أثار المقترح الذي أعلن عنه رئيس مصلحة الضرائب المصرية عماد سامي، والخاص بتعديل قانون البنك المركزي والجهازي المصري، لاسيما المادة "99" من القانون والمتعلقة بسرية الحسابات البنكية، والتي بموجب التعديل المقترح، يحق لوزير المالية السماح لمأمور الضرائب بالكشف عن الحسابات المصرفية للشركات والأفراد والإطلاع عليها، في محاولة من مصلحة الضرائب مواجهة حالات التهرب الضريبي، والتي تُهدر مليارات الجنيهات على خزانة الدولة المصرية، حالة من الجدل الواسعة في الأوساط البرلمانية والمصرفية.
ومع حساسية هذه التصريحات التي تُنال من الجهاز المصرفي في مصر، خرج محافظ البنك المركزي، طارق عامر، عن صمته، ليعلن رفضه لما تضمنه هذا المقترح، ويبعث برسالة طمأنة للعملاء والمودعين، مفادها حرص البنك المركزي على حماية سرية حسابات العملاء، وأن حسابات الأفراد والشركات كفولة تمامًا بضمان البنك، ولا يحق لأحد الإطلاع عليها.
في الوقت ذاته، حذر نواب البرلمان، من خطورة المفترح الذي تعتز وزارة المالية التقدم به إلى مجلس النواب، ومن خطورة التصريحات التي أبداها رئيس مصلحة الضرائب، في الوقت الذي تسعى فيه الدولة المصرية إلى تهيئة الأجواء لجذب الاستثمارات.
وأضافوا، في تصريحات لـ"أهل مصر": أن هذا القانون سيقضي على محاولات الحكومة لجذب رؤوس الأموال إلى مصر، وسيعطي صورة سيئة عن الأجواء مصر، وهو أمر لن يساعد أي مستثمر يضع أمواله، وتدفعهم للهروب من مصر، فضًلا عن أن هذا المقترح مخالف للقانون والدستور.
وقال عمرو غلاب، رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب، إن المقترح الذي أعلنه رئيس مصلحة الضرائب، خانه التوفيق والصواب، فلا يمكن أن تُعلن مثل هذه المقترحات عبر تصريحات إعلامية وصحفية فمن شأنها أن تثير البلبلة داخل المجتمع، وهو أمر لا يصب في مصلحة الدولة، في الوقت الذي تسعى فيه بقوة نحو جذب الاستثمارات الأجنبية.
وأضاف : كان يجب على رئيس مصلحة الضرائب أن يتشاور مع وزارة المالية ويدرسوا ذلك المقترح قبل أن يخرج على الرأي العام، وهو أمر بلا شك تعاني منه الدولة المصرية بأكملها يخرج أي مسؤول يتحدث كما يشاء دون مراعاة التنسيق بين الجهات المعنية، التداعيات المترتبة على حديثه.
ويرى النائب محمد فؤاد، عضو لجنة الخطة والموازنة، أن حسابات المصرفية للشركات والأفراد "سرية" بموجب القانون والدستور، وأي أمر يحق للإطلاع عليها بغير الطرق المعروفة قانونًا يعتبر مخالفة صريحة، نعلم جيدًا أن هناك حالة إفلات وتهرب ضريبي تُهدر على الدوة المصرية مليارات الجنيهات في الوقت الذي نحن فيه أحوج إلى كل مليم، لكن ليس هذا المقترح الذي يحق الإطلاع على حسابات المودعين، وحده قادر على مواجهة حالات التهرب الضريبي.
وتابع، لدينا تجارب عديدة للدول كثيرة نجحت في مواجهة حالات التهرب الضريبي دون اللجوء إلى إفشاء حسابات العملاء، لافتًا إلى أن مجلس النواب لم يصل إليه هذا المقترح ولن ينظر إليه حتى بعد وصوله، وسيقابل بالرفض الشديد.
