تخرج يوميا من بيتها لتذهب إلى مكان عملها، سيرا على الأقدام، حيث تعمل بإحدى المؤسسات على كورنيش النيل، كما أنها تفضل السير وسط الطبيعة والخضرة والأشجار المظلة بجانب النيل على أن تستقل وسيلة مواصلات .
وكعادتها اليومية التي تعتبرها متنزهها الوحيد وسط زحمة العمل والحياة، لتتفاجأ في إحدى الأيام بعربات نقل كبيرة تصتف أمام الكورنيش وبها عمال لقطع وإزالة واحدة من أكبر الأشجار أمام دار الكتب والوثائق القومية.
لم تتمالك "عفاف" التي تعمل بؤسسة على الكورنيش والتي رفضت التصريح باسمها، نفسها معبرة عن غضبها من قطع الأشجار على كورنيش النيل.
وفي غاية الإندهاش تتساءل "عفاف" عن السبب الهام للغاية الذي يدفع الدولة لإرتكاب هذه الجريمة المتعمدة في حق الأشجار، وما الذنب الذي اقترفته هذه الكائنات البديعة التي تظلل المارة وتزين الكورنيش، لقطعها بهذه الوحشية، وما الفائدة التي تعود على الدولة لتغنيها عن الفوائد الكثيرة التي تقدمها الأشجار ؟ .
وتتابع السيدة الأربعينية حديثها، أنها ليست فقط التي اعتادت على السير وسط الأشجار، حيث أن المصريين جميعا اعتادوا السير تحتها للإستفادة من ظلها، كما أنها تعد استراحة ومتنزه للمصريين الغلابة الذين يكتفون بالخروج لهذه المناطق للإستمتاع بالنيل والخضرة، التي ضنت الدولة بها عليهم.
واستكملت "عفاف" حديثها مؤكدة أن الأمر أصبح مذبحة متعمدة ضد ثروات مصر من الأشجار، خاصة الأشجار التاريخية والنادرة، لافتة إلى أن أشجار كورنيش النيل تعود لمائة عام وأكثر .
ومن جانبه قال محمود عبد الباسط_مفتش آثار، أن الأشجار العتيقة التي تعود لمئات السنين تسمى بالأشجار المعمرة، وهي يوجد لها مثيل في العديد من الدول، لافتا إلى أن الدول الكبرى تهتم بها، حيث أنها نادرة .
وتابع "محمود" في تصريح خاص لـ"أهل مصر"، أن كل المصريين يرفضون قطع الأشجار المعمرة، والتي تعد جريمة في حق الأشجار وفي حق نهر النيل، موضحا أن الأشجار المعمرة تعمل على تثبيت جسر نهر النيل، كما أنها توفر الظل للمصريين .
ويقول الأستاذ طارق محمود_أستاذ بمركز البحوث الزراعية، أن قطع الأشجار حرام شرعا، وخطأ فادح حيث انها تمثل مصدر هام لتوفير الأكسجين في الهواء.
وتابع "طارق" أن قطع الأشجار جريمة في حق الإنسانية، حيث أنها تمنع المواطن من استنشاق هواء نقي، كما تحرم الأجيال القادمة من الإستفادة من هذه الأشجار المعمرة، موجها سؤاله للمسئولين "نحن نزرع ونجمل أم نخرب ونصحر ؟"، لافتا إلى أن القوانين في دول أوروبا تمنع قطع الأشجار .
يذكر أنه في عام 2015، صدر قانون يجرم قطع الأشجار دون وجود مقتضى أو غاية من قطعها كإقامة المشروعات والتطوير، ولا يكون الهدف منه تصحير الأراضي.
و تم تغليظ العقوبة بقانون الري والصرف رقم 12 لسنة 1984 مؤخرا على قطع الأشجار في حالة عدم الحصول على موافقة من وزارة الري أو الزراعة بغرامة لا تقل عن ألف جنية ولا تزيد عن 5000 جنيه، والتي كانت قديماً الغرامة 30 جنيها ولاتزيد عن 200 جنيه.