تتواصل أعمال الجولة العاشرة من محادثات أستانا بشأن سوريا والمقامة في مدينة سوتشي الروسية، وتركز المحادثات على ملفات مكافحةِ الإرهاب والمعتقلين وعودة اللاجئين إلى وطنهم الأم، إلى جانب مسألة اللجنة الدستورية.
الخلافات بين الأطراف السورية في اللقاء السابق حالت دون تحولات حقيقية في اتخاذ قرار بتشكيل لجنة معنية بعملية الإصلاح الدستوري، إلا أن هذه الجولة على ما يبدو ستعطي دفعة إلى الأمام.
وقال عضو الائتلاف الوطني السوري ياسر فرحان المعارضة السورية في اجتماع استانا:" ناقشت المعارضة مع الاطراف الدولية موضوع اللجنة الدستورية وارسلوا للمبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا قوائم بالمرشحين للجنة وهذا الموضوع يحتاج لتحديد آلية عمل هذه اللجنة وضمان أن تكون متسقة مع قرار مجلس الأمن 2254، نحن سنسمع الإجابات من السيد دي ميستورا حول تصوره لهذه اللجنة وآلية عملها وسنقيم بعد ذلك ماهية النقاط الإيجابية وماهي النقاط التي سندخل في نقاشات آخرى معمقة بخصوصها، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، كيف سنستطيع أن نضع دستور في ظروف ليس فيها استقرار ؟
وتابع بقوله:" الدستور الجديد يجب أن يتم الاستفتاء عليه بشكل حر ونزيه من قبل الشعب السوري، مشكلتنا لا تكمن في الدستور فقط بل في الأجهزة الأمنية ووجود نظام لا يحترم الدستور، وعلى روسيا أن تمارس الضغط الكافي من أجل أن تقوم سوريا بإطلاق سراح المعتقلين."
وأكد فرحان بأن وفد المعارضة السورية قدموا إلى اجتماع أستانا لاختبار جدية الأطراف الضامنة ومدى قدرتهم على تنفيذ التزاماتهم والضغط على النظام ليقوم بإطلاق سراح المعتقلين ووقف أعمال التعذيب والتصفية في المعتقلات وفق معايير القانون الدولي. وقال:"نحن سنمضي قدما لإطلاق سراح المعتقلين من خلال أتخاذ إجراءات عملية تقضي بتنفيذ بنود الاتفاقات التي تم توصل أليها خلال الجولات السابقة من خلال مجموعة العمل المشكلة".
وتابع بقوله: "بدأ النظام بتسجيل المعتقلين في دوائر النفوس كوفيات دون أن يسلم الجثث ودون أن يقوم بإجراء تحقيق محايد من قبل جهة محايدة أيضا، وهذا يشكل خطر على مصير عشرات الألاف من الموجودين بين المتظاهرين السلميين."
وشدد على أهمية وجود التزام حقيقي باتفاقية خفض التصعيد في إدلب والساحل والتي عقدت في أستانا، خاصة بعد تصريحات الرئيس السوري بشار الأسد بالقيام بعملية عسكرية في منطقة إدلب، وقال: "القيام باجتياح هذه المناطق يشير إلى عدم وجود رغبة بالالتزام بهذا الاتفاق، المنطقة مكتظة بأكثر من 4 مليون سوري مدني، جزء منهم هجر إلى مناطق آخرى وجزء آخر من هم من أبناء هذه المنطقة وبالتالي نريد أن نضمن حماية هذه المنطقة وحماية الاتفاق فيها وحماية المدنيين فيها."
وشدد على أهمية الدور الروسي في فرض الزام النظام السوري بعدم استهداف منطقة إدلب، وعدم خرق هذا الاتفاق.
وأشار إلى وجود مشكلة كبيرة اخرى في إدلب في حال حدوث خرق لهذا الاتفاق، وقال:"الناس المتواجدون هناك أين سيذهبون، حتما سيهجرون الى مناطق أخرى وهذا يفاقم ازمة اللاجئين في الوقت الذي تطرح روسيا فيه عودة اللاجئين وهذا يستدعي بالضرورة أن نحمي المقيمين والنازحين داخليا في إدلب والساحل."
ولفت فرحان إلى أن قضية عودة المهجرين يستدعي بالضرورة حماية إدلب من أي استهداف، كما يستدعي بالضرورة إعادة أملاكهم، التي صودرت سواء بالقانون رقم 10 والمرسوم 66 أو في المحاكم الميدانية، أو بصدور أحكام بحقهم بتهمة الإرهاب، وهم في حقيقة الأمر أشخاص سلميين، مؤكدا بان هذا الأمر من شانه أن يقلص فرص عودة اللاجئين إلى وطنهم، وقال:"لا يمكن أن ينجح مشروع عودة اللاجئين، اذا لم يتم فرض بيئة آمنة تحفظ حياتهم وحرياتهم، وبالتالي أي مشروع لعودة المهجرين يستلزم بالضرورة حماية الناس وإطلاق سراح المعتقلين ووقف التعذيب، والسماح للمنظمات الحقوقية الدولية والصليب الأحمر بان تدخل إلى هذه المعتقلات.
وفي سياق متصل أكد بأن الأطراف الضامنة هي أمام اختبار، فاذا لم تحقق نتائج واضحة فان مسار أستانا كله مهدد بالانهيار، "وقال: اذا عجزت روسيا عن إطلاق سراح امرأة سورية واحدة من المعتقلات فكيف سيثق الشعب السوري بانها قادرة أن تصنع أو ترعى حل سياسي، وبالتالي هذا الموضوع يستدعي أن تنجح هذه المفاوضات في حماية إدلب والالتزام بالأتفاق ثانيا وقف التعذيب والتصفية في المعتقلات وإطلاق سراح المعتقلين."
وتابع قائلا: النظام لا يريد حلا سياسيا بل يعتمد على الحل العسكري، ويقع على عاتق روسيا مسؤولية ألزام سوريا بالتفاهمات المنجزة أن كان فيما يتعلق بموضوع المعتقلين أو موضوع آخر وهو وقف استهداف إدلب والساحل، وايضا هناك طرف اخر هو إيران، والتي تسعى لإقامة مشروع توسعي يحمل سمة طائفية عنصرية تثير الكراهية بين مكونات الشعب السوري كما ان التغلغل الإيراني في مؤسسات الدولة السورية وفي عمق المجتمع السوري يشكل عائق لأي حل سياسي، وهذه الظاهرة غير مرغوبة من قبل جميع الأطراف السورية سواء من المؤيدين او المعارضين، كما وبشكل خطر خلق فوضى من جديد في سوريا."
واختتم بقوله:" إن انتشار قوات رصد ومراقبة تركية، خطوة من شانها أن تؤمن التزاما من قبل المعارضة بتخفيض التصعيد، ونحن بالتأكيد نريد حل المشاكل الداخلية في إدلب من دون أن يكون هناك ثمنا كبيرا لحرب يدفع المدنيون ثمنها من النساء والاطفال".