وهاجم النائب علاء عابد، رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، ونائب رئيس حزب مستقبل وطن، المقترح الذي تعتزم وزارة المالية تقديمه للبرلمان قائلا:" نتحدث عن جذب إستثمارات، والدولة والحكومة والبرلمان يبذلون ما في وسعهم لتهيئة الأجواء وتوفير التسهيلات اللامة لجذب رؤوس الأموال، ثم يخرج علينا رئيس مصلحة الضرائب، بمقترح غير مدروس ويتحدث عنه، دون أن يراعى تداعياته والتي من شأنها أن توصل للمستثمرين، سورة وانطباع سئ عن الأوضاع في مصر عمومًا والاقتصاد المصري بصفة خاصة، وبالتالي كل الجهود والمحاولات التي نقوم بها ستبوء بالفشل، بسبب تصريح غير مدروس وغير مسؤول.
وأضاف :" أن المادة 97 من قانون البنك المركزي، تؤكد أن حسابات العملاء وودائعهم وخزائنهم في البنوك المصرية (سرية) ولا يجوز لأحد الإطلاع عليها إلا بإذن كتائب من صاحب الحساب البنكي بنفسه، وبالتالي هذا المقترم يضرب بالقانون والدستور عرض الحائط، ويتضمن مخالفة وانتهاك صريح للقانون".
ومع زيادة حدة الهجوم على هذا المقترح، لم يكن أمام مصلحة الضرائب سوى أن ترفع الحرج عن نفسها، وخرجت ببيان تدافع فيه عن نفسها، أن تصريحات رئيسها، أساء البعض فهمها، وأن ما يقصده خلاف المُثار حاليًا، مشددة على أن بيانات الممولين "سرية" ولا يجوز لأحد الإطلاع عليها إلا بناء على موافقة الممول نفسه، وكذالك نفس الحال ينطبق على حسابات عملاء البنوك "سرية" ومصانة بموجب البنك المركزي والقانون رقم 91 لسنة 2005.
ووفقًا لنص المادة "97" من قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى: "تكون جميع حسابات العملاء وودائعهم وأماناتهم وخزائنهم فى البنوك وكذلك المعاملات المتعلقة بها سرية، ولا يجوز الاطلاع عليها أو إعطاء بيانات عنها بطريق مباشر أو غير مباشر، إلا بإذن كتابى من صاحب الحساب أو الوديعة أو الأمانة أو الخزينة، أو من أحد ورثته أو أحد الموصى لهم بكل أو بعض هذه الأموال، أو من النائب القانونى أو الوكيل المفوض فى ذلك أو بناء على حكم قضائى أو حكم محكمين".
ويسري الحظر المنصوص عليه فى الفقرة السابقة على جميع الأشخاص والجهات بما فى ذلك الجهات التى يخولها القانون سلطة الاطلاع أو الحصول على الأوراق أو البيانات المحظور إفشاء سريتها طبقًا لأحكام هذا القانون، ويظل هذا الحظر قائمًا، حتى لو انتهت العلاقة بين العميل والبنك لأى سبب من الأسباب.
بينما نصت 98 على أن "للنائب العام أو لمن يفوضه من المحامين العامين الأول على الأقل من تلقاء نفسه أو بناء على طلب جهة رسمية أو أحد من ذوى الشأن، أن يطلب من محكمة استئناف القاهرة الأمر بالاطلاع أو الحصول على أية بيانات أو معلومات تتعلق بالحسابات أو الودائع أو الأمانات أو الخزائن المنصوص عليها فى المادة السابقة أو المعاملات المتعلقة بها إذا اقتضى ذلك كشف الحقيقة فى جناية أو جنحة قامت الدلائل الجدية على وقوعها.
ولأى من ذوى الشأن فى حالة التقرير بما فى الذمة بمناسبة حجز موقع لدى أحد البنوك الخاضعة لأحكام هذا القانون أن يتقدم بالطلب المشار إليه فى الفقرة السابقة إلى محكمة الاستئناف المختصة.
وتفصل المحكمة منعقدة فى غرفة المشورة فى الطلب خلال الأيام الثلاثة التالية لتقديمه بعد سماع أقوال النيابة العامة أو ذى الشأن".