تعيش شيماء صلاح، 35 سنة، مأساة حقيقية بعد أن حول التقصير والإهمال الطبي داخل مستشفي العامرية العام بالإسكندرية حياتها إلي دمار وسرق لحظات الفرح بعدما علمت أنها في انتظار مولود جديد، لم تعلم شيماء، أن بداية شعورها بألم وبأعراض حمل سيقودها في النهاية إلي مأساة تبدأ من عبورها أبواب المستشفى، لتبدأ معاناة حقيقية ورحلة في البحث عن حل لمشكلتها التي حولت حياتها إلي جحيم بسبب ما عانته من تقصير وإهمال طبي داخل المستشفى.
"أنا بموت كل ساعة واتحطمت نفسيا"، هكذا بدأت تسرد الأم مأساتها لـ"أهل مصر"، مشيرة أن البداية عندما شعرت بألم شديد وغثيان وشكّت في أنها حامل وقررت أن تذهب لعمل أشعة في أحد المسشفيات الخاصة فأخبرها الطبيب الذي كشف عليها بأنها حامل وأن كيس الجنين صغير للغاية وفي الغالب لن يظل حيّا.
وتسبب ذلك الأمر في صدمة للأم، وقررت التوجه إلي مستشفى العامرية العام الذي يقع علي بعد خطوات من مسكنها، وتحمل معها الأشعة، فحوّلتها الطبيبة التي كشفت عليها بالمستشفى إلي طبيب آخر أخصائي داخل المستشفى للنظر في حالتها.
"الطبيب الأخصائي قال بأني في حاجة لإجراء عملية تنظيف، وطلب مني تناول حبوب برشام يسمي "سايتوتك" وذلك للعمل علي توسعة الرحم ليتم إجراء العملية، كما طُلب إجراء بعض التحاليل والفحوصات" تقول الأم الحزينة، مضيفة أنه نظرا لعدم حدوث توسع في الرحم بعد تناول حبوب "سايتوتك" تم إجراء عملية "تنظيف" لها، وتم وضع "فتيل" لها داخل الرحم خلال العملية وتم إخراجه بعد حوالي ساعة من إجرائها، ثم تم إجراء "سونار" لها وبعد الانتهاء أخبرتها الطبيبة التي أجرت لها العملية أن كيس الجنين لم يخرج بعد لأنه ملتصق في جدار الرحم ولو تم الضغط أكثر من ذلك كان أدي لحدوث ثقب في الرحم، وكتبت لها علي حبوب "سايتوتك" لتتناوله مرة أخري كل 3 ساعات والذي سيعمل علي لين الرحم ونزول الكيس، وطلبت منها العودة يوم آخر للكشف عليها مرة أخري.
وتضيف شيماء، أنها ذهبت إلي الطبيبة بالمستشفي مرة أخري فتم عمل سونار لها مرة أخري وطلبت منها أن تأتي إلي المستشفى وهي صائمة يوم الأربعاء لإجراء عملية لها، وقبل يوم من الموعد المحدد شعرت بألم شديد وخروج دم من الرحم، فذهبت إلي المستشفى وتم إعطاؤها محلول ومسكنات، وفوجئت بعد ذلك بزيادة في نزيف الدم فذهبت إلي المستشفى مرة أخري وعندما كشف عليها الطبيب المتواجد في ذلك الوقت فأخبرها بأن كيس الجنين به نبض وأن الجنين حيّ وليس ميت، فروت له ما حدث لها وما أجرته من عمليات فكتب لها علي مسكنات لتتناولها.
وتابعت الأم أنه في صباح اليوم التالي زاد خروج الدم فذهبت إلي المستشفى للطبيبة التي كانت تعالجها وأخبرتها بما أخبرها به الطبيب بأن الجنين حي إلا أنها نفت ذلك وأكدت لها بأنه ميت، الأمر الذي أصابها بالحيرة، قائلة: "الدكتورة قالت إنه ميت مش حي فقلت لها يعني إيه إمبارح دكتور يقولي إنه حي والنهاردة تقوليلي إنه ميت! أنا نفسيتي تعبت، فقالت لي الجنين مفيهوش نبض، وظللت على هذه الحالة إلي الليل والدم بينزل".
وأوضحت أن الأطباء الذين كشفوا عليها بالمستشفي عددهم 4 من بينهم الطبيبة التي أخبرتها بأن الجنين ميت، وعندما ذهب عقب ذلك لطبيبة أخرى منهم فأخبرتها بأن الجنين حي وليس ميت، الأمر الذي أثار غضبها، وقالت وهي في حيرة من أمرها: "يعني بالليل بيحيا والصبح بيموت يعني!! حد يقولي ويعرفني الحقيقة!!"، مضيفة أن الطبيبة أحضرت لها طبيب آخر بالمستشفي متخصص يدعي "ع" وقام بعمل سونار لها واستغرق قرابة الربع ساعة ثم أخبرها بأن الجنين ميت: "قالي الجنين ميت لكن الكيس كبير فهما شايفين الميه اللي برة مش شايفين اللي داخل الكيس، لكن اللي في الداخل مفيهوش نبض.. وخدي برشامة فولتارين دلوقتي والألم سيذهب إلي أن تأتي مرة أخري يوم الأربعاء".
وتكمل الأم أنها ذهبت إلي المستشفى في يوم الأربعاء مثلما طُلب منها ووجدت الطبيبة التي كانت تعالجها منذ البداية وأخبرتها بمعاناتها خلال فترة تغيبها عن المستشفى فطلبت منها الطبيبة عمل أشعة تليفزيونية، وعندما عادت تحمل الأشعة أخبرتها الطبيبة بأن الجنين به نبض وكتبت لها علي علاج للعمل علي تثبيت الجنين ولانقطاع خروج الدم، ورغم ذلك إلا أنها ظلت تنزف طوال اليوم
واستطردت: "نفسيتي تعبت ومش فاهمة من الدكاترة حاجة، ذهبت إلي مستشفى خاص بجوار مستشفي العامرية وحكيت للدكتورة من البداية كل ما حدث لي، فقالت حبوب "سايتوتك" اللي بتاخديها تقريبا شوهت الجنين، وهذا الأمر معلوم للجميع بأن الجنين يظل حي لكن بيكون مشوه، واللي بياخد حبوب "سايتوتك" والجنين حي لازم بيعمل أشعّة معينة وفي نهاية الشهر الرابع من الحمل أو بداية الشهر الخامس بيظهر إن الطفل مشوه بالفعل وفي هذه الحالة بيتم تنزيل الجنين"، متابعة: "قلت لها يعني هتسيبوا الجنين لحد الشهر الرابع وابقي كويسة وبعدين تنزلوه!! قالتلي ده اللي عندي، برشام "سايتوتك" بيعمل كده وكل الدنيا عارفة إنه بيعمل تشوهات للجنين، إحنا مش بنعطيه إلا للجنين الميت، لكن الجنين الحي مينفعش نعطوه له".
وبحسرة شديدة، قالت الأم إن أطباء المستشفي أعطوها حبوب لتشويه الجنين:"يعني هما أعطوني حاجات تشوه الجنين لا منه نزل ولا منه هيعيش سليم ولا حتي أرتاح!!، أنا في حيرة لا أدري ماذا أفعل، فالجنين إما أن يعيش مشوّه وإما أن أظل متحملة الألم إلي أن أصل لنهاية الشهر الرابع ليخبروني بأنه مشوّه ولازم أنزله.. يعني هما منتظرين لمّا الجنين يتعلق جوايا وتبقي روحي فيه ويقولوا إنه لازم ينزل!!".
وتابعت: "أنا مش عارفة هما هيوصلوني لفين! أنا تعبانة جدا ومدمرة نفسيا، والبرشام ده مأثر عليّا جدا ومعروف مضاعفاته أولها إنه بيتعب المعدة جدا فأنا عايشة علي المحلول ومش باكل ولا بشرب وبرجّع أي أكل ينزل معدتي غصب عني.. كل حاجة في حياتي مالهاش طعم أنا كده بموت كل ساعة.. يعني خليني أموت ولا إن أعيش في الألم اللي أنا فيه ده!".علي الجانب الآخر، قال الدكتور أحمد إبراهيم، مدير مستشفى العامرية العام، إنه تواصل مع الأم وتم الاتفاق معها علي الحضور إلي المستشفى ليتم عرضها علي رئيس قسم النساء والولادة بالمستشفى وأحد الاستشاريين، مؤكدا أنه سيتم التحقيق في كل كلمة ذكرتها الأم وسيتم محاسبة المقصرين.وأشار "إبراهيم"، إلي أن مستشفى العامرية تستقبل أكثر من 700 حالة ولادة شهريا ما بين طبيعي وقيصري، ويتم إجراء حوالي 500 أو600 عملية جراحية شهريا، ويستقبل المستشفى حالات الحوادث من 3 محافظات وأن جميع العاملين بالمستشفى يبذلون قصاري جهدهم لتقديم خدمة طبية جيدة، مؤكدا أنه لن يرضى بالخطأ وسيتم إحالة المشكلة كلها إلي الهيئة الطبية بعد توقيع الكشف عليها.من جانبه، أحال الدكتور محمد أبوسليمان، وكيل وزارة الصحة بالإسكندرية، شكوى الأم إلى الشؤون القانونية للتحقيق فيها ومحاسبة المقصرين.