الأمان هو عامل رئيسي في الحياة، والطعام يساعد على استمرارها، لكن ماذا إذا غاب المأوى الذي يشعرنا بالأمان، وافتقدنا ما يساعدنا على مواصلة الحياة، هنا تشتد المعاناة خاصة إذا كان هذا الشخص أمٌّ برفقة أطفالها، الذين لم يرتكبوا أي ذنب في الحياة سوى أنهم يجوبون الشوارع رافعين لافتات برقم تليفون، أملا في أن يرق قلب لبراءتهم فيسعى لمساعدتهم.
"4عيال مع ست لوحدها ليس لها مأوى آمن تعيش فيه مع أبنائها أو حتى دخل ثابت تعيش منه تعمل إيه"، بهذه الكلمات تساءلت "صباح"، المرأة البسيطة، التي قست عليها الحياة وهي في ريعان شبابها، وغطتها الهموم لدرجة اليأس من البشر، الذين أوصدوا آذانهم عن معانتها فلم يلقوا طرفا لصرخات أطفالها الجياع أو حتى أنات مرضهم ولم ينتابهم الشعور بالذنب عند رؤيتها تجوب الشوارع برفقة أبنائها الصغار بحثا عن مأوى أو طعام.
قالت صباح، في صوت مختلط بالدموع، ' أنا من أشناواي مركز السنطة، أبلغ من العمر 33 سنة، تزوجت من أحمد .م صاحب 35 سنة، منذ 7 سنوات، ولكن لم أكن حسنة الحظّ، فزوجي تم استئصال عينه بسبب حادثه، كما أصيب بجلطة فاصبح عاجز لا يقدر على العمل في أي مكان بسبب عجزه.
وأفادت صباح بأنها أنجبت ساندي تبلغ من العمر 6 سنوات، ومحمد 4 سنوات، مالك رضيع عمره سنة ونصف، موضحة أنها كانت مطلقة في الماضي، وترك لها زوجها السابق ندى 12 سنة، دون أن يترك لها جنيها واحدا تغطي منه احتياجات ابنته.
وما بين توقف زوجها عن العمل لظروف عجزه، ظهرت لها مشكلة جديدة أو على حد قولها "صاعقة"، وهي إصابة طفلها الرضيع "مالك" بصمام في القلب، لتكتمل مأساتها وخوفها من أن تكون ظروفها الصعبة سببا في فقدانه، ذلك لأن الطفل يحتاج على فترات متقاربة حقنة ثمنها 300 جنيه تشتري اثنين منها أسبوعيا، مما اضطرها لكسر عزتها وكرامتها كسيدة لتمد يديها للغير حتى يرأفوا بحالها وحال أبنائها، فيقدموا لها يد العون، لكن السؤال هل ستمد يدها لإطعامهم أم لإيجاد مأوى آمن لهم أم لعلاج رضيعها .
وفي وسط كل هذه الأسئلة تقف صباح منكسرة عاجزة، فزوجها بدأ يشعر بحمل ثقيل على زوجته، بسبب مرضه وعجزه عن توفير احتياجات أسرته، خاصة بعد أن تراكم على أسرته إيجار المنزل حتى بلغ 7 لآلاف جنيه، ما جعله يشعر باليأس فترك المنزل وأسرته ولم يعرف أحدا طريقه حتى الآن.
وأوضحت صباح، أنها تعيش الآن في شقة بمساكن أشناواي، ولكن المساكن غير آمنة بالمرة فهي أصبحت مأوى للكلاب الضالة، ووكر للمخدرات وممارسة الفاحشة ليلا، ومقلب للقمامة يتسلله النباشين و يوميا، على حسب قولها، متسائلة "إزاي المسئولين يتركون هذه المساكن كما هي بهذا الوضع لا أحد ينظر لهذا المال العام المهدر أو لأمان سكان هذه المنطقة التي لا يستطيعون أن يخرجوا منها ليلا ويقفلون عليهم أبوابهم بآلاف الأقفال والمفاتيح ".
وأضافت صباح أنها تحاول الحصول على معاش "تكافل وكرامة"، منذ عام ونصف، ولكن دون جدوى، فالروتين الحكومي حال بينها وبين الحصول عليه.
استغاثت صباح، بالرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، واللواء مهندس هشام السعيد محافظ الغربية، وأصحاب القلوب الرحيمة، أن يوفروا مأوى آمن لأطفالها يحميهم من برد الشتاء وحرارة الصيف وكلاب الشوارع، مكان تطمأن فيه على نفسها وأسرتها، يحميها من الذئاب البشرية.