عندما دخلت الحناطير إلى مصر كنت مخصصة لركوب الملوك فى البلاد لأكثر من 200 عام، وحتى اليوم ما زالت تلك الوسيلة تبحث عن بقاء خاصة بعد زيادة أعداد سيارات الأجرة والتاكسى والربع نقل ومع ارتفاع الأسعار عاد من جديد عصر الحنطور الملوكى مرة أخرى ليعيد إلى الاذهان الزمن الجميل فى القرون المضية وحتى وقت قريب، ومع ارتفاع اسعار الوقود والغلاء يطل علينا مرة أخرى الحنطور المصري الذي طوره المصريون بعد دخوله البلاد.
وعلى الرغم من دخول التوك توك إلى مصر، إلا أن الحنطور أصبح وسيلة الغلابة وطلبة المدارس وتحولت ميادين شهيرة فى المحافظة إلى ميدان الحناطير وأصبح الحنطور الوسيلة المفضلة لدى عامة المواطنين بعد غلاء أسعار المواصلات العادية التى وصلت الى 10 و15 جنيها للتوصيلة الواحدة.
صناعة الحناطير وتطويرها ظهر فيها العامل المصرى براعته بعد ان تعلم فنونها من اصحابها كعادته وبعد ان كانت تستورد جميع قطعها من الخارج ويكتفى بتركيبها هنا طوعت يد الصانع المصرى الخشب والحدي، لتخرج من بين يديه صنعة تفوق فيها على اصحاب المهنة الاصليين
وهو الأمر الذى لم يكن غريبا على المصريين فقد طوعوا الأخشاب واستحدثوا أنواعاً جديدة من الحناطير بدات تسخدم فى تزيينها واستخدمت في الافراح بعد أن كانت وسيلة للترفيه وركوب الأغنياء.
الحاج محمود أبو المعاطي، أحد صانعى الحناطير في المنيا، قال: "بقالى 45 سنة فى الشغلة دى بعد ما ورثتها عن ابويا اللى أخدها من ابوه اللى اتعلموها من الطليان منذ حوالى 200 سنة، مبديا تخوفه من اختفاء المهنة بسبب ملاحقات شرطة المرافق لأصحاب الحناطير واحتجاز العربات فى وحدة الحفظ والإيداع الحضانة".
وأضاف الحاج محمود الذى يقطن منطقة أبو هلال جنوب المنيا: "كانت كل المشاوير تتم باستخدام الحناطير بس دلوقتى ماحدش بيقدر المهنة دى غير الطلبة والغلابة بعد ارتفاع أسعار العلف".
وتابع: "اللى بييجوا مخصوص علشان يركبوا الحنطور ويتصوروا وهمه راكبين الحنطور ورغم أنه عبارة عن حاجة من التراث إلا أن البلدية مش سايبة الناس تشتغل ومش راضية تجدد لهم الرخص وهو ما أثر علينا فى الورشة كتير بعد ما كان عند جدى 3 ورش فيها 30 عاملا أصبحت الآن ورشة واحدة فيها 3 عمال".
أما محمود أبو المعاطى، موظف، ومقيم بحى غرب مدينة المنيا، فقال: "معى 3 أولاد 2 منهم بالمدرسة التجريبية، والثالث بالمدرسة الثانوية والمشوار طويل، واجرة التاكسى تكلفنى يوميا أكثر من 20 جنيها، لكن لحنطور بيقاولنى كل شهر 300 جنيه فقط ، وبهذا أوفر أكثر من 300 جنيه أخرى للمنزل لان أسعار الوقود مرتفعة وسائقى التاكسى يستغلون الظروف، ويجعلون الفرد الواحد بـ 10 جنيه يعنى 3 أولاد بيدفعوا 30 جنيه رايح و30 جنيه جاى".
أما أم محمد، المقيمة بحى جنوب المحافظة، فلفتت إلى أن ابنتها تستقل الحنطور لأنه أكثر أمانا، وقالت: "بياخذ أكثر من 10 طلاب من البنات للمدرسة ويستنى بعد لظهر لما يرجعوا لليت مرة تانية، وبيحافظ عليهم زى ولاده تمام، وليس عندى دخل كبير خاصة أننى أرملة وأتقاضى معاش لا يتعدى 700 جنيه فقط، لا يكفى لاجرة لتاكسى، وسيارات لسيرفيس مليئة باللصوص وخاطفى الاطفال ولا استطيع ان ادفع يوميا 15 جنيه ذهابا وايابا لابنتى".
وكان اللواء عصام البديوى محافظ المنيا السابق، قد أصدر تعليمات بتخصيص سيارات السيرفيس التابعة للمحافظة لتسهيل نقل المواطنين إلا أن تعليمات المحافظ ضرب بها عرض الحائط لوجود عجز فى أعداد السائقين إلى جانب وجود أعطال مستمرة فى سيارات المحافظة، مما دفع أصحاب سيارات السيرفيس الخاصة لاستغلال المواطنين بعد نقلهم للأماكن التى حددتها الوحدات المحلية خاصة بين مراكز المحافظة وداخل مدينة المنيا، مما اتاح الفرصة لعمل الحناطير مرة أخرى في ظل زيادة مستمرة في أجرة الركوب لدى سائقى سيارات التاكسي".