في الإسكندرية.. هدم "الشرقية للكتان والقطن" أحد أكبر القلاع الصناعية.. وتشريد عمالها

هدم فى الاسكندرية

لم تنجو شركة "الشرقية للكتان والقطن" بمنطقة الرأس السوداء، شرق الإسكندرية، أحد قلاع الصناعة بالمدينة الساحلية، من الإغلاق والهدم مثل هو حال مصانع المدينة التي غطى جدرانها الغبار، وتعطلت تروسها وتوقف إنتاجها وتشرد العمال، ذلك بعد أن اضطرت إدارة الشركة لغلق أبوابها وتسريح عمالها عام 2007؛ بسبب تراكم الديون عليها والتي بلغت 100 مليون جنيه، لتتحول أرضها إلي مقلب قمامة ترتع فيه الفئران.

وظل الإهمال يضرب الشركة إلي أن استيقظ أهالي الإسكندرية مؤخرا علي أصوات معاول هدم أسوار ومباني ذلك الصرح الصناعي الضخم، بعد أن تم بيع أجزاء من أراضيه إلى إحدى شركات المقاولات، وجاء ذلك بعدما تراكمت الديون علي الشركة للبنوك، وفشل كل المناشدات فى إعادة تشغيل الشركة العريقة.

وكانت قد بدأت الشركة إنتاجها فى عام 1964، واحتلت مع السنوات مكانة مرموقة حتى أنها كانت تصدر إنتاجها إلى الخارج، وتضم الشركة وحدات للغزل والنسيج، والوبريات، وغزل الكتان، والملابس الجاهزة، وبلغ رأس مالها قبل الإغلاق 338 مليوناً و74 ألف جنيه، ووفقاً لميزانية 2012/2013 فقد بلغت خسائرها قبل الإغلاق قرابة الـ4.7 مليون جنيه، بسبب تراكم الفوائد على الديون السابقة لها لصالح بنكي "الأهلي ومصر".

وأثار هدم الشركة جدلا كبيرا بالشارع السكندري نظرا لما كانت تحتله من مكانة مرموقة وكانت إحدي أكبر قلاع صناعة الغزل والنسيج بالمدينة، فضلا عن تشريد الآلاف من عمالها.

"إيهاب الجمل"، أحد عمال الشركة، يقول إن الشركة بدأت اتخاذ في إجراءات التصفية عام 2006 وكانت الأولي في الشرق الأوسط لصناعة غزل الكتان، وكان يعمل بها نحو 8000 عامل، وكانت تتعامل مع معظم الشركات بمصر، وتستورد وتصدر للخارج، وكان الاتحاد الأوروبي قد رفع ضدها قضايا إغراق في السوق الأوروبي، وكانت الشركة تُصنِّع للجيش الروسي خراطيم إطفاء ومظلات جوية "براشوت"، وأيضا كانت تُصنِّع لشركة مصر للطيران وللفنادق جميع الأقمشة، الأمر الذي يعكس حجم العمالة وحجم التجارة التي تعود بالنفع علي الاقتصاد القومي.

وأضاف "الجمل"، أنه وجميع عمال الشركة لم يقفوا صامتين مكتوفي الأيدي بعد أن تم تسريحهم وإيقافهم عن العمل، حيث لجأوا إلي المجلس العسكري الذي كان يتولي زمام الأمور حين ذاك، والتقوا بالدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء حينها، وأيضا بأعضاء مجلس النواب لإنقاذ الشركة، وأنهم فعلوا ذلك لا لأجل وقفهم عن العمل وإنما لما تمثله الشركة من أهمية وما تُدِر من خيرات وأموال للدولة بما يعود بالنفع علي أبنائها، ولكنهم فشلوا في سعيهم: "الفساد في بلدنا أكبر مننا كلنا".

وقالت "هناء الجزار"، إحدى العاملات بالشركة، إنهم استطاعوا وقف بيع الشركة بالمزاد العلني بشتي الطرق حرصا على عدم ضياع هذا الصرح الصناعي العظيم الذي كان يغذي العالم كله بجودة منتجاته: "ولكن لصوصها أقوي بنفوذهم"، بحسب قولها، مشيرة إلى أنه من المحتمل أنه لم يتم بيعها وإنما تم اغتصاب أرضها لأنه لم يتم الإعلان عن بيعها ولا يوجد قرار صادر بهدمها.

فيما قال "أحمد غزال"، أحد أهالي الإسكندرية: "الله يرحم أيام العمال عندما كان أثناء تبديل الورادى كل الناس بتُرزق وكان لا يوجد باعة جائلين وكلهم كانو بيكملوا بعض"، وأضاف: "لسة باقى أراضى شركات الشعب التي هي فى طريق جميلة أبو حريد تجاه منطقة العوايد سيأتي دورها.. فبدلا من إعادة تشغيلها وتعيين عدد كبير من المواطنين وناس كتير هتاكل عيش ونعيش، يتم هدمها".

وكان قد صرح النائب عبد الفتاح محمد عبد الفتاح، عضو مجلس النواب عن دائرة المنتزه أول بالإسكندرية، بأن الشركة مغلقة منذ عام 2007 وعليها ديون لبنكي "مصر والأهلى" بقيمة 100 مليون جنيه، مشيرا إلي أنه فوجئ بتعليق لافتة علي أسوار الشركة بعرضها للبيع في مزاد علني، مؤكدا أن أزمة خصخصة شركات القطاع العام مازالت مستمرة، على الرغم من مطالبات الرئيس السيسي بإعادة تشغيل الشركات، مطالباً الحكومة بضرورة وقف بيع شركات القطاع العام وإعادة تشيغلها وعمل إحلال وتجديد لها.

وأوضح "عبد الفتاح"، أن الشركة كانت تتكون من ٣ وحدات، الأولى خاصة بغزل القطن والتى تم بيعها بمبلغ هزيل جدًا، والثانية خاصة بغزل الكتان وكانت متميزة بإنتاجها فى الشرق الأوسط، مضيفا أنه تم إعداد عنبر بـ ٧ ملايين جنيه، وبعد ٧ شهور تم بيعها بمبلغ ١٣ مليون جنيه فى عهد الرئيس الأسبق مبارك، والجزء الثالث هو مبنى الإدارة والنسيج والورش الخاصة بالسيارات وقطع الغيار.

ولفت عضو مجلس النواب، إلى أن الشركة أُغلقت فى عام 2007، حيث قامت إدارة الشركة وقتها بالضغط على العمال الذى يبلغ عددهم 6 آلاف عامل لإحالتهم للمعاش المبكر مقابل مبالغ متدنية للغاية.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً