لم يتوقع العجوز البلجيكي، أن المشهد الأخير من حياته، ينتهي على يد سائقه الذي كان يعمل معه منذ فترة، فعلى الرغم من تأمين عمارة المهندسين بمنطقة دار السلام في المعادي، بشركات خاصة إضافة إلى البوابين، إلا أن المجرم كسر كل هذه الحواجز، ليصل إلى مبتغاه، والذي كان يكمن في تهديدات مستمرة للرجل "البلجيكي" الذى لم يكترث بكل ما قدمه له من إحسان، على مدار علاقتهما الممتدة مع بعضهما البعض، منذ أمدٍ بعيد، إلا وأن الشيطان لعب دوره وقدم له فرصة سرقة شقته، ولكن الحظ لم يخدمه وسقط في فخ جريمته الشنعاء، ومن المؤسف في ما حدث، أن الشاب الذي قام بهذه الفاجعة كان أكبر المستفيدين من هذا الرجل، حيث كان يعمل سائقا لدي الضحية، فما كان جزاء الإحسان الذي قدمه العجوز البلجيكي لسائقه إلا القتل عمدا.
كاميرا "أهل مصر" انتقلت إلى عمارات المهندسين والتي شهدت وقوع الجريمة الدموية التي ذاع صيتها أول أمس بمنطقة دار السلام في المعادي، لكشف معلومات جديدة عن هذا الحادث، وما الأسباب الأخرى التى أدت إلى وقوعها، والاستماع أيضا إلى أهالي المنطقة للإفادة عن علاقة أخلاق القتيل، وكيف كانت معاملة القاتل له.
"كانت سيرته كويسه بين السكان وماشوفناش منه حاجة وحشة" كلمات بدأ بها المهندس عادل سيف 59 عاماً ورئيس إتحاد ملاك العمارة التي يقطن بها المجني عليه "البلجيكي"، حديثه قائلاً: "أن المجني عليه كان عجوز، حسن السيرة بين سكان العمارة، لم يصدر عنه أي مشكلة تدينه طوال الفترة التي عرفناه فيها، ولم يكن هناك أحد يتردد على منزله، لأنه يعيش وحيدا في شقته منذ فترة".
وتوقع سيف، أن هذا العجوز كان محط أنظار لهؤلاء المجرمين، نظرًا لثروته ولأنه يعيش وحيدا رغم كبر سنه، وأن الواقعة حدثت في وقت القيلولة، مؤكدا أن العمارة التي كان يسكن بها القتيل لديها بوابين، وشركة أمن خاصة منظمة، تقوم بعملها علي أكمل وجه، إلا أن المجرم استطاع الوصول إلي الرجل وفعل معه ما فعله، وعندما علمنا بخبر قتله انتابتنا حالة من الزهول والفزع.
وأوضح أن المتهم كان يتردد على المجني عليه بصفة مستمرة، وأن آخر يوم كان برفقته تمكن المتهم من دخول عمارات المهندسين وكسر حاجز التأمين ودخل الشقة الموجود بداخلها عادل العارف يحمل الجنسية البلجيكية، القاطن بمفرده لايعوله أحد وهو يتقاضى معاش شهريا، مضيفًا أن المتهم الذي ارتكب الواقعة يدعى «محمود .ف"، وهو سائقه السابق كان يعمله معه لفترة قليلة، ومادفعه لارتكاب فعله هو السرقة وليست إرغامه على التوقيع على تنازل عن الشقة التي يقطن بها، وقد تعود تفاصيل الواقعة عندما كشفات أجهزة الأمن بالقاهرة غموض العثور على جثة شخص مقتولاً داخل شقته بمنطقة دار السلام، وتمكنت من ضبط المتهم، وتبين أنه سائق سابق لدى المجني عليه خطط لمقتله.
وتلقى مأمور قسم شرطة دار السلام، إخطارا من شرطة النجدة بوجود بلاغ من الأهالي، بالعثور على جثة مصري يحمل الجنسية البلجيكية مقتول داخل شقته، بعد خروج رائحة كريهة من داخل الشقة، فحاول الجيران الطرق على الباب، وعندما لم يتم الاستجابة أخطروا الشرطة.
ونجحت الإدارة العامة لمباحث القاهرة، برئاسة اللواء أشرف الجندي، مدير الإدارة، فى كشف غموض وتحديد وضبط مرتكبى واقعة مقتل مسن داخل شقته بدائرة قسم شرطة دار السلام، وكان قسم شرطة دار السلام قد تلقى بلاغا من الأهالى بالعثور على شخص متوفى داخل شقة بالعقار رقم 3 ب أبراج المهندسين كورنيش النيل بدائرة القسم، وعلى الفور انتقلت القوات الأمنية إلى محل الواقعة، وبالفحص تم العثور على جثة "عادل. م. ا"، 70 سنة، أعمال حرة، ومقيم محل البلاغ، بمدخل إحدى الغرف مقيد اليدين والقدمين بـ"أفيز" بلاستيكى وبها إصابات عبارة عن نزيف دموى بالوجه والرأس، وعثر بجوار الجثة على عصا خشبية "عكاز" خاص بالمجنى عليه وبه آثار دماء وأخرى مكسورة، وتبين سلامة جميع المنافذ.
وبسؤال "عيد. ع. أ"، 30 عام، سائق لدى المجنى عليه، ومقيم بدائرة القسم، قرر أنه حضر إلى مسكن المجني عليه حسب اتفاق سابق بينهما وتلاحظ له عدم وجود كاميرات المراقبة المثبتة على باب الشقة وعدم تجاوب المجني عليه فكسر الباب الخشبى للشقة وعثر على المجنى عليه على النحو المشار إليه، من خلال جمع المعلومات وتكثيف التحريات توصلت جهود فرق البحث إلى تحديد مرتكبى الواقعة وهم كل من "محمود. ف. ع"، 27 سنة، سائق، ومقيم بدائرة قسم شرطة 15 مايو، و"ياسر. ع. م"، 45 سنة، حداد، ومقيم بدائرة قسم شرطة حلوان، وله محل إقامة آخر بدائرة قسم شرطة 15 مايو، مسجل شقى خطر "فرض سيطرة"، سبق ضبطه واتهامه فى 9 قضايا آخرها "سرقة متجر" خال الأول، و"فؤاد. ع. أ"، 26 سنة، سائق، ومقيم بدائرة قسم شرطة 15 مايو، والمطلوب التنفيذ عليه فى قضية "تبديد" بالحبس سنة.
وعقب تقنين الإجراءات وبإعداد الأكمنة اللازمة، أسفرت إحداها عن ضبطهم وبمواجهتهم بالمعلومات والتحريات اعترفوا بارتكاب الواقعة، وأقر الأول أنه نظرا لسابقة عمله كسائق طرف المجني عليه منذ حوالي عامين وعلمه باحتفاظه بمبالغ مالية كبيرة بمسكنه اختمرت فى ذهنه فكرة سرقته بالإكراه، وفى سبيل ذلك استعان بالمتهمين الثاني والثالث لتنفيذ مخططه، حيث أعدوا ملابس نسائية "نقاب" ومجموعة من القيود البلاستيكية "أفيز" وتوجهوا لمحل إقامة المجنى عليه مستقلين السيارة رقم "هـ ل ى 360"، ملك المتهم الثالث، وقيادة المتهم الثاني، وارتدى المتهم الأول النقاب وصعد والثالث للشقة سكن المجني عليه وتقابلا معه مُدعيان رغبتهما فى شراء شقة ملكه كائنة بمنطقة دار السلام سبق وأن عرضها للبيع، فاستضافهما المجني عليه وأثناء ذلك قام الثالث بتهديده بسلاح أبيض "سكين" وحال مقاومته له تعديا عليه بالضرب بعدد 2 عصا خشبية "عكاز المعثور عليهما بمكان الواقعة" وتكميمه وتكبيله بالقيود البلاستيكية "الأفيز" حتى تأكدا من وفاته، واستوليا على مبلغ مالى "12 ألف جنيه، جواز سفره، هاتف محمول، مشغولات فضية "إنسيالات وخواتم"، وخشية ضبطهما نزعا كاميرات المراقبة الخارجية والجهاز الخاص بها.
وبمواجهة المتهمين الثانى والثالث بأقوال الأول أيداها وأضاف الثانى باقتصار دوره على توصيلهما وانتظارهما لحين تنفيذ الواقعة، وأضافوا بتخلصهم من كاميرات المراقبة والجهاز الخاص بها وجواز سفر المجنى عليه بحرقها وإلقائها بالمنطقة الجبلية بدائرة قسم شرطة 15 مايو، وضبطت بإرشادهم، وتم بإرشادهم ضبط السيارة المستخدمة فى الواقعة وكذا مبلغ مالى 9 الآف جنيه، ومشغولات فضية "إنسيالات وخواتم"، وإنفاقهم باقى المبلغ المالى على متطلباتهم الشخصية، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال تلك الواقعة.