لفت وجود النساء بين صفوف تنظيم «داعش» أنظار العالم، وأثيرت تساؤلات حول جنسياتهن وخلفياتهن الدينية والاجتماعية، وماذا دفعهن لترك بلادهن وأسرهن، والالتحاق بتنظيم مسلح؟
وأكد مرصد الأزهر بالقاهرة، أن "نسبة النساء الفرنسيات اللاتى انضممن لصفوف داعش ارتفعت إلى 35%، بعد أن كانت لا تتعدى 10%، مقارنة بعدد الرجال الذى انخفض".
وأثارت حادثة محاولة اختطاف الطفل آدم محمود علاء من قبل والدته السويسرية والهروب به خارج مصر والانضمام إلى «داعش» فى سوريا الكثير من علامات الاستفهام، خاصة بعد أن رصد زوجها تحولها فى أيام قليلة وانحراف سلوكها تجاه الفكر التكفيرى.
كما قامت والدة أحد شباب الإخوان المعتقلين بسجن العقرب منذ فترة قصيرة بنشر فيديو لها على مواقع التواصل الاجتماعى وهى تعلن مبايعتها للبغدادى وتنظيم داعش على السمع والطاعة، وتؤكد أنها من ولاية القاهرة - حسب زعمهم - وأنها لن تقبل العزاء فى ابنها إذا مات فى السجن أو تم إعدامها، وأن دولة البغدادى سوف تعيد حقها وتثأر لها.
وأشارت تقارير حديثة إلى أن تنظيم «داعش» يسعى إلى تجنيد المزيد من النساء، لا سيّما أنه بات يعتمد على العنصر النسائى فى الكثير من المهمات وأصبح سلاحه الجديد.
ويرى الباحثون أن جذب التنظيم النساء الغربيات أسهل من نظائرهن فى البلدان العربية، لما يحظين به من عقل متفتح، وتعليم جيد، واستخدام للتقنية، وحرية السفر، والاستقلال عن الأهل.
ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» فى ديسمبر 2015 عن أبحاث أجريت فى جامعة جورج واشنطن حول التطرف، من أن (300) أمريكى غالبيتهم من النساء، يدعمون تنظيم «داعش» ويتعاطفون معه ويعملون لحسابه على موقع «تويتر».
وقال خبير أمنى فرنسى لصحيفة «لوباريزيان»، إن «داعش» يولى النساء الفرنسيات أهمية خاصة، لأنهن يظهرن تطرفا «وراديكالية» أكثر من النساء الأوروبيات الأخريات، لهذا السبب يعمد تنظيم «داعش» إلى إطلاق دعوات عبر وسائل التواصل الاجتماعى للفتيات الفرنسيات القاصرات للانضمام إلى صفوفه، مقدمًا الكثير من التسهيلات، لضمان وصولهن إلى الأراضى السورية من دفع أجور السفر وتمويلهن ورعايتهن.
فأكثر من (1000) فتاة أوروبية، اخترن ترك جنة أوروبا، والسير فى دروب «داعش» المحاطة بالمخاطر والموت، وتحقيق حلمهن ب «الجهاد»، وأغلبهن يغادرن دون موافقة أهاليهن.
ووفقا لتقرير صدر عن المركز الدولى لدراسات التطرف التابع للكلية الملكية فى لندن «كينجر كوليدج»، تتراوح أعمار معظم النساء اللواتى انضممن لـ «داعش» بين (16 و24) عاما، والكثير منهن يحملن شهادة جامعية.
وأضاف التقرير: هناك (60) فتاة فرنسية فى سوريا ضمن صفوف «داعش»، و(50) فتاة أخرى وضعن تحت المراقبة فى فرنسا لوجود معلومات تشير إلى تخطيطهن السفر إلى سوريا، بينما انضمت (50) فتاة من بريطانيا، و(40) فتاة من ألمانيا للتنظيم معظمهن يتواجدن فى مدينة الرقة، ومنهن من شاركت بالفعل فى بعض المعارك.
قلق غربى
وفى حوار مع صحيفة «راينيشه بوست» الألمانية، أشار «هانز جيورج ماسن»، رئيس هيئة حماية الدستور (جهاز المخابرات الداخلية فى ألمانيا)، إلى أن أربع قاصرات ألمانيات توجهن إلى العراق وسوريا من أجل الجهاد، بعد أن تعرفن على أزواجهن عبر شبكة الانترنت، وأضاف أن هؤلاء الفتيات لا يعرفن حقيقة الأمر، ولا يعرفن ماذا ينتظرهن هناك.
ونشرت صحيفة «الجارديان» البريطانية تقريرًا يظهر قلق الدول الغربية من مغادرات مئات النساء والفتيات بيوتهن فى الدول الغربية، للانضمام إلى المسلحين التكفيريين فى الشرق الأوسط.
وحسب التقرير فإن هناك فتيات لا تتجاوز أعمارهن (14 و15) عامًا، يسافرن إلى سوريا للزواج من المسلحين الداعشيين، والانضمام إلى مجتمعاتهم، وأن فرنسا حظيت بالعدد الأكبر من المجندات، إذ يبلغ عدد النساء الفرنسيات (25)% من مجموع النساء الغربيات اللاتى انضممن إلى المتطرفين، وأن التنظيم اخترق أيضًا مواطنى أمريكا العدو الأول لـ «داعش» وقام بتجنيد الفتيات فى موطنهن متحديًا، القانون والمباحث الفيدرالية.
زوجة شهيد
وأضاف التقرير أن الفتيات اللائى غادرن منازلهن للزواج بالمسلحين، يجرى تجنيدهن وفق فكرة ضرورة وجود أطفال للجهاديين، لمواصلة انتشار الإسلام، وفى حال قتل زوجها فإنها تحصل على لقب زوجة شهيد، وأن الزواج من مقاتل أمر واجب على النساء المنضمات لداعش، وأن غير المتزوجات يقمن فى منازل مشتركة تسمى ب «المقر»، حتى تدبر زيجاتهن فى أسرع وقت.
كتيبة النساء
من جانبها، نشرت صحيفة «ديلى ميل» البريطانية، تقريرًا عن تدهور الأوضاع الأمنية فى سوريا والعراق، وقيام تنظيم «داعش»، بتأسيس كتيبتين للنساء، تسمى الأولى «الخنساء»، والثانية «أم الريحان»، ومهمتهما القيام بتفتيش النساء على الحواجز، وشرح تعاليم الإسلام لهن، وتوعيتهن على كيفية التقيد بها.
وأشارت الصحيفة أن التنظيم وضع شروطا للالتحاق بكتائب «داعش» النسائية، ومن ضمنها أن تكون الفتاة عزباء، وألا يقل عمرها عن (18) عامًا، ولا يزيد على (25) عامًا، وأنه يحرص على دفع أجور الداعشيات المجندات كل شهر بمبلغ لا يتجاوز (200) دولار.
الجهادية «أقصى»
وأضافت الصحيفة فى تقريرها تفاصيل قصة الجهادية «أقصى محمود» التى انتقلت من «هارى بوتر» إلى الجهاد فى «داعش».
وأوضحت الصحيفة أن «أقصى» تلميذة إسكتلندية، سافرت إلى سوريا فى نوفمبر 2013، للانضمام لمقاتلى التنظيم، ودعت المسلمين لتنفيذ جرائم دموية فى الشوارع البريطانية، عبر مواقع التواصل الاجتماعى على غرار تفجير «ماراثون بوسطن».
وأشارت الصحيفة إلى أن «أقصى» تبلغ من العمر(20) عاما، ودرست فى مدرسة «كريج هولم» الخاصة فى اسكتلندا، وهو أمر لا يتمكن سوى للميسورين، حيث تبلغ مصروفاتها (3500) جنيه استرلينى، ويتذكر أصدقاؤها أنها كانت تتصرّف كرفيقاتها الغربيات، وتحب التبرّج وشراء الملابس، وأنها فتاة مسالمة معتدلة وعادية.
وأوضح والدا «أقصى» كيف أن ابنتهما، كانت مولعة بأغانى فريق «كولدبلاى» البريطانى، وقراءة روايات «هارى بوتر»، وأنها اتصلت بهما من الحدود التركية السورية، لتخبرهما أنها ستراهما مجددًا «يوم القيامة»، وستمسك بأيديهما لتقودهما إلى الجنة.
ولفتت الصحيفة إلى أن «أقصى»، تزوجت عند وصولها إلى سوريا، وتسمى الآن «أم ليث» وتصف حياتها منذ سفرها إلى سوريا بأنها رتيبة، تنحصر بين الطبخ والتنظيف ورعاية الأطفال.
يوميات مهاجرة
وأوضحت مجلة «التايم» الأمريكية أن النساء ينجذبن لداعش من خلال الحملات التى يشنها التنظيم على وسائل الإعلام الاجتماعية، بعدما يتم منحهن وعودًا بالزواج من مجاهدين أتقياء فى دولة إسلامية حقيقية، وهو ما يعطيهن فرصة لتكريس حياتهن لدينهن.
وأضافت المجلة أن صفحة «يوميات مهاجرة» على الفيس بوك، تقدم وصفًا مذهلًا لمجتمع وأسلوب حياة «داعش»، فهم غير مضطرين لدفع إيجار للمنزل، وفواتير ماء وكهرباء، وضرائب وكذلك تصلهم المواد الغذائية الأساسية مجانًا، ويتم منحهم رواتب شهرية لكل فرد فى الأسرة حتى الأطفال، بالإضافة للتأمين الصحى وهدايا الزواج، وتتحدث عن إمكانية الزواج المختلط دون عرقية وتفرقة، وتصف ذلك بالجميل.
قيادات نسائية
خلال هذا المجتمع المغلق ظهرت الكوادر النسائية التى ربما سيطرت على حياة النساء هناك، ويدافعن بقوة عن مبادئ وأفكار التنظيم، مثل:
التوأمان
سلمى وزهرة، صوماليتا الأصل، ويحملا الجنسية البريطانية، انتقلتا إلى سوريا، للانضمام لداعش والزواج من رجاله، وأطلقت إحداهما اسم «أم جعفر» على نفسها، تماشيًا مع الفكرة الدينية التى يتبناها التنظيم، واعترفتا بأنهما سعيدتان بلقبهما «التوأمان الإرهابيتان»، وتعهدتا بعدم عودتهما لبريطانيا، وتتدربا على استخدام القنابل اليدوية، وبنادق كلاشنيكوف.
أم المقداد
تعرف بـ «أميرة نساء» داعش، وهى المسؤولة عن تجنيد الفتيات والسيدات بمحافظة الأنبار العراقية، وتحمل الجنسية السعودية، وتبلغ من العمر 45 عامًا.
أم مهاجر
تحمل «أم مهاجر» الجنسية التونسية، وانتقلت من العراق إلى سوريا برفقة زوجها، بعد تزويج بناتها لكبار المسؤولين بداعش، وهى المسؤولة عن كتيبة «الخنساء» فى الرقة بسوريا، والتى تتكون من (60) امرأة، وتشتهر تلك الكتيبة باللثام الأسود على وجوههن، وحمل الأسلحة الفتاكةً.
ندى القحطانى
هى أول مقاتلة تنتمى لـ «داعش»، وانضمت مع أخيها لصفوف التنظيم، ولقبت نفسها بـ «أخت جليبيب»، وقالت إن سبب انضمامها هو تخاذل أكثر الرجال، وأعلنت نيتها فى القيام بعملية انتحارية، واتهمت الجيش الحر السورى باستهداف المجاهدين، والاعتداء عليهم، خلال الاشتباكات.
خديجة دير
انضمت إلى تنظيم «داعش»، عام 2012 مع زوجها السويدى الجنسية، اعتادت على دعوة بنى جنسها من البريطانيين على الالتحاق بالتنظيم عن طريق حسابها على «تويتر» تحت اسم «مهاجرة فى الشام»، ونشرت مقطع فيديو لها وهى تطلق النار من رشاش آلى.
أم فارس
واحدة من أربع نساء بريطانيات تم التعرف عليهن من قبل السلطات الأمنية البريطانية، تعرف باسم «أم فارس» وتستخدم حسابها على موقع «تويتر» لتصف الحياة مع زميلاتها من نساء«داعش»، داخل مدينة الرقة السورية، وقد أبدت تعجبها فى إحدى التغريدات بعد اكتشافها لوجود عبدة إيزيدية داخل منزل إحدى صديقاتها، المتزوجة من مقاتل فى صفوف التنظيم.
المغنية سالى
كشفت من جانبها إذاعة «مونت كارلو» الدولية، فى تقرير لها أن المغنية البريطانية سالى جونز، أعلنت إسلامها منذ فترة، ثم اختفت وظهرت معلنة زواجها من جهادى بريطانى يدعى جنيد حسين، المشتبه بتنفيذ إعدام الصحفى الأمريكى جيمس فولى بقطع رأسه.
وفى سياق متصل كشفت صحيفة «ديلى ميل» البريطانية فى تقرير لها عن قصة حياة جونز أنها تزوجت من جنيد حسين، أحد مقاتلى «داعش»، سافرت له فى 2013 بعد أن جمعتهما قصة حب طويلة.
