اعلان

20 % من وفيات سكان شرق القاهرة بسببها.. تلال القمامة المرتفعة تحاصر العاصمة.. متحدث «القاهرة»: المحافظة ووزارة البيئة تجري أعمال نقل المقالب للصحراء

صورة أرشيفية
كتب : نهى نجم

جبال تحيط بالمدن، وجبال داخل المدن، ومدن فوق الجبال، كل موجود بالكثير من بلدان العالم، ولكن القاهرة فيها جبال من نوعٍ، تحاصرها من كل مكان، تقع في قلبها، على أطرافها، في شوارعها، تحت جسورها، فوق أنفاقها، تلال فوق تلال من القمامة، تنبعث منها روائح كريهة وحشرات، تنتشر الأمراض بين سكانها، ومبادرة تلو الأخرى، لعل شيئًا يتغير، لكن أبدًا لا شيء يتغير، وأقصى الطموحات أن ينتقل تل القمامة من وسط المساكن والأحياء بعيدًا، وكأن القاهرة مكتوب عليها أن تظل محاصرة بهذه الجبال.

20 مقلب قمامة

القاهرة بها 20 مقلب قمامة، أعدت وزارة البيئة خطة للتعامل معها، واتخذت الحكومة إجراءات لوضع مقالب رئيسية تتوفر فيها الاشتراطات البيئية والصحية، على طريق القضاء على القمامة نهائيًا وغيرها من التصريحات التي نسمع عنها فقط، ولكن التطبيق الفعلي غير موجود، ولا يزال المواطنون يرسلون الشكاوى من القمامة، ولكن لا حلول على أرض الواقع للحد من انتشارها والأمراض التي تسببها.

ففي الوقت الذي استطاعت فيه العديد من الدول استغلال القمامة وأعادت تدويرها لتوليد الطاقة الكهربائية، وغيرها في العديد من الصناعات، إلا أن القمامة لدينا أزمة، وليست وسيلة للصناعة والتنمية، والقمامة التي تحولت في الخارج إلى كنز، لدينا تحولت إلى "كوم" لا نعرف قيمته نجدها بالسنوات في الصحراء وعلى الجبال تحاصر العاصمة.

خالد مصطفى، المتحدث الإعلامي لمحافظة القاهرة، قال إن أخطر المقالب الموجودة في العاصمة هي الوفاء والأمل والسلام، مؤكدًا أن تلك التلال كانت خالية من العمران، لكن زحفت التنمية العمرانية إلى المقالب وأصبحت تحاصرها في كل مكان.

وقال إن، مقالب القمامة كانت موجودة في أطراف محافظة القاهرة، وهذه الأماكن كانت خالية من أي عمائر سكنية، ولكن مع الوقت بدأ الزحف العمراني حول تلك التلال من القمامة.

واستطرد المتحدث الإعلامي لـ "أهل مصر"، أن المخاطر المتمثلة في الاحتراق الذاتي والاستخدام الخاطيء للأهالي كحرق "الكاوتش" لاستخراج بعض المعادن فيه كالنحاس وبيعها والكسب من ورائها، كل هذا يزيد الأزمة، خاصةً أن من يفعل ذلك لا يضع في اعتباره المخاطر الصحية التي يسببها لمن حوله.

القطامية والوفاء والأمل والسلام و15 مايو وغيرها من المقالب الموجودة في القاهرة، التي اشتكى منها الكثير من سكانها لمعاناتهم اليومية مع الروائح المنبعثة والأمراض التي تلحق بهم، يقول المتحدث الإعلامي إن البيئة بالتعاون مع المحافظة تستجيب لتلك الشكاوى ويتم بالفعل نقلها بل وغلقها تمامًا حفاظًا على سلامة السكان.

حقيقة التصريحات والخطة

المتحدث الإعلامي للعاصمة، أوضح أن وزارة البيئة أغلقت مقلب السلام تمامًا، ونقلته إلى مدينة العبور، وتم بالفعل إلقاء القمامة منذ بداية شهر سبتمبر الجاري، وكان هذا الإجراء ضرورة؛ بعد بناء مدينتي المحروسة (1،2) بجواره ما جعل نقله ضرورة لا يمكن العدول عنه.

وتابع، أن مقلب "الوفاء والأمل" سيٌغلق أيضًا فور تسليم الشركة الأجنبية المسئولة عنه في 30 ديسمبر المقبل، وسيتم نقله للعبور وتسليمه لوزارة التخطيط والبيئة لاستغلال تلك الأماكن مرة أخرى بما يفيد المجتمع.

ونوه المتحدث الإعلامي أن المقالب الرئيسية في القاهرة تتبع كافة التعليمات الصحية والبيئية.

الحياة مع البعوض والحشرات

رصدت «أهل مصر»، استغاثات سكان المناطق، يعيشون حياة غير آدمية يحوطهم المرض من كل ناحية ويدق الخطر أبوابهم يوميًا، حشرات خطرة وأخرى سامة منتشرة، أرسلوا شكاوى أكثر من مرة للمحافظة.

قال محمود عبد الرحمن، خبير البيئة، إن هناك تقريرًا لجهاز التعبئة والإحصاء لعام 2016، أوضح أن السبب في وفيات منطقة شرق القاهرة يعود لأمراض الجهاز التنفسي بواقع 1400 حالة وفاة من إجمالي 8 آلاف في العام الماضي 2017 بما يقترب من 20%.

وأوضح الخبير البيئي، أن مقالب القمامة الضخمة الموجودة بشرق القاهرة وراء السبب في انتشار أمراض الجهاز التنفسي لسكان مدينة نصر والتجمع الخامس بسبب وجود مقالب "الوفاء والأمل" و"الطوب الرملي".

"لم تعرف الأمراض الصدرية طريقها لي سوى من عامين منذ انتقالي من محافظة الجيزة إلى مدينة السلام"، هكذا بدأت وفاء رمضان حديثها.

وقالت إنها تتلقى العلاج من حساسية الصدر شاكية من الرائحة الكريهة المنبعثة والأتربة والحشرات التي تنبعث يوميًا من مقلب السلام.

بينما أصيبت الفتاة العشرينية أروى حسن بالجيوب الأنفية من سكان مدينة نصر وسبب مرضها هو قربها من مقلبي "الوفاء والأمل" والطوب الرملي" .

وفي منطقة القطامية والتجمع الخامس، اشتكى الشاب وائل محمد عبر من مقلب القمامة "الوفاء والأمل" قائلًا: "إنه من المفترض أن يكون هناك مصانع إعادة تدوير للمخلفات، القمامة الموجودة ستكون صلبة فقط ولكن لاحظنا تراكم القمامة بأنواعها، وانبعاث الأدخنة وتشويه للمنظر العام، مؤكدًا أنه أرسل العديد من الشكاوي وكانت الردود جاري الاستجابة وسيتم نقله وتحويله لحدائق وتارة أخرى يقولون سيتحول إلى منطقة سكنية، ولكن يبقى الحال كما هو عليه.

منظمة الصحة العالمية

كشف تقرير لمنظمة الصحة العالمية، عن أن أغلبية الوفيات مرتبطة بالظروف البيئية، التي تسبب العديد من الأمراض التي يشهدها العالم خاصة في الفترة الأخيرة أمراض القلب والأوعية الدموية كالسكتة الدماغية والسرطان وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة وأمراض الأسهال والتهابات الجهاز التنفسي وحمى المالاريا .

وتنصح المنظمة بضرورة استخدام تقنيات وقود أنظف لأغراض الطهي والتدفئة والإضاءة بالإضافة إلى الابتعاد عن الأماكن المليئة بالمخلفات مما يقلل من حدوث التهابات الجهاز التنفسي الحاد والأمراض التنفسية المزمنة وأمراض القلب والأوعية الدموية والحصول على مياه نظيفة والمحافظة على غسل اليدين باستمرار وسيمكن من خف أمراض الأسهال.

نماذج عالمية للمكاسب المادية من القمامة

الدول المتقدمة، علمت أن القمامة كنز يجب استغلاله، وبدلًا من أن تكون أزمة أصبحت استثمارًا، وطاقة.

ألمانيا.. المخلفات «منجم ذهب وثروة قومية»

في ألمانيا هناك أكثر من 100 مصنع للاستفادة من النفايات، إما بحرقها وإنتاج طاقة منها لإضاءة آلاف المنازل أو لتدويرها لتصبح موادًا أولية تدخل في الصناعات.

