من المقرر أن يفتح مجلس النواب، خلال الفترة المقبلة، من جديد باب المناقشة حول مواد قانون التجارب السريرية، بعد أن قررّ الرئيس عبدالفتاح السيسي، إعادته من جديد للبرلمان، ورفض التوقيع عليه إلا حين الأخذ بالملاحظات التي أبدتها اللجنة الإستشارية التابعة لرئاسة الجمهورية، وهو الأمر الذي لاقى استحسانًا من جانب البرلمان وعلى رأسه الدكتور علي عبدالعال، رئيس المجلس، والذي رأى أن الرئيس السيسي أحسن صنعًا باستخدامه لحقه الدستوري في عدم إقرار أي قانون يراه ليس في صورته الكاملة.
والمتابع جيدًا يرى أن قانون التجارب السريرية خلال مناقشته تحت قبة البرلمان، شهد خلافات واسعة ليسن بين نواب الأغلبية والتي يمثلها ائتلاف "دعم مصر"، وبين المعارضة التي يمثلها تكتل "25-30"، وإنما بين نواب الأغلبية أنفسهم.
النائب خالد مجاهد، عضو لجنة الشؤون الصحية بالبرلمان، أكد أن هناك مواد يتضمنها القانون من شأنها أن تتسبب في تأخر البحث العلمي لو تركناها كما هي بصورتها الحالية، وهو أمر لا يتناسب مع الفلسفة التي يقوم عليها القانون، بإتاحة المجال أمام البحث العلمي.
وأضاف "مجاهد"، في تصريحات لـ"أهل مصر"، أن لجنة الصحة ستقوم بإعادة النظر في المواد الخاصة بقواعد إجراء البحوث على الإنسان، وإجراءاتها، وستغلق أي ثغرة يتضمنها القانون قد يسئ البعض تفسيرها أو استخدامها.
وقالت النائبة ماجدة نصر، عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، إن اللجنة ستطالب بالمشاركة في مناقشة مواد القانون، لأنه يدخل في صميم اختصاصاتها، وستقوم بالنظر في الملاحظات المرفقة مع القانون، وعلى رأسها المادة الخاصة بتشكيل اللجان، والتي نص القانون على أنها تكون خاضعة لإشراف وزير الصحة، في الوقت الذي تخضه فيه المراكز البحثية بالجامعات لإشراف وزير التعليم الحالي، وهو ما يجعلنا أمام حالة من التعارض بين قانون التجارب السريرية في صورته الحالية، وقانون المراكز البحثية للجامعات.
وشدد مصطفى كمال الدين، عضو لجنة التعليم بالبرلمان، على أهمية التأني وعدم العجلة عند فتح باب المناقشة من جديد في قانون التجارب السريرية حتى يخرج في أفضل صوره، كما شدد على أهمية الاستماع إلى آراء الخبراء والباحثين ورواد البحث العلمي في مصر، حول مواد القانون، لاسيما المواد الحساسة كالمتعلقة بسبُل إجراء البحوث على الإنسان وإجراءاتها، حتى لا نتفاجئ بعودة القانون مرة ثانية للبرلمان.
وأضاف، أن هناك نوابا بالبرلمان من أفضل الخبراء في مجالهم سواء الطب أو البحث العلمي، ومنهم من نالوا دراجات علمية مرموقة من الخارج، ومن تقلّد منصب رؤوساء جامعات، لابد من الأخذ بملاحظاتهم على القانون".
وأكد عضو لجنة التعليم بالبرلمان، أهمية أن يكون هناك نص يلزم بإنشاء جهة عليا ولتكن تابعة لرئاسة الجمهورية أو مجلس الوزراء، يكون من صميم اختصاصاتها الرقابة على التجارب السريرية، كما شدد على أهمية تغليظ العقوبات التي تضمنها القانون، لغلق الباب أمام من يسوء استخدامه.
قانون تنظيم البحوث الطبية والإكلينيكية، واحد من القوانين الهامة التي يعقد عليها الكثير من المهمومين بأمور البحث العلمي أن تُؤتي الثمار المرجوة منها، لاسيما فيما يتعلق بالبحث العلمي، الذي تأخرت فيه مصر كثيرًا، لأسباب لا يتسع هذا المقام لسردها، لكن يُعد السبب الأبرز هو غياب القوانين والتشريعات اللازمة التي تساهم في تهيئة الأجواء والمناخ للبحث العلمي، كما يعد هذا القانون، هو أول قانون يرفض الرئيس عبدالفتاح السيسي، التصديق عليه ويُعيده للبرلمان، منذ انطلاق أول جلسات مجلس النواب في 9 يناير من عام 2016.
وفي 14 مايو الماضي، افق مجلس النواب، خلال جلسته العامة اليوم الإثنين برئاسة الدكتور على عبد العال، على مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن إصدار قانون تنظيم البحوث الطبية والإكلينيكية المعروف إعلاميًا باسم التجارب السريرية، وذلك بشكل نهائى وقوفا من قبل الأعضاء..
ويتضمن مشروع القانون إنشاء مجلس أعلى لأخلاقيات البحوث الطبية وسيمثل به جميع أطياف الدولة بالإضافة إلى وضع سقف زمنى يصل إلى 90 يوما للحصول على موافقة الدولة لإجراء تلك البحوث بعد أن كانت تعوق الباحثين حيث كانت تصل إلى أكثر من عام، وأكدت الحكومة أن تلك الخطوة تعد نقلة نوعية فى تنظيم الأبحاث بالإضافة إلى إبرام بروتكول موثق بين جميع أطراف المشروع البحثى قبل البدء فيه ويتم مراجعته والموافقة عليه من قبل اللجان والمؤسسية المعنية.
ووفقا لمشروع القانون، سيتم إنشاء لجنة تسجل فى وزارة الصحة داخل كل منشأة بحثية تسمى اللجنة المؤسسية لأخلاقيات البحث العلمى والتى ستختص بمراجعة المخططات البحثية وتطبيق المبادئ الاخلاقية الواجب اتباعها.
كما يتضمن إجراء البحوث الطبية الإكلينيكية على المبحوثين فى مصر بداية من المرحلة الثالثة بعد التأكد من سلامة إجراء المرحلتين الأولى والثانية فى بلد المنشأ وذلك حفاظا على سلامة المبحوثين، كما تضمن القانون احترام آراء ورغبات المبحوثين حيث ألزم القانون راعى البحث (الذى سيمول البحث) بالإبلاغ الفورى للمبحوثين المشاركين فى البحث الطبى بأية تعديلات تجرى عليه، وبأية نتائج يمكن أن تؤثر بالسلب على سلامتهم وبالآثار الجانبية الخطيرة غير المتوقعة للبحث الطبي مع الالتزام بإبرام عقد تأمين طبى لهم طيلة البحث الطبي، مع إضافة عام آخر فى هذا القانون كإجراء احترازي، فضلا عن تقديم العلاج اللازم لهم فى حالة الإصابة ذات الصلة بالبحث الطبي، بالإضافة إلى استكمال العلاج لمن يثبت حاجته لذلك منهم حتى بعد انتهاء البحث.
ووضع القانون عقوبات رادعة تراوحت بين السجن والغرامة التى لا تقل عن خمسين الف جنيه ولا تزيد على 100 الف جنيه لكل من اجرى بحثا طبيا اكلينيكيا دون الحصول على الموافقة المستنيرة من المبحوث ومن الممثل القانونى عن الفئات المستحقة حماية اضافية، كما يعاقب بالسجن وغرامة تبدأ من 10 آلاف جنيه وتصل حتى 50 الف جنيه حال عدم الالتزام بتقديم الرعاية الطبية اثناء وبعد البحث الطبى.