حكاية "برشامة" مدمن الإسكندرية.. من الإدمان للاتجار إلى التوبة في الرعاية المركزة

«برشامة ومقص وسيجارة بني»، تأخذك إلى حقنة و«شدة»، ومنها إلى طريق وعرٍ، من التعاطي قد تذهب للاتجار، ويمكن أن تسوقك الأقدار إلى غياهب السجون، وقد يكون الموت هو مصيرك في جرعة عالية، بعد أن يتشبع جسدك بهذه السموم المخدرة، هذا مخلص للعديد من الشباب الذين انجذبوا إلى «مغامرة تجربة المخدرات»، تبدأ بسيجارة ثم قرصًا، وتتطور الأمور إلى حقنة أو «شمة هيروين»، ليسير الشاب في النفق المظلم.

الأمر لا يتوقف عند التعاطي، بعد فترة لا يجد المدمن مالًا ينفق على «مزاجه»، وهنا يلجأ بعضهم للسرقة، والبعض الآخر يلجأ للاتجار في المخدرات، يجد مزاجه ومالًا كثيرًا، العديد منهم ينتهي به الحال إلى السجن أو الموت، وقلة قليلة منهم تنجو وتقرر التوبة والعودة إلى الطريق المستقيم.

مخدرات في كل مكان

الغريب في الأمر مؤخرًا، أنه رغم تكثيف وزارة الداخلية للحملات؛ لمكافحة تجارة المخدرات، إلا أن محافظة الإسكندرية تشهد رواجًا كبيرًا لهذه التجارة المحظورة، بل إن بعض الأماكن تشهد تجارة علنية لها في وضح النهار، ولم يعد «الديلر» أو التاجر يتخفى كما كان يحدث من قبل، وأصبح مشهورًا ويمكن للزبائن السؤال عنه والوصول إليه بسهولة.

التطور الذي أصاب المجتمع، لم يكن فقط مؤثرًا على التكنولوجيا، بل وصل إلى تجارة المخدرات، وسهل الكثير على أصحاب هذه التجارة، وصارت قوات الشرطة تتابع تجار المخدرات على شبكات التواصل الاجتماعي وفي الشوارع والميادين، الأمر الذي جعل هذه التجارة مستمرة في البقاء.

حكاية «برشامة»

«كنت بوزع أقراص الترامادول، والبيع كان بالحباية»، هكذا بدأ «برشامة» أو «سعيد»، أحد الذين تعافوا من الإدمان مؤخرًا، وترك تجارة المخدرات، بوسط الإسكندرية، قصته لـ«أهل مصر».

«كنت ضايع معنديش شغل ومعنديش حد يسأل عليا ويتيم، وكنت كاره الشغل فى المخدرات بس أنا كنت مجبر، وده حال كل المتعاطين، الفراغ وعدم العمل وغياب الوعى وغياب الأب والأم، أسباب رئيسية للانحراف ولتعاطى المواد المخدرة».

وتابع: «أنواع المواد المخدرة الأكثر شهرة ورواجًا في السوق، الترامادول الأحمر والتامول الأبيض، والحشيش اللي بيتباع بالجرام، وكذلك الهيروين والبانجو».

وكشف برشامة عن الأسعار المتداولة للمواد المخدرة، قائلا: «شريط الترامادول وصل سعره لـ250 جنيهًا، والتامول من 200 إلى 250، والحباية الواحدة بـ25 جنيها، و4 جرامات الحشيش الذى يسمى قرش سعره 300 جنيه».

وكشف المتعافى من الإدمان: «تجارة المخدرات لها استراتيجية، وهناك فريق عمل كامل لكل تاجر، من موزعين ومراقبين لحركة رجال الشرطة؛ للتنبيه حال شن حملة من رجال المكافحة، وهنا يجرى إبلاغ الجميع للاختفاء، وهذا هو السبب وراء إفلاتهم بشكل متكرر من قبضة رجال الشرطة».

وأشار «برشامة»، إلى أن بعض تجار المواد المخدرة الكبار، يضمون عشرات الشباب للعمل على زيادة المبيعات وتأمين تجارتهم، وفى نهاية المطاف يضحون بهم إذا لزم الأمر.

توبة «برشامة»

«ماكنش ممكن أفكر أتوب وأبطل مخدرات»، هكذا وصف «برشامة»، حاله حينما كان مدمنًا، يرى في الإدمان طريقه الوحيد، والاتجار بالمخدرات، سبيله لمواصلة الحصول على «المزاج»، ولكن ما الذي دفع هذا «الديلر» والمدمن إلى التوبة؟

«تعبت ووقعت من طولي وفجأة لاقيت نفسي نايم على السرير بالمستشفى في الرعاية المركزة، كل حاجة حواليا صعبة وكأني باموت، وكنت فعلا باموت»، هكذا وصف «برشامة» حالته بعد جرعة زائدة من الترامادول؛ لأن جسده اعتاد على الجرعة العادية وكان بحاجة لزيادتها.

«أنا لازم أبطل أنا مش عايز أموت»، هكذا قال «برشامة» لنفسه بعد أن أفاق قليلاً، وتحدث إلى الطبيب، وأخبره بأنه يريد أن يتعافى من الإدمان، وهنا بدأت الرحلة الأصعب؛ للتعافي من الإدمان، لكن نهايتها كانت النجاح، وتعافى «برشامة».

نقلا عن العدد الورقي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً