علي الرغم من المشقة نتيجة للصيام، يعد شهر رمضان شهر البركة والانتصار والغزوات، حيث دارت أغلب المعارك التي كانت دائما ما تكلل بالنصر لصالح المسلمين، فكان شعار المسلمون فيها مجاهدة النفس والاعداء معا.
ففي هذا الشهر المبارك اندلعت حرب أكتوبر عام 1973 من خلال هجوم مفاجئ من قبل الجيش المصري والجيش السوري على القوات الإسرائيلية التي احتلت سيناء وهضبة الجولان، وساهمت في الحرب بعض الدول العربية سواء عسكريًّا أو اقتصاديا، وخلال تلك الحرب حقق الجيش المصري والسوري إنجازات ملموسة علي ارض الواقع نتج عنها السيطرة علي قناة السويس وتحطم اسطورة الجيش الإسرائيلي.
غزوة بدر
وفي 17 من رمضان، وقعت أحداث غزوة بدر وكانت في العام الثاني من الهجرة، وقادها سيدنا النبي صلي الله عليه وسلم ضد قريش ومن حالفها بقيادة عمرو بن هشام المخزومي القرشي "أبو جهل"، وسميت باسم "بدر" نسبة الي منطقة بدر التي وقعت المعركة فيها، وبدر بئرٌ مشهورةٌ تقع بين مكة المكرمة والمدينة المنورة.
انطلقت المعركة من خلال محاولة اعتراض عيرٍ لقريشٍ متوجهة من الشام إلى مكة يقودها أبو سفيان بن حرب، ولكن أبا سفيان تمكن من الفرار بالقافلة، وأرسل رسولًا إلى قريش يطلب عونهم ونجدتهم، فاستجابت قريشٌ وخرجت لقتال المسلمين. كان عددُ المسلمين في غزوة بدر ثلاثمائة وبضعة عشر رجلًا، معهم فَرَسان وسبعون جملًا، وكان تعدادُ جيش قريش ألفَ رجلٍ معهم مئتا فرس، أي كانوا يشكِّلون ثلاثة أضعاف جيش المسلمين من حيث العدد تقريبًا.
وانتهت غزوة بدر بانتصار المسلمين على قريش وقتل قائدهم أبو جهل، وكان عدد من قُتل من قريش في غزوة بدر سبعين رجلًا وأُسر منهم سبعون آخرون.
أما المسلمون فاستشهد منهم أربعة عشر رجلًا، ستة منهم من المهاجرين وثمانية من الأنصار.
وقد تمخَّضت عن غزوة بدر عدة نتائج نافعةٍ بالنسبة للمسلمين، منها أنهم أصبحوا مهابين في المدينة وما جاورها، وأصبح لدولتهم مصدرٌ جديدٌ للدخل وهو غنائم المعارك، وبذلك تحسن حال المسلمين المادي والاقتصادي والمعنوي.
فتح مكة
اما في 20 من رمضان، في السنة الثامن من الهجرة، وقع "فتح مكة" الذي استطاع المسلمون من خلاله ضم مكة.
ومن أهم أسباب الغزوة انتهاك قريشٍ للهدنةَ التي كانت بينها وبين المسلمين، وذلك بإعانتها لحلفائها من بني الدئل بن بكرٍ في الإغارة على قبيلة خزاعة من حلفاء المسلمين، فنقضت بذلك صلح الحديبية.
وردًّا على ذلك، جَهَّزَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم جيشًا قوامه عشرة آلاف مقاتل لفتح مكة، فتحرَّك الجيشُ حتى وصل مكة، ودخلها سلمًا بدون قتال، إلا ما كان من جهة خالد بن الوليد رضي الله عنه، إذ حاول بعضُ رجال قريش بقيادة عكرمة بن أبي جهل التصديَ للمسلمين، فقاتلهم خالدٌ وقَتَلَ منهم اثني عشر رجلًا، وفرَّ الباقون منهم.
كان من نتائج فتح مكة اعتناقُ كثيرٍ من أهلها للإسلام، ومنهم سيد قريش أبو سفيان، وزوجتُه هند بنت عتبة، وكذلك عكرمة بن أبي جهل، وسهيل بن عمرو، وصفوان بن أمية، وأبو قحافة والد أبي بكر الصديق، وغيرُهم
ولمَّا نزل النبي صلى الله عليه وسلم بمكة واطمأنَّ الناسُ، جاءَ الكعبة فطاف بها، وجعل يطعنُ الأصنامَ التي كانت حولها بقوس كان معه، ويتلو آيات من القرآن الكريم:
«جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» و«جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ»
عين جالوت
وفي 25 رمضان 658 هـ، وقعت أشهر المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي وهي معركة "عين جالوت" التي استطاع من خلالها جيش المماليك بقيادة سيف الدين قطز إلحاق أول هزيمة قاسية بجيش المغول بقيادة كتبغا.
وقعت المعركة بعد انتكاسات مريرة لدول ومدن العالم الإسلامي، فقد سقطت الدولة الخورازمية بيد التتار في 15 شوال 628 هـ 9 أكتوبر 1239، ثم سقطت بغداد وسقطت معها الخلافة العباسية بعد حصار دام أيامًا، انتهى بدخول المغول بغداد واستباحتهم للمدينة وقتلهم الخليفة العباسي المستعصم بالله.
وفي نفس العام استطاع هولاكو ومعه قائده كتبغا احتلال جميع مدن الشام وفلسطين وإخضاعها لهم، كانت مصر في تلك الفترة تئِنُّ من الصراعات السياسية الداخلية، انتهت هذه الصراعات باعتلاء سيف الدين قطز عرش مصر سنة 657 هـ 1259 سلطانًا لمماليك مصر. والذي بدأ بالتحضير لمواجهة التتار، فقام بترتيب البيت الداخلي لمصر وقمع ثورات الطامعين بالحكم، ثم أصدر عفوًا عامًا عن المماليك الهاربين من مصر بعد مقتل فارس الدين أقطاي بمن فيهم بيبرس.
ما إن انتهى قطز من تجهيز الجيش حتى سار به من منطقة الصالحية شرق مصر حتى وصل إلى سهل عين جالوت الذي يقع تقريبًا بين مدينة بيسان شمالًا، ومدينة نابلس جنوبًا في فلسطين، وفيها تواجه الجيشان الإسلامي والمغولي، وكانت الغلبة للمسلمين، واستطاع الآلاف من المغول الهرب من المعركة واتجهوا قرب مدينة بيسان، وعندها وقعت المعركة الحاسمة وانتصر المسلمون انتصارًا عظيمًا، وأُبيد جيش المغول بأكمله
استطاعت المعركة ان تغيير موازين القوة بين القوى العظمى المتصارعة في منطقة الشام، فقد تسببت خسارة المغول في المعركة في تحجيم قوتهم والقضاء على أسطورتهم التي أرهبت القاصي والداني.
فتح الأندلس
أما "فتح الاندلس" كان في 28 رمضان 92 هجرية عندما بدأت حملة عسكرية على مملكة القوط الغربيين إسبانيا، التي حكمت شبه جزيرة أيبيريا، بجيش معظمه من الأمازيغ بقيادة طارق بن زياد، الذي نزل عام 711م في المنطقة التي تعرف الآن بجبل طارق، ثم توجّه شمالًا حيث هزم الملك رودريك هزيمة ساحقة في معركة وادي لكة.
واستمرت حتى عام 107 هـ 726م واستولت على مناطق واسعة من إسبانيا والبرتغال وجنوب فرنسا.
وفي 5 رجب 92 هجرية عبر طارق بن زياد بجنوده إلى موضع الجبل الذي ينسب إليه اليوم، وسيطر على ذلك الموقع بعد اصطدامه بالحامية القوطيَّة، ثم أقام عدة أيام في قاعدة الجبل نظَّم خلالها جيشه، واستولى على القلاع والمدن القريبة مثل قرطاجنة والجزيرة الخضراء، ثمَّ تقدم باتجاه الغرب حتى بلغ خندة جنوبي غربي إسبانيا التي يقطعها نهر برباط عبر وادي لكة الشهير، وعسكر هناك.
حين بلغ رودريك خبر جيش المسلمين جمع جيشًا وزحف به من عاصمته طليطلة. وحين بلغ طارق خبر حجم حشود رودريك، طلب المدد من موسى بن نصير فأمده بخمسة آلاف مقاتل، ليصبح جيشه 12،000 مقاتل. والتقى الجيشان في 28 رمضان 92 هـ 17 يوليو 711 م قرب شذونة جنوب بحيرة خندة عند وادي لكة، فهزم المسلمون جيش رودريك، وفر هذا الأخير ولم يظهر مرة أخرى، وبذلك صار الطريق سالكًا أمام المسلمين لاستكمال فتح الأندلس.