"البيومي" و"البهواش" يرويان تفصيل اللحظات الأخيرة على الجبهة قبل حرب أكتوبر

تحتفل مصر كل عام في مثل هذا اليوم السادس من أكتوبر بذكرى العزة والكرامة وتحرير الأرض والعرض، ذكرى انتصار أكتوبر المجيد، الذي تحقق بدماء خير أجناد الأرض - كما وصفهم الله ' عز وجل ' - أبطالنا من جنود القوات المسلحة المصرية، الذين سطروا بدمائهم العطرة تاريخ جديد لمصر والمصريين، حيث لقنوا العدو الإسرائيلي درسا قاسيا، لن ينساه مدي الحياة - خلال 6 ساعات فقط - وكأن الشمس قد غابت لسنوات طوال عن مصر، وأشرقت في هذا اليوم لتضئ سمائها بنور النصر وتحرير أرض سيناء الغالية من العدو الصهيوني الغاشم، وبمناسبة هذا الانتصار الجليل وهذا اليوم المشهود، الذي ظل وسيظل عالقا في أذهان العالم أجمع أبد الدهر.

التقت كاميرا " أهل مصر " بنماذج من جنود النصر، الذين غطتهم السنين والأيام ؛ فأصبحوا كأي مواطن مصري عادي، ولم يعلم المحيطون بهم عن دورهم أو مشاركتهم أو وجودهم في الحرب، لكننا - في هذه المناسبة - سنكشف عنهم القناع، ونسترجع معهم ذكريات هذا اليوم العظيم .

كانت أولى محطاتنا في استرجاع ذكريات هذا اليوم العظيم - 6 أكتوبر 1973 - مع محجوب عبده أحمد البيومي، الذي ولد في 17يناير عام 1948، بمركز زفتي التابع لمحافظة الغربية، التحق بالقوات المسلحة في 4 فبراير عام 1968، بسلاح المهندسين، قسم 'طرق وكباري ' في الجيش الثالث بالسويس، كما التحق بالورشة ' 63 مهندسين '، وتخرج عام 1975، و كان شاهداً علي هزيمة 1967، ومشاركاً في انتصارات أكتوبر 1973 .

وخلال حديثنا مع هذا البطل، الذي أطلقنا عليه لقب "بطل الهزيمة والنصر"، أوضح أنهم كانوا على أهبة الاستعداد للثأر من اليهود، الذين احتلوا سيناء، في' نكسة 1967' ، وأن هدفهم الوحيد آنذاك كان طرد هذا العدو الغاشم من أراضينا واسترجاع كرامتنا، لافتا أن مهمته في الحرب كانت نقل الذخائر والمعدات للمقاتلين والقادة بسيناء وربط الكباري ؛لعبور الجيش بعد تحطيم خط بارليف .

وتابع قائلا : "لم يكن لدينا أي علم بموعد الحرب، لأن هذه المعلومات لابد وأن تكون سرية حتى لا تتسرب للعدو ؛ فيأخذ احتياطاته، لذا فوجئنا كأي مواطن عادي يوم 6 أكتوبر، بالضربة الجوية الأولى من خلال 220 طائرة مصرية، والتي استشهد فيها الطيار عاطف السادات، شقيق الرئيس الراحل أنور السادات، كما أننا لم نتوقع أن تقوم الحرب في هذا اليوم، خاصة أنه في نفس اليوم قام الجيش المصري بعمل حفلة لتخريج دفعتين، كما كان هذا اليوم يوافق عيد الغفران عند اليهود، لكنها الحنكة المصرية لخداع العدو، وعبور خط بارليف، واسترجاع سيناء " .

أضاف أنه على الرغم من عدم معرفتهم بموعد الحرب إلا أنهم كانوا يقوموا بتدريبات مستمرة، وكانت تدريباتهم قائمة على دراسة خريطة سيناء ؛لمعرفة طرق العبور والتدريب على إنشاء الكباري، وكان يعاونهم خلال هذه التدريبات 'دليل'، كانت مهمته مراسلة القيادات من خلال إشارات لاسلكية ؛لتحديد موقعهم في أرض سيناء.

وأشار «محجوب» إلى بعض العقبات التي كادت أن تكون عائقا في تحقيق النصر، كان منها قيام العدو بإنشاء مواسير بها مياه كهربائية خلال تحطيم الجيش لخط بارليف ؛لحرق العسكريين القائمين على تحطيم الحصن، لكن تغلب عليهم العسكريين، وقاموا بغلق هذه المواسير بأسمنت سريع الشك ونجحوا في عبور خط بارليف .

تابع «محجوب» سرد هذه العقبات موضحا أنه بعد العبور حدث خطأ من الجيش المصري، وهو أنهم نسوا أن إسرائيل قد استحوذت على العديد من الدبابات في هزيمة 1967- ولخداع الجيش المصري - قامت إسرائيل باستخدام هذه الدبابات حتي يظن العسكريين أنها دباباتهم ؛لوجود العلم المصري عليها ويتركوهم دون القيام بمنعهم من الوصول، لكن فشلت خطتهم وقام العسكريين بتحطيم 7 دبابات ، وأسروا العديد من المحاربين الإسرائيليين، وبعد ذلك بدأت مرحلة تبادل الأسرى، وكانت إسرائيل على أتم الاستعداد لتسليم جميع الأسرى من المصريين، مقابل' 200 جندي إسرائيلي فقط'، لافتا أنهم كانوا يعاملون الأسرى الإسرائيليين بطريقة لا تهينهم ، وذلك على عكس ما كانوا يفعلون مع أسرانا .

اختتم الحاج محجوب حديثه ل " أهل مصر "، قائلاً " إن معركة أكتوبر كانت معركة شرسة، انتصرت فيها مصر بفضل أبنائها الشجعان، ولابد أن ننصر بلدنا دائماً فهي أعطتنا الكثير والكثير، ولابد أن نعطيها حقها علينا ؛ فحافظوا على ما تركه لكم الشهداء والمحاربين .

وكان البطل أحمد البهواش، المحطة الثانية أمام قطارنا عن قصص جنود النصر بحرب أكتوبر المجيدة، حيث قال : "أنا من قرية كفر سالم النحال، التابعة لمركز السنطة، دخلت الجيش سنة 1969، كمجند في كتيبة 305، وهي كتيبة اللواء العاشر، و كان دوري في الحرب مجند بكتيبة مدفعية هوزر "مدفعية ميدانية"، وعندما سمعت بخبر الحرب فرحت فرحا شديدا، لأننا سنحرر أرضنا، بعد طول انتظار".

أضاف «البهواش» أن دورهم كسلاح مدفعية، بدأ بعد الضربة الجوية الأولى للطائرات، حيث قاموا بفتح نيران مدافعهم صوب التمركزات ومراكز القوة للعدو الإسرائيلي، مما جعل العدو لا يستطيع رؤية من حوله، أو على حد قوله "وضع العدو في ربكة".

وأوضح « البهواش » أن الصيام لم يضعف قوتنا، بل زادنا قوة، لافتا أنه كان لديه العديد من أصدقائه المسيحيين، والذين كانوا لا يأكلون إلا معنا - وقت الإفطار - لذا كنا جيش واحد بروح واحدة ؛ فقهرنا العدو وانتصرنا .

طالب « البهواش » الشباب أن يأخذوا من حرب أكتوبر دروسا وعبر، فلا تهزمهم الشدائد، ولا يستسلموا بسهولة، ويكونوا صفا واحدا أمام أي عدو يزعزع أمن واستقرار الوطن، أو يهدم ما قمنا ببنائه وقادتنا في حرب 1973 .

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً