لم ينتظر الوظيفة، ولم يتفرغ للجلوس على المقاهى مثل الكثير من الشباب الذين تربعوا على عروش المقاهى بحجة "مفيش شغل"، فقرر أن يبحث عن مصدر دخل له خاصة بعد تخرجه من الكلية العام الماضى.
"محمد صبرى القشلان"، صاحب الـ24 عامًا، أحد أبناء محافظة كفر الشيخ، والحاصل على بكالوريوس الهندسة من جامعة كفر الشيخ دفعة مدنى عام 2017م، بتقدير جيد مرتفع، فكر وقرر أن يفتتح مكتبًا للاستشارات الهندسية، على الرغم من أنه حديث التخرج، فلم يخشى من نظرة الناس إليه باعتباره "مهندسًا جديدًا"، وليس لديه الخبرة الكافية، ولكنه أصر على المغامرة، حتى يصنع لنفسه اسما فى بدايته.
كل ما فعله "القشلان"، هو أن قام بتجهيز محل صغير أسفل منزله كان مغلقًا منذ سنوات، ووضع فيه مكتب، وكرسى، وكراسى أخرى للزبائن، ليستقبل أى شخص لديه استشارة هندسية بأسعار مخفضة.
يقول "القشلان"، في حديثه لـ"أهل مصر": "اتخرجت من كلية الهندسة من جامعة كفر الشيخ دفعة مدنى عام 2017م، العام الماضى، بتقدير جيد مرتفع، وأول لما اتخرجت أخدت دورات للتصميم الهندسى، ودورات تنفيذية عشان أكون قادر أنزل موقع وأدير الشغل كويس وبعدها دورت على شغل كتير فمكاتب هندسية، بس لقيت عدد المهندسين كبير جدا خصوصًا إن المعاهد الخاصة بتخرج آلاف المهندسين كل سنة فمكنش فيه فرص عمل متاحة، والفرص اللى كانت متاحة كان فيها استغلال لحديثي التخرج، وكان الشغل من 8 الصبح لحد 4 العصر بيبتدى من 1000 جنيه، فاتجهت انى اشتغل فى بلدى بيلا، مع مهندسين ليهم اسم كبير فلقيت فرص معدوم فيها الضمير، للأسف مهندسين كبار بيمشوا شغل غلط، وبيخدعوا المالك، إلا من رحم ربيى، وطبعا رفضت التعاون معاهم".
وأضاف: "معظم المشاريع الحكومية بيقوم بيها مكاتب مقاولات خاصة، فبعد بحث عن عمل مناسب فى مجالى لمدة سنة كاملة، لقيت مفيش أمل، قررت اعتمد على نفسى، وابتدى شغل خاص وفتحت مكتب استشارات هندسى متكامل، وكانت البداية تنفيذ مبنى 6 أدوار على كفاءة عالية جدا بفضل الله، والحمد لله قمت بعدها بالإشراف على تنفيذ عدة منشآت، وبعدها حبيت أكمل المشوار، وافتتح مكتب خاص بيا للاستشارات الهندسية رغم صغر سنى، وتعاقدت مع مهندسين ديكور على كفاءة عالية للقيام بأعمال الديكورات والتصميمات الداخلية".
وعن طموحاته، أوضح "القشلان": "اللى بطمح ليه حاجتين، أولا فى المجال الهندسى بطمح تنفيذ اقتراحى لرفع قيمة المهندسين فى مصر خاصة الشعبة المدنية لأن عددها الأكبر، الاقتراح هو إن كل مهندس مصري يكون ليه إميل خاص النقابة تطلعهوله بكود معين، ومفيش أى منشأ مهما كان يتم تنفيذه الا لما المهندس بذات نفسه يفتح اميله من أى مكان ويدخل بيانات المنشأ، والنقابة تطلعله تصريح بالعمل فيه فوقتها، والتصريح يطلع عليه كود معين، ويطبعه زى شهادات الثانوية العامة كدا، وفى حالة توقف المهندس عن العمل بشركة معينة يقوم باخطار النقابة من على اميله الخاص بردو، وبكده مفيش عمل هيتم الا بتصريح من المهندس، وعلى مسئولية مهندس، ومنها قيمة المهندس هتترفع، ومفيش عمل مخالف هيتم الا بمعرفة مين المهندس اللى كان مشرف عليه، وبالتالى يتم محاسبته بايقاف التصاريح عنه لفترة معينة، وساعتها مش هيكون فيه استغلال من مكاتب المقاولات لكارنيهات حديثى التخرج، ولا يعملوا شغل باسمه هو ميعرفوش لأن هو بنفسه اللى هيطلع التصاريح من اميله بتاع النقابة، بالاضافة الى تدريس مادة التنفيذ فى الجامعات، يعنى حديث التخرج دا يطلع عارف كل المصطلحات، وكيفية التنفيذ عشان ميبقاش فيه حاجة اسمها حديث التخرج ميعرفش حاجة".
وتابع، "الطموح الثانى طموح شخصى، وهو إنشاء شركة خدمات عامة مهمتها اكتشاف واستغلال طاقات الشباب الاستغلال الأمثل لخدمة المجتمع، يعنى أى شاب عنده مقدرة لعمل شئ معين بيبعت لي جزء من شغله ورقمه وأى شخص محتاج الخدمة دى بيتم التوصيل ما بينهم مع الإشراف على العمل، ومنها توفير فرص عمل للشباب، ومنها خدمة أفراد المجتمع، يعنى مجتمع بيخدم نفسه بنفسه".
وعن نظرته للشباب الذى لا يعمل، يقول "القشلان": "مهما كانت الظروف صعبة أكيد كل واحد من الشباب ناجح فى حاجة معينة، بس لازم يدور عليها كويس، ويسعى وينميها حتى لو كانت مش فى نفس مجال دراسته، وأى شغل الإنسان بيحبه هيكون أفضل من المعيشة من غير شغل وعمل".
وعن وضع المهندسين خلال الفترة الحالية، أكد: "وضع المهندسين خلال الفترة الحالية مأساوى جدا، مع كثرة المقاولات، والمشاريع المقامة، إلا أن أعداد المهندسين المتخرجين كبيرة جدا، وفى سيطرة على مجال العمل من الشركات الخاصة، ولازم تدخل نقابة المهندسين لوضع حد للأمر دا، أما بالنسبة لوضع العمل نفسه فهو مؤسف كذلك لأن مفيش أى وسائل أمان بالنسبة للمهندس وللعمال إلا فى المشروعات الكبرى فقط، وكل يوم مهندس بيفقد حياته بسبب أنه وقع من مكان مرتفع أو بسبب وقوعه على أشاير حديد، والحل هو تطبيق كل وسائل الأمان والاهتمام بحياة كل فرد فى موقع العمل".
ويرى "القشلان"، أن انخفاض نسبة القبول بكلية الهندسة هو السبب الرئيسى فى إقبال الطلاب عليها، "بالنسبة للإقبال على كليات الهندسة هو مازال كبيرًا لكن بسبب الاسم فقط وهو أن يكون الطالب مهندس، وبسبب خيال الناس عن المهندسين إن فلوسهم كتير زى مابيتم الترويج دائمًا، لكن الحقيقة غير كدة خالص، وبالنسبة للإقبال هو إما لكسب اسم فقط أو للبحث وراء سراب الرفاهية".
وعن نصيحته للشباب قال: "كل فرد مننا ليه قيمة في المجتمع، وكل واحد من الشباب يدور على قيمته فين وينميها، كل واحد يشوف بيحب ايه ويعمله، وكلمة دايما بقولها أى عمل أفضل من لا عمل".