"رويترز": الملك سلمان حجم صلاحيات ولي عهده ويعطل تحركاته

كتب : وكالات

"المصلح" و"المنقذ" هي أكثر الصور التي حاول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان رسمها لنفسه منذ توليه منصبه (2017)، إلا أن الصورة الآن باتت مهددة بعد القرارات التي يتخذها الملك سلمان، وتوصف بأنها "تقوض سلطة" الأمير الشاب.

وآخر هذه القرارات ما نقلته وكالة "رويترز" للأنباء، بخصوص وقف طرح حصة نسبتها خمسة في المئة من شركة النفط الوطنية السعودية (أرامكو) في سوق الأسهم.

وبحسب الخطة السعودية، فإنه كان من المنتظر أن يصبح إدراج أرامكو في البورصة الركيزة الأساسية في برنامج الإصلاح الاقتصادي الموعود في المملكة، إذ كان من المستهدف أن تبلغ حصيلته 100 مليار دولار، وهو أكبر طرح عام أولي من نوعه على الإطلاق.

​وتقول وكالة بلومبرغ في تقرير لها، اليوم الثلاثاء، إن طرح شركة "أرامكو" في البورصة كان ضمن خطة ينتهجها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لإحداث إصلاح شامل لاقتصاد البلد، الذي يعتمد بشكل أساسي على عائدات النفط، وأشارت الوكالة إلى أن السعودية كانت بحاجة وفقا لخطة ولي العهد إلى قطاع خاص حيوي وتنافسي وتطوير الصناعات غير النفطية، معتبرا أن بناء الاقتصاد في المستقبل لم يعد قادراً على الاعتماد على الثروة الموجودة تحت رمالها.

ولفتت الوكالة إلى أن تحركات بن سلمان الاقتصادية تزامنت مع إصلاحات اجتماعية قام بها، تتعلق بتحجيم سلطة رجال الدين المحافظين، ومنح المرأة السعودية بعض الحقوق التي كانت تطالب بها، والتي أهمها السماح للنساء في المملكة بقيادة السيارة.

غير أن بلومبرغ أشارت إلى أن محمد بن سلمان انطلق في الاتجاه الخاطئ عندما قرر بيع أسهم شركة النفط العربية السعودية، وهي أكبر شركة نفط في العالم.

ولفتت إلى أن هذه الخطة كانت طموحة للغاية: فقد بلغت قيمة الشركة نحو 2 تريليون دولار، وكان من المقرر أن يتم الاكتتاب العام الأول الضخم بحلول هذا العام. والآن تم تأجيل الصفقة إلى أجل غير مسمى، مما يمنح ولي العهد فرصة لإعادة تقييم استراتيجيته للإصلاح من خلال اتباع إجراءات أكثر عملية.

وأشارت بلومبرج إلى أن على ولي العهد أن يتحرك سريعا. لأن قرار وقف طرح أسهم "أرامكو" في الاكتتاب العام، سوف يعطي المستثمرون وقفة، وهروب رؤوس الأموال، وهي مشكلة خطيرة بالفعل قد تتصاعد.

ومن جانبها اعتبرت وكالة "رويترز" أن قرار الملك سلمان "ضربة قوية لبرنامج الإصلاح، رؤية المملكة 2030"، الذي طرحه الأمير محمد ويهدف إلى إحداث تغيير جوهري في الاقتصاد السعودي الذي تعد الدولة المحرك الرئيسي له.

غير أن مسئول سعودي سابق نفى أن يكون لقرار الملك أي تأثير على خطة 2030، وقال عضو الهيئة الاستشارية لدول مجلس التعاون الخليجي ووكيل وزارة المالية السعودية السابق والخبير الاقتصادي عبد العزيز بن نايف العريعر، إن الفكرة كانت في الأساس هي تزويد صندوق الاستثمارات العامة السعودي بسيولة تمكنه من الاستثمار في شركات ومساهمات تدر دخلا على ميزانية الدولة.

وتابع "الآن مع زيادة السيولة، يرى صندوق الاستثمارات العامة، والملك سلمان بن عبدالعزيز، أنه ليست هناك حاجة إلى السيولة الإضافية، وأن ما لديه يكفي على الأقل في السنوات القليلة القادمة، لأن الهدف كان تخفيض عجز الميزانية، والأن الميزانية انخفض عجزها من 19% إلى 4%، أي بنسبة كبيرة، ومن المتوقع في 2019 أن تكون أقل".

وأضاف "هناك توقعات بأن يصل سعر برميل البترول في 2019 إلى 80 و90 دولارا، وإذا حصل هذا لن يحتاج الملك إلى طرح أسهم أرامكو أيضا في البورصة، لأن الطرح ليس عملية سهلة، فالطرح بهذا الحجم الكبير والضخم قد لا تسعره الأسواق بما يتناسب مع حجمه، وربما مع ارتفاع البترول تكون القيمة مرتفعة إذا تم الطرح".

وعن احتمال تأثير قرار الملك سلمان بن عبد العزيز بعدم طرح الـ5% المقررة من أسهم شركة أرامكو في البورصة، على رؤية 2030، التي طرحها الأمير محمد بن سلمان ولي العهد للنهوض باقتصاد المملكة العربية السعودية، قال إن هذا القرار لن يكون له تأثير سلبي، بل بالعكس، فمع ارتفاع سعر البترول حدث توازن الميزانية، بحيث أصبحت الإيرادات أعلى من المصروفات.

ووضعت وكالة رويترز قرار وقف طرح أرامكو في إطار رغبة من الملك سلمان لـ "تحجيم السلطات الانفرادية التي تمتع بها الأمير محمد عقب تولي والده دفة الأمور في البلاد".

وأشارت إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتدخل فيها الملك سلمان ضد توجهات الأمير الشاب، وبحسب "رويترز" أن ما حدث العام الماضي عندما أعطى الأمير محمد الانطباع أن الرياض وافقت على خطة الإدارة الأمريكية غير واضحة المعالم لإحلال السلام في الشرق الأوسط بما في ذلك الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لاسرائيل. غير أن الملك تدخل، وفي القمة العربية التي عقدت في إبريل أكد الملك سلمان التزام الرياض بالهوية العربية والإسلامية للقدس.

​وأكد مصدر لـ"رويترز" أن "الملك تستحوذ عليه فكرة كيف سيحكم عليه التاريخ. فهل سيكون الملك الذي باع أرامكو وباع فلسطين؟"

وأكد المصدر على أنه بالرغم من قرار الملك الأخير وكونه "لطمة لبرنامج الأمير محمد" إلا أنه سيظل ولي العهد الابن الأثير لدى الملك وصاحب نفوذ كبير على السياسة في المملكة، وأن الملك أراد أن يبين أنه سيظل صاحب القول الفصل في المستقبل.

ونقلت الوكالة عن جيمس دورسي الباحث الزميل بمركز راجارتنام للدراسات الدولية في سنغافورة، قوله: "لست واثقا من أنني سأعتبر الأمر إضعافا لسلطة ولي العهد بل هو على الأرجح ضمانة ألا يشط بعيدا".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً