«العاشر من رمضان».. معركة صيام أعادت الحياة للعرب.. المصريون يخدعون إسرائيل بالقمح.. شهدت أول تنسيق حقيقى بين الوزارات

تحل اليوم ذكرى حرب العاشر من رمضان 1973 تلك الذكري التي اهتزت لها القلوب طربا وفرحا وسجدت لها الجباه شكرا لله وسقطت فيه أسطورة وهمية كانت تسمي نفسها إسرائيل أمام قوة الجيش المصري، ففي تمام الساعة الثانية وخمس دقائق "انطلقت 220 طائرة مقاتلة لعبور قناة السويس لتدمير العدو الإسرائيلي".

وعلى الرغم من عطش الحناجر هجم جنود الجيش المصري ببسالة وقوة على العدو الإسرائيلي الذي اتخذ سيناء وهضبة الجولان مقرا له مغتصبا الحقوق بذلك، وصنعت القوات المسلحة قناطر وجسورًا للعبور عليها، مكونة من أجزاء، تُركب في الحال، ويوصل بعضها ببعض، فتكون جسرًا فوق الماء تعبر فوقه المصفحات والمجنزرات والدبابات إلى البر الآخر؛ حتى يستطيعون عبور خط برليف المنيع، وهذا عمل مصري خالص، لم يشترك فيه خبراء أجانب؛ ولهذا حُفظ السر، ولم يبح به أحد.

عادت الحياة مرة أخرى إلى العرب فقد حققت الأهداف الاستراتيجية المرجوة من وراء المباغتة العسكرية لإسرائيل، فقد كانت هناك إنجازات ملموسة فى الأيام الأولى بعد شن الحرب، حيث توغلت القوات المصرية 20 كم شرق قناة السويس، وتمكنت القوات السورية من الدخول فى عمق هضبة الجولان وصولًا إلى سهل الحولة وبحيرة طبريا.

وفي 31 مايو 1974 انتهت الحرب وفقا لما يعرف باتفاقية فك الاشتباك، حيث وافقت إسرائيل على إعادة مدينة القنيطرة لسوريا وضفة قناة السويس الشرقية لمصر مقابل إبعاد القوات المصرية والسورية من خط الهدنة وتأسيس قوة خاصة للأمم المتحدة لمراقبة تحقيق الاتفاقية.

استردت مصر جميع الأراضي في شبة جزيرة سيناء إلى جانب استرداد السيادة على قناة السويس كاملة كما عادت حركة الملاحة فى قناة السويس فى يونيو 1975، كما مهدت الطريق لاتفاقية "كامب ديفيد" والتى عقدت بين مصر وإسرائيل فى سبتمبر 1978، على إثر مبادرة الرئيس الراحل أنور السادات التاريخية في نوفمبر 1977 وزيارته للقدس.

شارك في الحرب عدد من الدول العربية على مستوي الدعم الاقتصادي والعسكري فنجد من بين تلك الدول سوريا والسعودية والاتحاد السوفيتي.

دفع المصريون ثمن نصر العاشر من رمضان بعدما تأثر الاقتصاد بالحرب فمثلا شركة المحلة للغزل والنسيج كانت تنتج شبكات التمويه والمشمعات الخاصة بالمعدات الحربية ولم تكن تنتج الشركة هذه المنتجات قبل ذلك، وكذلك شركة الحديد والصلب استعدت للحرب بانتاج بعض التجهيزات الهندسية و«الخوذ» الخاصة بالجنود وأيضا شركات الأغذية والمعلبات استخدمت فى إنتاج «التعيينات» الميدانية للضباط والجنود، كما كان لتحويل الاقتصاد إلى الحرب أثر مباشر على الصناعة المدنية.

استطاعت الدولة في تلك الفترة أن تضع خطة لخداع العدو من أجل توريد السلع الاستراتيجية مثل القمح على مدد زمنية غير منتظمة حتى لا تلفت انتباه العدو الى أن الدولة تقوم بتخزينها، وقد تم تحقيق الاحتياطى اللازم من هذه السلع ليكفى احتياجات الدولة لمدة 6 أشهر قبل الحرب مباشرة.

جدير بالذكر أن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر أنشا ما يعرف بمجلس الدفاع الوطني 1968 وكان يهدف إلى وجود تنسيق فعلى بين مؤسسات الدولة لتذليل العقبات فى سبيل اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة والابتعاد عن الاجراءات الحكومية الروتينية المعروفة، وتسهيل كل العقبات التى تواجه أى خطوة فى الحرب، فمثلا إذا كان هناك قرار بإنشاء كوبرى يمر فوق أحد الممرات المائية أو الترع لمرور القوات من فوقه أصبحنا هنا أمام 3 جهات معنية بالأمر، الجهة الأولى وزارة النقل باعتبارها منفذ المشروع، ووزارة الرى التى تقوم بوضع مخاضة من الحجر الجيرى لمنع انسداد الترعة حال انهيار الكوبري، وأخيرا القوات المسلحة التى ستستخدمه، ووجود هذا التنسيق بين الجهات الثلاث يعنى إنجاز المشروع فى أقصر وقت ممكن، وكان يتكون المجلس من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء و5 وزارات أساسية هى (الدفاع، والداخلية، والخارجية، والإعلام، والمالية) بالإضافة الى باقى الوزارات وعدد من الجهات السيادية.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
البنك المركزي يقرر تثبيت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض.. للمرة الخامسة على التوالي