لم يسبق أن تمت دعوته ضمن المكرمين كلما حلت ذكرى حرب أكتوبر، رغم أنه لا يبحث عن التكريم، حيث يكفيه أنه نال شرف العبور، وعلق على ذلك ضاحكًا: للأسف لم يتم تكريمي منذ الحرب حتى الآن، ولم يتم دعوتي للإفطار في رمضان مع القوات المسلحة خلال الـ45 رمضان الماضية.
قلتة جاد بخيت قلتة، الذي يبلغ من العمر 73 عامًا، أحد أبطال حرب أكتوبر، يسرد تفاصيل مشاركته في الحرب، حيث كان عريفًا مجندًا في الكتيبة 386 دفاع جوي، وكانت بدايته عندما تقدم إلى التجنيد بعد شهر من حدوث النكسة يوم 3 /7/1967، وأفاد ضابط التجنيد بحضوره يوم 7/7/ 1967، وتم تجنيده وذهابه إلى اليمن؛ لحراسة القوات التي كانت تنزل في تلك الفترة من اليمن.
وأضاف قلتة لـ"أهل مصر" أنه تم احتلال موقعهم في وسط صنعاء، ونزولهم من اليمن في نهاية 1967 واحتلال الكتيبة في جبل عتاقة بالسويس أولاً، ثم نقلهم للإسماعيلية؛ لاستكمال جميع المعدات، وتمت استعادة التسليح لجميع القوات النازلة؛ انتظارًا لساعة الصفر لحربهم مع اليهود في أي وقت؛ لاسترداد الكرامة.
وتابع أن الجيش المصري استعد للمعركة الفاصلة، وتم بناء الدُّشَم القوية والسواتر الرملية، وحين أتت ساعة الصفر، حضرت التعليمات من القيادة العامة للقوات المسلحة بالاستعداد للحرب بسرب الطائرات في تمام الساعة 2 ظهر يوم 6 أكتوبر، وكان شعارهم "إما النصر أو الشهادة"؛ دفاعًا عن وطننا وكرامتنا وأرض مصر الغالية.
ولفت إلى أنه نال شرف العبور، واحتلت كتيبتهم شرق القناة، وتم ضرب الكتيبة بصاروخ في الساعة 5 صباح يوم 7 أكتوبر، والاشتباك مع قوات العدو أثناء طلعات الهجوم على قواتنا، وتم إسقاط بعض الطائرات المراج اليهودية. أما طيران قواتنا المصرية فكان "ميغ 21 وسوخوي"، وكان لشجاعة الطيارين المصريين الفضل الأكبر في تحطيم قوات العدو، وكان اللواء باهي ذكي يوسف صاحب معجزة فض الساتر الرملي بلغ عمقه 40 مترًا وطوله وارتفاعه 20 مترًا، وذلك من خلال خراطيم المياه، وتم فتح 60 فتحة في الساتر الرملي وعبور القوات في أول يوم بأعداد كبيرة، وكتب الله لنا النصر في أكتوبر بعد أن روت دماء المصريين سيناء التي دافع عنها الجيش المصري والشرطة بكثافة، مؤكدًا أنه سوف يتم تطهير هذه البقعة العزيزة علينا من الإرهاب؛ لأن أرض مصر غالية على أبناء مصر الوطنيين الشرفاء.
وأوضح أن حرب أكتوبر استغرقت 18 يومًا، وأثناء إمداد قوات العدو بالدبابات الأمريكية التي سقطت في سيناء، استمرت معركة الدبابات 3 أيام طوال الليل والنهار، وكانت معركة رهيبة، شارك فيها 3500 دبابة من الجيش المصري، وانتصرنا بأمر الله عندما سقط "عساف ياجوري" القائد الإسرائيلي في أيدي قواتنا، وكان للجنود المصرية الفخر بقيادتهم العسكرية.
وأشار إلى أن تفكير الجنود والضباط عقب استنزاف الصواريخ التي تطلق على طيران العدو لم يكن يعني الخوف أو الرهبة من العدو مهما كانت قوته، واستطرد: يوم 6 أكتوبر كان الاتصال بين قيادة الكتيبة والسرية منقطعًا، فقمنا بإصلاح الخط، وأثناء إصلاحه كانت هناك دبابة للعدو محترقة، وبها 3 يهود يرتدون الزي المموه لقوات الصاعقة والسلاح الآلي، فمررنا بجانبهم إلى أن وصلنا الموقع، واستلمت إشارة بأنه تم القبض على 3 أفراد من الإسرائيليين يرتدون اللبس المموه للصاعقة.
وحول الإصابة التي تعرض لها خلال الحرب، قال إن إصابته كانت في حرب الاستنزاف أثناء ضرب الموقع من قِبل اليهود، وأثناء محادثته مع قائد الكتيبة الذي طلب منه توصيل الهاتف لقائد السرية للاطمئنان عليها، وكانت الإصابة نتيجة قنبلة تم إلقاؤها على باب الملجأ وهم متواجدون بداخله، ولكن بحكم مسؤوليته عن الهاتف كان وجهه ناحية باب الملجأ، فنزلت القنبلة، واخترقت إحدي الشظايا صدره، ولم يدرِ بإصابته إلا بعد أن شعر بالدم ينزف منه، فذهب على الفور للسارية الطبية، وقبل أن يمر من الشارع ألقيت قنبلة ثانية بجواره، فانبطح على الأرض ويده على الجرح، فألقيت ثالثة على مقربة منه، وكانت هذه القنابل كنافورة مياه، وكانت الشظايا المتطايرة منها تتساقط حوله، ولم يصب بأذى، ونهض وذهب إلى السرية الطبية، ونجا من موت محقق.ومن المشاهد المحفورة في ذاكرته ولا يمكن نسيانها، عندما تم إطلاق صاروخ على مدفع للسرية الخاصة بهم، واستشهد 3 من زملائه، وتم جمع جثامينهم أشلاء، كما أصيب فردان، وتم نقلهما إلى مستشفي القصاصين العسكري، وجمع جثث الشهداء الثلاثة في "بطاطين"، ودفنوهم في التل الرملي بالقنطرة شرق.ووجه رسالة للقيادة السياسية بأهمية تدريس حرب الاستنزاف وحرب 6 أكتوبر في جميع المدارس والكليات باستفاضة؛ حتى يشعر الجميع أننا الآن في خطر وفي حرب حقيقية ضد عناصر الإرهاب المتواجدة في سيناء.وتابع أنه يتمنى أن تنمحي من ذاكرة المصريين جميعًا كلمة "فرق تسد" التي وضعها الإنجليز في نفوس الضعفاء؛ لأن من يحب دينه يحب وطنه، مضيفًا: الجماعات التي تم شراؤها بالمال والخطط اليهودية التي تحاربنا، نحن 100 مليون، ومن الممكن أن نضحي بمليون مصري، وأنا أولهم لتحرير أرض سيناء منهم، موجهًا رسالة للشباب: اعرف بلدك وتاريخها، وإذا عرفت تاريخ وطنك، فسوف تحبه، وتضحي من أجله وليس من أجل مصالح شخصية، من أجل أبنائك وإخوتك وأهلك وعشيرتك.