وتستغل ألمانيا البلاستيك في مصنع ببراندنبورغ، الذي يدور سنويًا ما يقرب 40 ألف طن من النفايات البلاستيكية لإدخالها في صناعة الكوبل، وتصل الأرباح سنويًا لمليار يورو والهدف الأساسي التقليل من الاستيراد من الخارج.

الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، ولكن تحصل المصانع في ألمانيا على المعادن الثمينة من الكثير من الأجهزة الألكترونية والكهربائية كاللاب والهواتف المحمولة والألعاب الإلكترونية ويبلغ حجم النفايات سنويًا 2 مليون طن، و"الموبايل" فقط يحتوي على أكثر من 30 نوعًا من المعادن واستطاعات ألمانيا إعادة تدويره واستخرجت 300 ألف طن ألومنيوم ونحاس ومعادن أخرى إلى جانب ذرات من الذهب والفضة عن طريق إعادة تدوير القمامة، التي أصبحت هناك منجم ذهب وثروة قومية هائلة.

ولم تسلم النفايات الإلكترونية المتمثلة في البطاريات من استغلالها وإعادة تدويرها تحت مسمى مشروع "كلوزويي"، هناك شركة "اكوريك" المتخصصة بإعادة تدوير مختلف أنواع البطاريات، أحد الشركاء الأثنى عشر في مشروع "كلوزويي" الأوروبي، ودورها تحديد تدابير جديدة لتقييمٍ أفضل للمواد والمعادن الموجودة في البطاريات.

وأقامت الشركة أبحاثًا وتمكنت من إيجاد تقنية فريدة من نوعها وهي استعادة مادتي الليتيوم والغرافيت وهي خطوة مهمة لندرتهما وتزايد الطلب عليهما كما أن سعرهما خيالي وارتفع 3 أضعاف خلال عام ونصف.

أخطر 5 مقالب في مصر

1- الوفاء والأمل بالقاهرة:

يصل حجم التراكمات به إلى 13 مليون طن بارتفاع 25 مترًا، وسيتم إغلاقه وإنشاء محطة معالجة لمياه الرشح في الفترة ما بين أكتوبر 2018 وحتى مارس 2019 بتكلفة حوالي 10 ملايين جنيه.

2- مقلب السلام بالقاهرة:

بلغ حجم التراكمات فيه حوالي 4 ملايين طن وتم إغلاقه بالفعل والبدء من أول شهر سبتمبر الجاري في نقله لصحراء العبور .

3- مقلب أبو زعبل:

يبلغ حجم التراكمات 3.3 مليون طن بارتفاع 12 مترًا تقريبًا وسيتم إغلاقه قريبًا لإنشاء خلية جديدة للدفن في صحراء العبور أيضًا وتحويله القلب إلى منتزه.

4- مقلب سندوب بالدقهلية:

يبلغ حجم التراكمات 3 ملايين طن تقريبًا، وجاري تحويله لمنتزه بتكلفة حوالي 24 مليون جنيه

5- مقلب منوف بمحافظة المنوفية:

يصل حجم تراكماته إلى مليون بارتفاع 20 مترًا قريبًا، وجاري بتكلفة نحو 20 مليون جنيه.

استثمار قطاع خاص

الجانب الذي أهملته الحكومة، حاول القطاع غير الرسمي استثماره، وهو يفعله جامعو القمامة في أماكنهم التي تُسمى «زرايب»، هناك يقطنون ويمارسون نوعًا من الصناعة والتجارة، كل شيء يجمعونه من المنازل، قابل للبيع وإعادة التدوير.

وتعتبر المخلفات البلاستيكية الكنز الأهم بالنسبة لهم، كما أن هناك أناسًا يجمعون القمامة، هناك آخرون يفرزون، ويضعون كل شيء في مكان خاص به، والذي يعتبر كنزًا، يدر عليه الآلاف من الجنيهات، حتى أن جامعي القمامة في مناطق عزبة النخل ومنشأة ناصر وغيرها، يعدون من كبار رجال الأعمال، بسبب ما تدره عليهم تجارتهم في المخلفات.

نقلا عن العدد الورقي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً