انتعشت مهنة "دباغة الجلود" بمحافظة الفيوم، بعدما ظل العاملون بها لأكثر من 8 أشهر دون عمل نظرًا لنقص الجلود، لعدم قيام الجزارين بذبح الخراف أو الماعز، ويكتفون بذبح العجول التي يتم تصدير جلودها للخارج، ويتم بيع المقطوع أو المصاب منه بـ 800 جنيهًا، وهو سعر عالي جدًا لا يتمكن دباغي الجلود من دفعه، كما أنّه لن يُباع بعد دباغته بأسعار عالية، وسيكون سبب خسارة كبيرة لهم.
وقال أحمد محمد (18 عامًا) في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، إنّه يعمل في دباغة الجلود منذ كان عمره 5 أعوام برفقة والده، كما أنّ شقيقيه أحدهم 11 أعوام، والآخر 7 أعوام يعملون أيضًا في نفس المهنة، خصوصًا في أيام موسم عيد الأضحى، حيث تبلغ يومية الواحد منهم 50 جنيهًا يوميًا، أما هو فيحصل على يومية 100 جنيهًا.
وأوضح أنّ الجلود تمر بمراحل كثيرة حتى تصل إلى مرحلتها الأخيرة، ويتم بيعها للمصانع، ويبدأون بغسل الجلود جيدًا من الأملاح والدماء، ثم يتم حلاقة الشعر أو الصوف عن طريق تغطية الجلود بخليط من الجير والأجزا الذي يعملون على إذابة الشعر والصوف خلال 24 ساعة، ثم يتم وضعه داخل برميل خشبي ويدور بداخله، وينزل الشعر والصوف متحلل من البرميل، ويكون عبارة عن مياه سوداء ذات رائحة كريهة.وأشار إلى أنه بعد ذلك يتم غسيل الجلود مرة أخرى، ويتم خلطها مرة أخرى بملح النشادر ومخلفات الحمام لكي تقوم بتهدئة الأورام الناتجة من الجير، ولشفط الجير المتبقي بداخل خلايا الجلد، وبعد ذلك تأتي المرحلة الأخيرة وهي التنحنيط، عن طريق خلط الجلود بحمض الكبريتيك "مية نار" المخفف بالمياه، ويوضع داخل البرميل لمدة ساعة، ثم يتم تنعيمه على ماكينة الجلخ.
وكشف "أحمد" أنّه يتم بيع الجلد الممتاز "نمرة 1" إلى مصانع الجواكيت بـ 7 جنيهات للقدم الواحد، فيما يباع الجلد الجيد "نمرة 2" الذي به إصابات بسيطة إلى مصانع الأحذية والشنط بـ 6 جنيهات للقدم، بينما الجلد المتوسط "نمرة 3" الذي به قطوع وجروح إلى مصانع الديكور ليُصنع منه أطقم المكاتب وأغلفة المصاحف.
وأكد أنه لا يتم إلقاء أي جلود مهما كانت بها عيوب، فالجلد السيئ إمَا يُباع لمصانع تقوم بتصنيع "لي الشيشة" منه بـ 3 جنيهات للقدم، أو يُصدر للصين ليتم تصنيع "القفازات" للحامين والحدادين منهم، لتحميهم من الحروق.
وشدد على أنّه رغم الروائح الكريهة المتصاعدة منها والدماء التي تسيل في كل مكان، إلا أنها مهنة مُربحة، ولا يعمل بها إلا من يعشقها، لافتًا إلى أنه يحلم بإنشاء مدبغة كبرى عندما يكبر، ويعمل بها هو وأشقائه كي لا يعملون لدى أحد.