ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، مساء اليوم، كلمته ضمن فعاليات الملتقى العربي الأولي لمدارس ذوي الاحتياجات الخاصة والدمج، المنعقد بمدينة السلام "شرم الشيخ"، والتي جاءت كالتالي
السيدات والسادة، الحضور الكريم،
في البداية، أود أن أعبر عن بالغ سعادتي بالمشاركة في هذا الملتقى، الذي تنظمه وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، بالتنسيق مع عدد من الوزارات والهيئات ومؤسسات المجتمع المدني؛ من أجل الإعلان عن بدء فعاليات أنشطة مدارس الدمج ومدارس التربية الخاصة، والذي يعقد للمرة الأولى على مستوى الدول العربية.
كما أرحب بأبنائي الطلاب من متحدي الإعاقة، على ما حققوه من إنجازات في مجالات مختلفة، أثبتت بالفعل قدرتهم على تحدي الصعوبات والتغلب عليها. ونرحب أيضاً بالوفود العربية المشاركة، ونتمنى لهم طيب الإقامة في بلدهم الثاني مصر.
السيدات والسادة
إن الدولة المصرية تولي عناية فائقة لمتحدي الإعاقة، إيماناً منها بقدراتهم وإمكاناتهم، وضرورة توفير الخدمات التدريبية والتأهيلية الملائمة، والرعاية الكافية والفرص المتكافئة، بما يمكنهم من المشاركة بفاعلية جنباً إلى جنب مع باقي أفراد المجتمع.
وفضلاً عن ذلك، فإن قضية الإعاقة قضية مجتمعية يلزم لمواجهتها تضافر كافة الجهود الحكومية مع جهود منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص، ومن هنا فإن المشاركة المجتمعية أصبحت ضرورة قصوى؛ لأنه لا يمكن أن تتحقق التنمية في كافة القطاعات إلا بمشاركة مجتمعية حقيقية وفعالة؛ مشاركة لا تكتفي فقط بالمساهمة بالموارد، ولكنها تتعدى ذلك إلى صياغة الفكر، وتشكيل الثقافة المجتمعية التي يمكن أن تسمح بتحقيق التنمية المستدامة؛ إلى جانب أنها تمثل رقابة شعبية على أداء المؤسسات، ليتم تلافي السلبيات والقضاء عليها، وتغذية وتدعيم الجوانب الإيجابية.
وفي هذا الإطار، يأتي التعاون المشترك مع المؤسسات المشاركة في هذا الملتقى، في مجال تأهيل متحدي الإعاقة، والارتقاء بإمكاناتهم، واكتشاف مواهبهم وتنميتها، والذي يمثل صورة مضيئة للمشاركة المجتمعية التي نسعى جميعاً إلى تعزيزها، ودعمها بكل السبل لتحقيق الأهداف المرجوة منها.
السادة الحضور
لقد أفرد الدستور المصري عدة مواد تضمن حقوق الأشخاص متحدي الإعاقة في كافة مناحي الحياة، فضلاً عن ضمان تمثيلهم المناسب في الانتخابات المحلية، وانتخابات مجلس النواب، وكذلك في إطار استراتيجية التنمية المستدامة مصر 2030، التي تتضمن أهدافها الحق في التعليم، نجد الاهتمام بدمج التلاميذ ذوي الإعاقة البسيطة في الفصول النظامية بالمدارس، وصدور القرارات المنظمة لذلك من وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني.
هذا بالإضافة إلى قرار المجلس الأعلى للجامعات بقبول الطلاب ذوي الإعاقة السمعية في الجامعات المصرية، وهو الأمر الذي يتسق مع ما نادى به الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة الذي ينص على ضمان التعليم الشامل والجيد للجميع وتعزيز التعلم مدى الحياة.
كما شرعت وزارة الصحة في إدراج مكون الإعاقة في الاستراتيجية القومية للصحة، والتي تشمل بدورها خدمات التدخل المبكر للكشف عن الإعاقة، وتقوم وزارة التضامن الاجتماعي كذلك بتنفيذ مجموعة من الأنشطة والخدمات والبرامج الاجتماعية والتعليمية والطبية والرياضية، والبرامج الإرشادية والتدريبية لمتحدي الإعاقة، كما تتبنى الوزارة أسلوب التأهيل المرتكز على المجتمع كمنهج واستراتيجية عمل نحو دمجهم فيه، وتقديم الخدمات التدريبية والتأهيلية وخدمات التشغيل لهم ولأسرهم في مجتمعاتهم، وفي أماكن سكنهم.
