ads

سندويتشات نضيفة من البيت.. حكاية "أسماء وإسراء".. من فكرة بسيطة إلى مشروع في "مترو الجيزة"

الشباب دائمًا مصدر العمل والأمل بالنسبة لأي أمه، طاقة النور التي تضئ الطريق أمام المجتمعات وتنهض بهم البلاد، ولكن القوة البشرية سلاح ذو حدين فإذا تم استغلالها فيما يفيد المجتمع تحقق النتائج المرجوة، أما إذا تعرضوا للإهمال ووقعوا في دائرة الجهل والبطالة يكونون أول مسمار في نعش بلادهم، ولذلك تحرص جميع الدول المتحضرة على الاهتمام بهذه الفئات لمن جميع الجوانب؛ لأن بصلاحها تنصلح الأمم وبفسادها يجلب التطرف والدمار والخراب.

"الحاجة أم الاختراع"، مقولة أثبت الشباب صحتها، مع الضغوط الموجودة في المجتمع والظروف التي تعيقهم وتمثل حاجزا بينهم وبين أحلامهم يسعون إلى التفكير خارج الصندوق والتحايل على كل هذه العقبات، يتحايلون على الموقف ويمشون بخطوات واثقة دون أن يعبأوا بالمشكلات التي تواجههم، ومع الصبر والإرادة والإيمان بقدراتهم يستطيعون جعل كل أحلامهم حقيقة ملموسة على أرض الواقع وهذا ما فعلته كلٌ من أسماء وإسراء اللتين أُطلق عليهما "فتاتا المترو"، وأثارا إعجاب مجموعة كبيرة من رواد السوشيال ميديا.وبالرغم من عادات وتقاليد المجتمع الشرقي التي لا تسمح للمرأة بالخروج والانفتاح على المجتمع إلا في نطاق محدود، وعندما تحاول أي سيدة الخروج عن هذا العرف الذي يحد من حرية المرأة تعتبر خاطئة ينظر إليها الناس على أنها غريبة وتؤثر على القيم العليا للمجتمع إلا أن أسماء وإسراء لم يلتفتا إلى كل هذا الكلام وسارا بخطى واثقة نحو تحقيق حلمهما وقررتا المجازفة ليحققا ما حلما به منذ الصغر رغم ما قد يتعرضون له من انتقادات، ولكنهما وجدتا من المجتمع التشجيع والدعم لكي تتوسعا في مشروعيهما الصغير.في قلب عربات السيدات بمترو الأنفاق خط الجيزة، وبوسط التكدس الشديد نتيجة لوجود العديد من الموظفين الذين يسارعون حتى يذهبوا إلى العمل في الوقت المحدد والآخرين الذين يذهبون لقضاء مصالحهم وأصوات البائعين التي تملأ المترو؛ ترويجًا لبضائعهم يظهر صوت رقيق من فتاتين تحملان صندوق طعام ويقولان: "اللي عايز سندوتشات نضيفة من البيت"، ما يثير ذهول جميع الركاب، ينظر لهم البعض نظرة إعجاب ودعم وتشجيع، أما البعض يستنكر ما تفعلانه؛ بسبب نظرة المجتمع التي تضع المرأة في قالب معين ولا تسمح لها الخروج منه.بالرغم من كل هذا لم تهتم الفتاتان بنظرة المجتمع وانطلقتا بقوة لتحقيق حلمهما وتوسيع مشروعهما، ولم تمضِ ساعات قليلة على عملهما وحدث ما لم يكن يتوقع، انتشرت صورهما على جميع مواقع التواصل الاجتماعي بشكل خيالي وتحولتا إلى حديث الساعة، وقدم رواد السوشيال ميديا الدعم والتشجيع لهما عبر الإنترنت، وانهال العديد من الأشخاص سواء من مصر أو العالم العربي بإطلاق تعليقات إيجابية لرفع روحهما المعنوية ودعمهما لتحقيق حلمهما وإكمال هذا المشروع وتوسيعه.روت أسماء الأخت الكبرى التي تبلغ من العمر 21 عاما، وإسراء الأخت الصغرى ذات الـ 17 عاما، تفاصيل مشروعيهما الصغير، وقالتا، إنهما الاثنتان طالبات في الجامعة تدرسان السياحة والفنادق وحلما منذ نعومة أظافرهما بتنفيذ مشروع خاص بهما ويتوسعا فيه، وظلا يحلمان بهذا في كل يوم إلى أن ورد في بالهما فكرة مشروع بسيط وغير مكلف يتلخص في إعداد سندوتشات منزلية وبيعها في محطات المترو، وبالتحديد في اتجاه الجيزة لأنهما يعيشان بالقرب منه، ولاقت هذه الفكرة إعجاب الأختين اللتين عملا على تحقيق الحلم، جمعا الأموال للإنفاق على هذا المشروع وأعدا الطعام في المنزل، أما عن والدتهما أعجبت بما تحلم به بناتها ودعمتهم للسير بخطى واثقة نحو ما خططا له.

وقالت الفتاتان إنهما يحرصان على تقديم طعام نظيف وغير ملوث تمامًا كالذي تعده ربات المنزل لأولادها، كما أنهما تعملان على حفظه بطريقة آمنة عن طريق تغليفه جيدًا ووضعه في الصندوق الخاص بحفظ الطعام، ولاقت هذه الفكرة إعجاب جميع من رآهم وحرص عدد كبير من ركاب المترو تقديم الدعم والتشجيع لهما وشراء منتجاتهما والثناء عليها إلى أن حدث ما لم يكن يخطر على بالهما!.بعد ساعات قليلة من تجولهما في عربات المترو سعيًا وراء الرزق وتحقيق حلمهما قابلتهما فتاة قامت بالثناء عليهما وتشجيعهما واستأذنتهما في أن تصورهم أثناء أداء عملهما وأن تنشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي حتى تكونا قدوة صالحة ومثلًا أعلى لجميع الشباب المتكاسلين وبالفعل وافقت الفتيات على عرضها وعندها حدث ما لم يكن يتوقع، ذاع صيتهما خلال وقت قصير وبلغت شهرتهما العديد من الدول العربية وليست مصر وحسب.ولم يقتصر حلم أسماء وإسراء على هذا المشروع الصغير وحسب بل هو بمثابة خطوة أولى تعينهما على تحقيق حلمهما، فهم يطمحان في توسيع الفكرة حتى يتحول إلى مشروع ضخم يصنعانه بمجهودهما وحدهما دون أي مساعدات خارجية، كما أنهما تتطلعان إلى منحهما تسهيلات أكثر حتى يتمكنا من عرض منتجاتهما بشكل كبير دون الخوف من أي عوائق قد تواجههم أثناء عملية البيع والشراء."ماما في الشارع"، شعار اتخذته الفتاتان لمشروعهما، وأثار استغراب وحيرة كل من رآه، وفي هذا قالت الأختان إن هذا الشعار يعود إلى خوف جميع الأمهات من إطعام ابنائهم من المأكولات التي تعد في المطاعم والأسواق وذلك نظرًا لردائه مكوناتها علاوة على أسعارها الباهظة، تمامًا كأمهما التي تتفنن في صنع المأكولات التي تصنع في المحلات كالبيتزا والشاورما والكريب والسندوتشات المختلفة في المنزل حتى لا يأكلوا هذه الأطعمة المشكوك في أمرها، ولهذا فكر كلًا من الأختان في إرضاء مثل هذه الفئات فاتخذا شعار ماما في الشارع أي أن ما معهم من طعام يشبه تمامًا الأكل المعد في المنزل ولكن معد في الشارع، حتى يطمئن قلب الزبائن ويتعاملوا معهما.مع كل هذه النجاحات التي حققتها الفتاتان إلا أن طريقهما ليس مفروشًا بالورود، تقابلهم العديد من العقبات منها غيرة الباعة المتنقلين في محطات المترو المختلفة الذين يشوب نفوسهم شيء من الغيرة بسبب نجاح الأختين في مدة قصيرة لا تتجاوز الأسبوع، علاوة على أنهما يتمنيان الدعم من الجهات الرسمية وليس الزبائن فقط، يحلمان بتقديم التسهيلات اللازمة لهما حتى يتم البيع بشكل منظم ودون حدوث أي مشاكل أو خرق للقوانين.أما بالنسبة للزبائن فإنهم معجبون بهذه الفكرة الجديدة وبجرأة الفتاتين لأنهما خرقا العرف والتقاليد وقاما بتنفيذ فكرتهما دون الاهتمام بما قد يقوله الناس عنهما ومن هذا قالت سيدة في الخمسينات من عمرها من رواد مترو الأنفاق إن فكرتهما تستحق الاحترام وأنهما "بنتين بميت راجل"، استطاعوا أن يعطوا الشباب المتسكعين على المقاهي والعاطلين عن العمل درسًا مهمًا في الطموح والكفاح، فيما قالت شابة في العشرينات من عمرها إنهما قدوة حسنة تستحق الظهور وأن مثل هؤلاء هم من يصلحون أحوال المجتمع ويستطيعون النهوض بالبلاد.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً