو 1895، يحظر إدراج أسماء المعلمين الذين يقدمون على إعطاء دروس خصوصية للطلاب، في لجان وضع الامتحانات، وحظرهم من المراقبة على الامتحانات التي تعقد للطلاب.

ونص المنشور أن "من يريد من المدرسين إعطاء دروس بالمدارس الحرة (الخاصة) أو بالمنازل، عليه أن يقدم طلبًا بذلك للتصريح له من النظارة بإعطاء هذه الدروس، وذلك للاحتياط عند تأليف لجان الامتحان كل عام، من عدم إدراج أسماء هؤلاء المدرسين ضمن الممتحنين، في هذه اللجان"، وطالبت نظارة المعارف مديري المدارس بإخطار جميع المعلمين بمدارسهم بما جاء في المنشور.

ومع تفاقم أزمة الدروس الخصوصية تقدم البعض بمقترح تعديل قانون التعليم رقم 139 لسنة 1981، بحيث تجرم الدروس الخصوصية، ويعاقب المعلم الذي يضبط متلبسا بإعطاء درس خصوصي بعقوبات تأديبية، إلا أن هذه التعديلات لم ترى النور بعد، وكانت وزارة التربية والتعليم ادعت عام 2012 أن تعديل نظام الثانوية العامة من نظام العامين إلى نظام العام الواحد، سيخفف من أعباء الدروس الخصوصية وسيوفر نحو 14 مليار جنيه سنويا على الأسر المصرية التي تضطر إلى تجملها في السنة الثانية من الثانوية العامة باعتبارها نصف شهادة، إلا أن الواقع يؤكد أنه برغم تعديل نظام الثانوية العامة، لكن مازالت الدروس الخصوصية في مرحلة الثانوية العامة بصفوفها الثلاثة كما هي.

وبدأت مراكز الدروس الخصوصية المعروفة بـ"السنترات"، منذ 3 أشهر مضت نشاطها لهذا العام، حيث اكتمل نصاب الحجز الطلابى للمواد الدراسية ، واتخذت بعض المراكز من مواقع التواصل الاجتماعي مكانًا جيدا لجذب أكبر عدد من الطلاب عن طريق بث الإعلان والتواصل مع الطلاب، لزيادة أعداد المشتركين.

وتتفوق مراكز الدروس الخصوصية على المدارس النظامية ، في ارتفاع نسبة حضور الطلاب، ففي الوقت الذي تعاني فيه المدارس من قلة حضور الطلاب تعاني بعض المراكز من زيادة أعداد المتقدمين للدروس الخصوصية، وترفض العديد من الطلاب، لاكتمال العدد بها ، لذلك فهي تفتح أبوابها مبكرا من أجل الحجز قبل بدء العام الدراسي بفترة كافية، حتى إن التقديم لمراكز الدروس الخصوصية يبدأ مع نهاية شهر ابريل وينتهى مع نهاية شهر يوليو، وأن الطالب الذي يتأخر إلى أغسطس قد لا يجد مكانًا، وتحديد أسعار الدروس الخصوصية له عرف خاص بتلك "السناتر" بكل منطقة، قبل بدء عملية الحجز الطلابى للمواد الدراسية للعام الدراسى الجديد، حيث يجتمع اصحاب مراكز الدروس الخصوصية وكبار المعلمين العاملين بتلك المراكز لتحديد قائمة أسعار سعر حصة الدروس الخصوصية بكل مادة والتى تختلف من منطقة لاخرى ، وحددت مراكز الدروس الخصوصية هذا العام قائمة اسعار مرتفعة عن العام الماضى ورغم ذلك الاقبال الطلابى على مراكز الدروس الخصوصية متفاقم للغاية، خاصة وأن تلك المراكز يعمل بها مشاهير المعلمين والذين يطلقون على أنفسهم ألقاب جاذبة للطلاب الذين يهدفون للحصول على مجاميع عالية بالثانوية العامة.

وأكدت الطالبة حبيبة محمد، بالصف الثالث الثانوى " شعبة أدبية"، أنها قامت بالحجز فى مراكز الدروس الخصوصية للصف الثالث الثانوى للعام الدراسي الجديد منذ أواخر شهر أبريل الماضى، موضحة أنها قامت بحجز مادة اللغة العربية بإحدى مراكز الدروس الخصوصية المشهورة بمنطقة دار السلام بمبلغ 50 جنيها مقابل الحصة الواحدة، وحصلت على كارت الحجز للمادة للبدء فى الدرس الخصوصي بالسنتر فى أواخر يوليو الجارى، وأوضحت الطالبة أن الحجز بمادة الفلسفة ب40 جنيها وعلم النفس ب40 جنيها والجغرافيا بـ45 جنيها فى الحصة.

فيما أوضح الطالب أحمد حامد بالصف الثالث الثانوى "شعبة أدبية" أنه حاول الحجز عقب الانتهاء من امتحاناته بالصف الثانى الثانوى فى أول يونيه الماضى إلا أنه تفاجأ بإنتهاء الحجز فى مراكز الدروس الخصوصية، مشيرا إلى أن الغالبية العظمى من المدرسين الذى حاول أن يأخذ عندهم دروس خصوصية يمنحون الدروس الخصوصية فى المراكز أو السناتر فقط، وهو ما اضطره أن يحجز فى مراكز الدروس الخصوصية بمنطقة تبعد عن منطقته السكنية، قائلا: "مضطر أعمل كده واروح مكان بعيد عشان اخذ دروس خصوصية"، لافتا إلى أن أسعار الدرس الخصوصي لكل مادة تختلف من منطقة لأخرى.

وفى منطقة المعادى، قالت الطالبة نادين أحمد، بالصف الثالث الثانوى "شعبة علمى علوم"، أن أشهر مراكز الدروس الخصوصية فى منطقة المعادى "سنتر فيوتشر"، "سنتر الرحمة"، و"سنتر الرواد "، لافتة إلى أن سعر الحصة بهذة السناتر تعد موحدة ، حيث أن سعر حصة اللغة العربية 60 جنيها، والكيمياء 60 جنيها، واللغة الإنجليزية 50 جنيها، والفرنسية 55 جنيها ، والفيزياء 70 جنيها ،والاحياء 60 جنيها.

فيما قالت صفية محمود، والدة الطالب مروان بالثانوية العامة، أنها كأحد أولياء الأمور بدأت الاستعداد بالحجز لدى مراكز الدروس الخصوصية عقب انتهاء امتحانات الصف الثانى الثانوى مباشرة، حيث أن بعض المدرسين المشهورين يتهاتف الطلاب على الحجز لديهم ومن ثم فإن خطوات الدخول فى مراكز الدروس الخصوصية بدأت بشكل سريع..لافتة الى ان الحصة الواحدة فى المادة الواحدة بـ50 جنيها بخلاف الملازم ، مؤكدة انها ترى مراكز الدروس الخصوصية مع بدء العام الدراسي متكدسة بالطلاب ،فمثلا مدرس اللغة العربية والملقب باخطبوط اللغة العربية فى منطقة فايدة كامل يحضر له فى الحصة الواحدة 100 طالب "، وأضافت أن أى ولى أمر معذور حيث أنه يذهب إلى السنتر مضطر وليس بإختياره لأنه لو اعتمد على المدرسة وما يقدم فيها من معلومات وخدمة تعليمية فإن أبنه سيكون الخاسر الأول فى النهاية.

والتقطت أطراف الحديث ولية أمر أخرى وتدعى سامية سمير، ولى أمر الطالب عماد، أنه لا يوجد طالب واحد فى الثانوية العامة، لا يحصل على درس خصوصى، والمراكز بدأت الحجز للطلاب وتسجيل الأسماء ومنحهم كروت الحجز قبل بدء موسم امتحانات الثانوية العامة ، موضحة ان الدروس الخصوصية فى تلك المراكز لا يستطيع الطالب أن يتخلى عنها رغم أنها مرهقة للأسر ويتحمل أولياء الأمور مبالغ ضخمة..موضحة انها ترصد قرابة 20 الف جنيه كميزانية للدروس الخصوصية فى المواد التى سيحصل عليها نجلها اضافة لشراء الملازم ، موضحة ان مدرس اللغة العربية طلب من الطلاب اثناء الحجز بمركز الدروس الخصوصية تسديد مبلغ 150 جنيها مقابل الحصول على كتاب خاص به سيشرح منه خلال العام الدراسي هذا بخلاف سعر الملازم فى كل حصة، قائلة: "هذا مدرس واحد فمابالك بباقى مدرسى المواد الأخرى".

من جهته قال الدكتور رضا حجازى رئيس قطاع التعليم العام بوزارة التربية والتعليم، إنه للأسف الطلاب تعودوا على الدروس وأيضا الملزمة التى يحصل عليها من المعلم والحفظ والتلقين ولا يريد أن يتعب، وأوضح أن الطالب يريد المنهج الدراسى فى شكل كبسولة ويظل يحفظ ويردد فيها طوال العام حتى دخوله الامتحان والإجابة وانتهى الأمر.

وقال حجازى إن قضية الدروس لا تتوقف على أسلوب الامتحان والأسئلة أكثر من كونها ثقافة ترسخت لدى الطالب وولى أمره والقضاء عليها بتغيير أسلوب التقويم ودخول الجامعة وهو ما تعمل عليها الوزارة فى الوقت الراهن.

وأضاف رئيس قطاع التعليم العام أن نظام البوكليت أسهل بكثير من النظام السابق ويستطيع الطالب أن يخفف عن أسرته جزء كبير من قضية الدروس الخصوصية، موضحا ان الوزارة وفرت خلال السنتين الماضيتين مجموعة من الامتحانات الاسترشادية لو لجأ أى طالب إليها وتم مراجعتها مع الاستعانة بالمدرسة فإنه سوف يحصل على كم من المعلومات تؤهلة لأن يحل أى امتحان فى نهاية العام الدراسى..وقال ان نظام التعليم الجديد الذى سيطبق بداية سبتمبر المقبل سيكون نواة للقضاء تدريجيا على ظاهرة الدروس الخصوصية.

وأوضح أن الوزارة بمفردها لا يمكنها مواجهة مراكز الدروس الخصوصية، وأوضح أن المحليات تستطيع إغلاق الأماكن غير المرخصة وهذه الأماكن تمثل النسبة الغالبة من تلك المراكز..مشيرا الىان أعضاء الضبطية القضائية بوزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى، اصدرت قرارات غلق لقرابة 2000 مركز للدروس الخصوصية منذ بداية عملها فى أواخر عام 2015 وحتى الآن.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً