تعيد الولايات المتحدة فرض عقوبات واسعة ضد إيران بدءًا من اليوم الاثنين، والتي سبق تعليقها نتيجة لإنجاز خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن برنامج إيران النووي.
وعلى الرغم من أنه وفقا للاتفاق، فإن آلية عودة العقوبات لا يتم النظر فيها إلا في حالة انتهاك إيران للاتفاقيات، وهو ما لم يحدث، فقد أعلنت الولايات المتحدة ذلك من جانب واحد. ولم يدعم هذا القرار أي طرف في الاتفاق المتعدد الأطراف.
ويتوقع الخبراء فرض عقوبات على المؤسسات الأجنبية في الأسابيع المقبلة. وفقا لمصادر وكالة "سبوتنيك"، خلال المحادثات مع الأوروبيين، لم يقدم الشركاء الأمريكيون أية إجابات واضحة حول كيفية خطط الولايات المتحدة لفرض العقوبات. كما أن واشنطن أيضا لم تقدم بعد بديلاً عن خطة العمل الشاملة المشتركة.
وجرى إبرام الاتفاق بين إيران والوسطاء الدوليين الستة (روسيا، الولايات المتحدة ، بريطانيا ، الصين ، فرنسا ، ألمانيا) في تموز/يوليو 2015، والتي تفرض قيودا على تطوير البرنامج النووي الإيراني في مقابل رفع العقوبات الاقتصادية والمالية.
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم 8 مايو، انسحابه من الصفقة الإيرانية، حيث انتقدها لفترة طويلة ، لكن الأطراف الآخرين في الاتفاقية، ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين ـ كانوا يأملون في الحفاظ عليها في شكلها الأصلي.
وبعد إعلان ذي صلة، نشرت وزارة الخزانة الأميركية معلومات حول العقوبات التي سيتم إعادة فرضها ومتى.
أي أنه في فترة الـ 90 يوما، حتى 6 من أغسطس، سيتم تجديد العقوبات ضد حيازة إيران لسندات الدولار، والعقوبات المفروضة على تجارة الذهب والمعادن الثمينة الاخرى ؛ بيع وتوريد أو تجارة الألمنيوم والصلب، وذلك الغرافيت والفحم؛ بيع أو شراء الريال الإيراني بكميات "كبيرة"، أو الاحتفاظ بأموال أو حسابات "مهمة" خارج البلاد باستخدام الريالات الإيرانية ؛ لإصدار الديون الإيرانية. عقوبات ضد السيارات الإيرانية. بالإضافة إلى ذلك ، تسحب واشنطن، التصاريح المعطاة في إطار خطة العمل الشاملة المشتركة، بشأن إمكانية إيران تصدير السجاد والمنتجات الغذائية إلى الولايات المتحدة.
وقال الخبير البارز في الشأن الإيراني من مجموعة الأزمات الدولية (إنترناشونال كرايسز غروب)،علي فايز، إن العقوبات التي ستدخل مرة أخرى حيز التنفيذ في 6 أغسطس، هي غير نفطية وتستهدف المعاملات المالية وتجارة المعادن الثمينة والتأمين وخدمات النقل. وأضاف الخبير أن:"العقوبات الأكثر إيلاما، والتي تستهدف قدرة إيران على تصدير النفط، سوف تدخل حيز التنفيذ في 4 نوفمبر".
وأشار إلى أنه مع توقع الانسحاب الأمريكي، فإن معظم الشركات متعددة الجنسيات قد أعدت نفسها بالفعل للخروج من إيران. وفي الوقت نفسه، فإن هؤلاء، "الذين لديهم حضور محدود في الولايات المتحدة وشهية متزايدة للمخاطرة"، ليسوا قلقين بشأن إنهاء أعمالهم في إيران.
على الرغم من حقيقة أن جميع الأعضاء "الستة" أعلنوا التزامهم بالاتفاق مع إيران، فإن الأعمال التجارية تعيش وفق قواعدها الخاصة. وبحسبة بسيطة جداً، فإذا كان الدخل في إيران أقل من الدخل في الولايات المتحدة، فإن احتمال ترك الشركات للسوق الإيرانية مرتفع.
ووفقًا لوكالة بلومبرغ، فإن شركات عملاقة مثل توتال، ومايرسك، وبيجو ، وجنرال إلكتريك، وفرعها بيكر هيوز، وهونيويل، وبوينغ ، ولوك أويل، وريلاينس، ودوفر، وسيمنز، أعلنت بالفعل رحيلها عن إيران.
كما قال ممثلو شركة روبيرت بوش، وإيرباص، وشركة شل، سيمنز لوكالة"نوفوستي"، بأن شركاتهم ستلتزم بجميع المتطلبات والقيود اللازمة لمواصلة العمل في إيران فيما يتعلق بفرض عقوبات من قبل الولايات المتحدة.
وقبل فرض العقوبات، التقى ممثلو وزارة الخارجية والخزانة الأمريكية مع شركائهم في الخارج لشرح الموقف الأمريكي. غير أن، دبلوماسي أوروبي رفيع المستوى تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لوكالة "نوفوستي"، بأن الولايات المتحدة لم تقدم توجيهات واضحة بشأن الاستثناءات التي يمكن أن تكون للشركات أثناء تطبيق العقوبات الثانوية.
هذا، ويحذر المشرعون الأمريكيون، الأوروبيين: بأنه لن يكون من الممكن الالتفاف على العقوبات. وفي وقت سابق بعث أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري، رسالة بهذا الشأن إلى سفارات كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، في الولايات المتحدة، وذلك حسبما أفاد موقع بوابة الأخبار t-online.de.
وفي رسالتهم ، دعوا الدول إلى الالتزام "بكافة العقوبات الأمريكية"، مشيرين إلى أن محاولات "التهرب أو تقويض القوانين الأمريكية" من شأنها أن تسبب "قلقًا خاصاً". وكان مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأميركية، قال في وقت سابق للصحفيين إن إدارة ترامب "لن تخجل" من معاقبة الشركات الأجنبية التي لا تمتثل لنظام العقوبات.
ووفقا لـ فايز: "تبدو وزارة الخزانة الأميركية مهتمة بمعاقبة عدة شركات أجنبية في وقت مبكر، وذلك من أجل تعليم الآخرين درسا ومنعهم من القيام بأعمال تجارية مع إيران". ويعتقد الخبير: "يمكن للوزارة القيام بذلك نظريا في الأسابيع القليلة المقبلة".
وأوضح، أن هناك بعض الشركات الأوروبية والآسيوية الصغيرة والمتوسطة، وهناك العديد من الشركات الصينية والروسية الأكبر التي لا تزال في إيران. يمكن أن تصبح في نهاية المطاف هدفاً للعقوبات الأمريكية.
في نفس الوقت، أضاف الخبير، أن النتيجة النهائية تعتمد على الآليات التي سيستخدمها الأعضاء الآخرون في خطة العمل الشاملة المشتركة، لحماية شركاتهم من العقوبات الأمريكية وردع السلطات الأمريكية عن استخدام مثل هذه الإجراءات.