وعلى صعيد العمل والتوظيف، تم مؤخراً توفير 5000 فرصة عمل لمتحدي الإعاقة في أجهزة الدولة، وفيما يتعلق بالمساواة والحق في ضمان مستوى معيشي لائق للأشخاص ذوي الإعاقة من خلال إنهاء الفقر بكل أشكاله وإنهاء الجوع، فلأول مرة يتم تخصيص "معاش كرامة" يتقاضاه الشخص ذو الإعاقة ضمن برامج الحماية المجتمعية؛ كذلك خصصت وزارة الإسكان نسبة (5%) من الوحدات السكنية للأشخاص ذوي الإعاقة ضمن مشروعات الإسكان الاجتماعي.
وبالنسبة لتمكين النساء والفتيات من متحديات الإعاقة، فقد كفل الدستور المصري للمرأة حقها في تولي المناصب القيادية؛ حيث تولت سيدتان منصب أمين عام المجلس القومي لشئون الإعاقة من ضمن أربعة أمناء تولوا قيادة هذا المجلس حتى الآن، كذلك يضم مجلس النواب بتشكيله الحالي لأول مرة في تاريخ مصر سبع نائبات متحديات إعاقة.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى توجيهاتنا بدمج وتمكين الأشخاص متحدى الإعاقة في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بهدف توفير الخدمات التعليمية والصحية بسهولة، والحصول على فرصة عمل لهم، وتهيئة المباني الحكومية، والعلاج عن بعد للأشخاص ذوي الإعاقة، وجعل مراكز الشباب وحدات مجتمعية دامجة.
السيدات والسادة
إن الدولة تهتم بصفة أساسية بتطبيق مفهوم دمج الطلاب ذوي الإعاقة مع أقرانهم الأصحاء في مدارس التعليم العام والفني إيماناً منها بأن تلك الخطوة تسهم بشكل كبير في تحقيق دمجهم في المجتمع حيث أن ترسيخ أسس التعامل الإيجابي بين الطلاب جميعاً يمهد الطريق نحو تعزيز مراعاة الآخر، وإدراك الاختلاف البدني والنفسي بين الأفراد، وكذا التعاون مع الغير دون تمييز، فضلاً عن المساهمة في نقل هذه المبادئ إلى بقية أفراد الأسرة.
وعلى الرغم من حجم الجهد المبذول، إلا أننا نسعى حثيثاً نحو استيعاب أكبر نسبة من الطلاب متحدي الإعاقة من أجل تحقيق الهدف الأسمى بدمج كافة الطلاب ذوي الإعاقة في سن التعليم قبل الجامعي داخل المؤسسات التعليمية، سواء تلك المؤسسات المنشأة خصيصاً لهذه الفئة، أو مدارس التعليم الدامجة.
السيدات والسادة
إننا نأمل أن يستمر عقد هذا الملتقى خلال السنوات المقبلة حتى نتمكن من تعميم التجارب الناجحة، والاستمرار في التوسع في إتاحة الفرص لذوي الإعاقة، بحيث يصير هذا الملتقى عالمياً، يلتقي فيه متحدو الإعاقة ليتنافسوا جميعاً في بطولات ومسابقات متنوعة في مختلف المجالات الثقافية والفنية والرياضية، كما يلتقي فيه المتخصصون في هذا المجال ليتم تبادل الخبرات المتنوعة بين مختلف الدول من أجل توفير البيئة الصحية والمناخ الملائم لمتحدي الإعاقة؛ لتصبح مصر مركز إشعاع في منطقتنا العربية والعالم، ومقصداً للجميع من أجل تبادل الخبرات والنهوض بمتحدي الإعاقة بما يعكس اهتمامنا البالغ وحرصنا على دعم فرصهم في الحياة الكريمة.
ولذلك فإنه يسعدني أن أعلن افتتاح فعاليات الملتقى العربي الأول لأنشطة مدارس الدمج ومدارس التربية الخاصة.
وختاماً، أدعو الجميع سواء من المؤسسات الحكومية أو منظمات المجتمع المدني إلى التعاون الوثيق من أجل الارتقاء بمتحدي الإعاقة من أبنائنا الطلاب؛ حتى نتمكن من تحقيق أهدافنا المنشودة في هذا الخصوص. وأكرر مرة أخرى الترحيب بأبنائنا الطلاب المصريين ومن الدول العربية، وأتوجه بخالص الشكر والتقدير لهم وكذلك لممثلي الوفود العربية على تلبية الدعوة والمشاركة في أنشطة هذا الملتقى، متمنياً لهم دوام التوفيق والسداد.
أشكركم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.