قبل نحو ساعة من شروق الشمس، يستيقظ "محسن" ليبدأ يومه مبكرًا بالاستعداد لمهمته التي تتكرر يوميًا، يتفقد "حماره" ويطعمه جيدًا، ثم يجهز "الأقفاص" المحملة بالبضاعة، تجهز له زوجته إفطارًا خفيفًا يعينه على عمله الشاق، الذي يستمر حتى قبيل غروب الشمس، ليعود في نهاية يومه بابتسامة رضا و50 جنيهًا هو رزقه اليومي من بيع الفاكهة في سوهاج.
يرفع محسن آدم الذي تجاوز الـ30 عامًا شعار "الرزق على الله"، يجتهد في عمله الشاق من أجل "لقمة عيش حلال" حسبما يروي لـ"أهل مصر"، وكل ما يملكه لتحصيل ذلك هي عربة كارو متواضعة يجرها حماره، لا يمتلك رأس مال أو بضاعة.
لدى محسن آدم، أسرة صغيرة مكونة من زوجته و4 أفراد بينهم أطفال بالمدارس بالمرحلة الابتدائية، يقول: "بقوم كل صباح في عز العتمة، بجهز بضاعتي بمساعدة مراتي على عربة الكارو، وينطلق إلى الشوارع في القرية والقرى المجاورة ليقتات ويكسب قوته وقوت أبنائه بالحلال".
يروي "محسن" تفاصيل رحلته اليومية الشاقة.. "يبدأ اليوم من نهاية اليوم السابق له، بروح الشادر واشتري خضراوات وفواكه وأضعها في المنزل حتى قبل الفجر.. مراتي بتساعدني في تحميل البضاعة على عربة الكارو"، ثم يبدأ التجول في الشوارع المظلمة، والترويج لبضاعته، قد يستغرق ذلك العمل حتى يبيع كامل بضاعته أو يتبقى منها القليل ساعات طويلة تقارب بعد صلاة الظهر، وحسب الكميات التي يقوم بشرائها، فلو كانت كثيرة تأخذ منه وقت أكثر قد يصل لصلاة العصر وإن كانت قليلة يمكن لها أن تباع قبل صلاة الظهر ويذهب إلى بيته ويحمد الله.
قبل أن يستقر محسن على ظهر حماره، كان يسافر إلى محافظات الوجه البحري، حيث يعمل في المعمار، لكن الحال لم يدوم طويلًا: "بعد الزواج السفر بقى صعب وميفعش أسيب أسرتي وحيدة في منزل بين الزراعات، ففكرت في عمل مشروع يقوم من خلاله بتلبية متطلبات أسرته، فلم أجد سوى عربة كارو وحمار ويقوم ببيع الخضراوات والفواكه عليها".
يبدو محسن راضيًا بما آلت إليه حياته، وبحصيلة "رزقه الحلال"، يقول: "في آخر اليوم بكسب 50 أو 60 جنيه بعد بيع الفواكه والخضراوت وسداد ثمنها لأصحاب الشوادر، وثمن الأكياس التي اشتريها للبيع فيها"، ويضيف: "اشتغل أحسن ما أنام في البيت جمب عيالي أو أمد أيدي لأبويا وأخويا عشان يدوني أكل وشرب أنا والعيال"، يؤكد أنه لا يملك مصدر رزق إلا عربة الكارو تلك ويعيش رفقة أبنائه وزوجته بمنزل من الطوب الأبيض وسقفه من الجريد والأفلاق.