وحسين وفقا للصحيفة، كان يعمل هاكر، ويعتبر من أشهر قراصنة الانترنت فى بريطانيا، وحكم عليه بالحبس لمدة (6) أشهر فى 2012، بتهمة سرقة معلومات استخباراتية وأمنية حساسة من مساعدى رئيس وزراء بريطانيا السابق، تونى بلير، ومزج الخط الساخن لمكافحة الإرهاب الذى تستخدمه الحكومة بمكالمات ساخرة.
أستاذة الفقه
«تركت جامعتى الحبيبة، وسيارتى الفارهة، ومنزلى الواسع، وراتبى الضخم لأتخلص من الالتزام بقوانين الطّغاة الآثمة، كاتمى أنفاس الحق لتبقى الأمة فى هوانها، مسوقى أصحاب الكفاءات والخبرات نحو مزيد من الهزيمة والفساد بل والموت والفناء»، بهذه الكلمات عللت الدكتورة السورية إيمان مصطفى البُغا، فى حسابها على «تويتر» تركها التدريس فى جامعة الدمام وانتقالها إلى الشمال السورى لتبايع الخليفة البغدادى، وتعاين الواقع بأم عينيها.
الدكتورة إيمان تحمل شهادة الدكتوراه فى الفقه وأصوله من «جامعة دمشق»، وحاصلة على دبلوم تأهيل تربوى، ومشرفة على قسم الثقافة فى الهيئة العالمية لإعجاز القرآن فى الدمام.
هى ابنة العالم السورى الدكتور مصطفى البُغا الذى يُعدّ أحد أبرز فقهاء الشافعية فى سوريا، وصاحب المؤلفات الشهيرة ويعرفه كل من درس الشريعة فى جامعة دمشق.
وحول أسباب قرار الدكتورة إيمان ترك التدريس ومبايعة «داعش»، تقول على حسابها الرسمى: «غبت عنكم لأنى كنت أبحث عن كهف آوى إليه، للنطق بكلمة الحق، لذا تركت جامعتى الحبيبة».
وأضافت: «منذ أن قرأت مآسى المسلمين، كنت داعشية التفكير والمنهج، أنا داعشية قبل أن توجد داعش» فى إشارة منها إلى تبنى الفكر التكفيرى المتشدد، وقناعتها التامة به.
وأعلنت الدكتورة إيمان المعروف عنها تشددها سابقا، أن «داعش» لا يخالف الشرع فى شىء، رغم قيامه بالكثير من أعمال القتل والتشريد ونكث العهود، والمواثيق مع باقى الفصائل لمجرد مخالفتهم الرأى.
وتقول: «لم أجد فى فعلهم وقولهم ما يخالف الإسلام فى شىء، لم يقنعنى أحد بهم، وإنما أسمع وأتابع، وخاصة أن نفسى لم تسمع الإعلام ولم تشرب فكره الذى غذى فى بعضنا الذل، ووضع فينا الهيبة من عدونا والخوف من اتهاماته لنا وهو يقتلنا».
الأرملة البيضاء
وذكرت صحيفة «ديلى ستار» الأمريكية أن سامنثا لوثويت، الملقبة فى الإعلام الغربى ب «الأرملة البيضاء»، انضمت لتنظيم الدولة الإسلامية فى الشام والعراق «داعش»، لتتولى تدريب نساء جيش التنظيم على تنفيذ التفجيرات الانتحارية.
وأضافت الصحيفة فى تقريرها فى نوفمبر 2014، أن هذه المعلومة مصدرها تقارير استخباراتية ترجح أن الأرملة البيضاء، انضمت لتنظيم «داعش» الإرهابى، مطلع عام 2014، لتصبح واحدة من أقوى نساء التنظيم وأكثرهن نفوذا، بعدما أحيلت إليها مهمة تدريب فرقة خاصة من النساء على تنفيذ التفجيرات الانتحارية فى المستقبل.
ونقلت الصحيفة ما جاء على لسان أحد خبراء الاستخبارات قوله: «لدينا إشارات استخباراتية مهمة تشير جميعها إلى أن الأرملة البيضاء تتولى منصبًا قياديًا لدى داعش.
وسامنانثا لوثويت، (30) عام، هى أرملة كل من جيرمين ليندسى، الذى تعرفت عليه عام 2002، وتزوجته وهو أحد منفذى هجمات لندن يوليو 2005، الأربعة والذى قتل وحده (26) شخصًا من إجمالى (52) هم ضحايا عملية التفجير الرباعية، التى قام خلالها بتفجير نفسه.