شكلت سلسلة الأخبار الممنهجة من الإعلام القطري والتركى سخرية واسعة بين النشطاء السعوديين على مواقع التواصل الاجتماعي، منذ اختفاء المواطن السعودي جمال خاشقجي في اسطنبول، واعتبر المغردون في "تويتر" أن تلك الحملات الإعلامية متناقضة وفاقدة للمصداقية، وفي كل مرة يتم دحضها ويُرد عليها بالحقائق الدامغة الأمر الذى وضع تلك الجهات في حرج أمام الرأي العام والمجتمع الدولي.
وحصد قناة "الجزيرة" النصيب الأكبر من التهكم والتندر بسبب التناقضات الكبيرة بين برامجها والأخبار التي تبثها وفقا لمصادر مجهولة لا هوية لها على أرض الواقع، الأمر الذي أجبرها على حذف سلسلة من التغريدات بعد افتضاح أمرها، فيما مارس ناشطون حملات التقصي وراء تلك الأخبار ونسف المزاعم التي تروج لها ضد السعودية.
ووسط حالة الاستغراب في البداية التي تحولت لاحقاً إلى ما يعرف باللهجة السعودية بالـ"طقطقة" على وكالات أنباء ومؤسسات إعلامية سيّست أخبارها ونصبت العداء لوطنهم، نستعرض هنا مجموعة من تلك الأخبار والتقارير المثيرة للاستهجان والسخرية.
وعرضت قناة "الجزيرة" تقريراً مضللاً ادعت فيه بأن القنصلية السعودية منحت حراس الأمن الأتراك في الخارج إجازة في نفس اليوم الذي حضر فيه جمال خاشقجي لمقر القنصلية، بينما المدعوة "خديجة جنكيز"، التي تدعي بأنها خطيبته، وأثناء اتصال هاتفي مع قناة "الجزيرة" نفسها قالت حرفياً: "ثم ذهبت عند البوابة وسألتهم أستاذ جمال دخل قبل ساعة واحدة ولم يخرج، أين أستاذ جمال هل لازال داخل القنصلية؟ فالأمن التركي قال لا يوجد أحد بالداخل ربما أنتِ لم تنتبهي عند خروجه".. فهذا التصريح الذي ربما لم تنتبه له القناة قبل بث الأخبار المزيفة نسف روايتها عن إجازة الأمن التركي حول القنصلية، وأدانت نفسها بتصريح مسجل أثار تهكماً واسعاً.
نشرت وسائل إعلام تركية، منها الوكالة الرسمية في البلاد "الأناضول" بيانات 15 سائحاً سعودياً، وقدمتهم على أنهم فصيل مخابرات نفذ عملية قتل المواطن السعودي جمال خاشقجي، ولم يصمد هذا الخبر الذي التقطته مواقع إخبارية دولية طويلاً حتى تبين أن كل ما في الأمر أنهم سياح قدموا إلى تركيا في فترات متفاوتة. وتم اقتصاص صورهم التي ثبت عند عرضها كاملة أن بعضهم كان بصحبة عائلته في المطار، كما أن تلك الصور لم تكن في صالة الطيران الخاص مثلما يزعمون.
أما الطائرتان الرابضتان على مدرج المطار لا علاقة لهما من الأساس بالقصة، وتداولت حسابات هذه الفبركة التي لم تحبك جيداً على سبيل التهكم.
فيما رأى قانونيون بأن هذا التصرف يخالف ما جاءت به المواثيق والأعراف الدولية، بل حتى الأتراك أنفسهم سخروا من هذا التقرير عندما تحدث ضابط سابق وخبير أمني تركي قال في حديث متلفز: "يستحيل قيام دولة بعملية استخباراتية خطيرة ويدخل الفريق المنفذ للعملية بأسمائهم الحقيقية.. أعتقد أن هناك طرفاً ثالثاً خلف هذه العملية".
لم تقف هذه الحملة الإعلامية الممنهجة عند هذا الحد، فلم يسلم ابن القنصل السعودي في اسطنبول محمد العتيبي وتطفلت وسائل الإعلام عليه ووصفته بـ"الزائر الغريب إلى منزل القنصل"، وصورته أثناء دخوله للمنزل عائداً من كلية الطب، وهو يرتدي البالطو الأبيض عليه شعار الكلية التي يدرس بها، فصورته على أنه شارك في الرواية الكاذبة عن قتل جمال خاشقجي، قبل أن تتراجع عن روايتها بعد اكتشافها للحقيقة.
من أطرف التسريبات ما نشرته صحيفة "الصباح" التركية عن أن ساعة "آبل ووتش" التي كان يرتديها جمال خاشقجي سجلت مقاطع صوتية للحظات التحقيق معه وتعذيبه وقتله، ومن ثم أرسلتها إلى هاتفه النقال الموجود لدى خديجة جنكيز خطيبته، والذى كانت فى انتظره خارج القنصلية، وقالت الصحيفة إن القتلة المزعومين بعد ملاحظتهم للساعة قاموا بفتحها عن طريق بصمة إصبع خاشقجي نفسه، وحذفوا بعض المقاطع.
هذه الفبركة نسفها مختص في شركة "آبل" ظهر على قناة "سي ان ان CNN" الأميركية ونفى هذه المزاعم، مؤكداً عدم امتلاك ساعة "آبل" لخاصية تسجيل وإرسال المقاطع الصوتية، إضافة إلى عدم امتلاكها خاصية الفتح عن طريق البصمة.
ومن جانبه، نفى جون باكووسكي، محرر شئون التكنولوجيا والأعمال بموقع "باز فيد نيوز Buzz Feed News"، رواية الصحيفة التركية، وقال من خلال تغريدة على "تويتر" إن ساعة "آبل ووتش" يجب أن تتعرف على كلمة المرور الخاصة بالواي فاي (WiFi) داخل القنصلية لكي تعمل، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يتوفر في حالة خاشقجي، حيث إن الإعلام المضلل زعم أنه كان مهدداً، كما أن خطيبته، زعمت أن هاتفه المحمول كان بحوزتها، ويجب أن تنضم لنفس شبكة الواي فاي (WiFi) باستخدام نفس كلمة السر حتى يتم الاتصال بين الساعة والهاتف، ولأجل اتصالهما ببعضهما، فإن المسافة بين الساعة والهاتف لا يجب أن تزيد عن 30 قدماً.