في وقت التزمت به المملكة العربية السعودية بالصمت حيال حكم القضاء الإداري الذي قضي بأن جزيرتي تيران وصنافير مصرية، اهتمت الصحف الغربية بالقضية والحكم.
صحيفة نيويوك تايمز الأمريكية علقت علة الحكم واصفة إياه بالانتكاسة السياسية الخارجية للحكومة المصرية التي طالما أكدت، ومعها وسائل الإعلام الموالية لها، أنَّ الاتفاقية الخاصة بترسيم الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية ستحقق فوائد اقتصادية لمصر وأن الجزيرتين ملكية خالصة للبلد الخليجي الذي وضعهما تحت السيطرة المصرية بقصد الحماية في العام 1950.
وذكرت الصحيفة في تقرير لها على نسختها الإلكترونية أن الاتفاقية تمّ الإعلان عنها في أبريل الماضي خلال زيارة للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز للقاهرة والتي كشف فيها عن حزمة مساعدات للقاهرة تُقدر بمليارات الدولارات.
ويعد البلد الخليجي من أكبر الداعمين الماليين لمصر منذ عزل المؤسسة العسكرية في مصر والتي كان يترأسها وزير الدفاع آنذاك الفريق أول عبد الفتاح السيسي، الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في الـ3 من يوليو 2013.
وأقرّ السيسي بأن مفاوضات ترسيم الحدود بين القاهرة والرياض كانت محاطة بسياح من السرية تجنبًا لأية تغطية إعلامية قد تتسبب في معارضة الاتفاقية.
أما صحيفة "يديعوت أحرونوت" فعلقت قائلة: "ضربة للسيسي أم طوق نجاة؟ بعدما وعد الرئيس المصري الملك السعودي بتيران وصنافير، قضت المحكمة بأن الخطوة غير صحيحة، لكن رغم أن السيسي لم يرغب في المساس باحترام السعوديين، فربما أنقذته المحكمة من الغضب الشعبي".
وقال روعي كايس محرر الشؤون العربية بالصحيفة إن “الحديث يدور عن قرار مفاجئ يضر بمكانة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي وعد الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز خلال زيارته للقاهرة بتسليمه الجزر".
وأضاف: "أثار اتفاق تسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعوديين غضبا عارما بين المصريين، الذين خرجوا في تظاهرات احتجاجية بالشوارع ضد الخطوة تحت شعار “مصر مش للبيع”، خرج رموز النظام وبينهم السيسي نفسه مدافعين، وأوضحوا أن الحديث يدور عن جزر لا تعود إلى مصر من الأساس، بل للسعودية".
وبحسب "كايس"، فإنه من غير الواضح حتى اللحظة كيف سيؤثر القرار على الخطوة التي كان يفترض تمريرها من قبل البرلمان لكنها تأخرت.
وختمت الصحيفة الإسرائيلية بالقول: “إلى حد ما، يحتمل أن تكون المحكمة المصرية أسدت معروفا كبيرا للسيسي، فهنا لن يلغي بنفسه اتفاقية ترسيم الجزر حتى لا يمس احترام السعوديين، لكن إذا ما قامت المحكمة بذلك نيابة عنه وقتها ربما لن يذهب البرلمان من الأساس للتصويت، خاصة إذا ما تم رفض طعن الدولة، ولم تُسلم الجزر للسعوديين لاعتبارات قضائية، كذلك لم يتخيل السيسي على ما يبدو قوة الغضب الشعبي المصري حول مسألة الجزر، وقدمت له المحكمة مخرجا دون الإساءة للسعوديين".
أما شبكة "بي بي سي" البريطانية فنشرت الخبر، وذكرت أن الحكم ينص على "أن تستمر السيادة المصرية على جزيرتي "تيران وصنافير" الاستراتيجيتين المتحكمتين في مدخل خليج العقبة"، ولفتت إلى أن هيئة مفوضى الدولة، التابعة لمحاكم القضاء الإداري، قد أوصت بضرورة إحالة الموضوع للجنة ثلاثية من أهل الخبرة فى كل مجالات: التاريخ والجغرافيا والخرائط والطبوغرافية، والعلوم الأخرى ذات الصلة لتحديد وضع الجزيرتين.
كما أعلنت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، في تقريرٍ لها عن الحكم القضائي الصادر من محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة ببطلان اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية مع السعودية: "الحكم يعتبر انتكاسةً خطيرةً في السياسة الخارجية لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالإضافة إلى وسائل الإعلام الموالية له، والتي جادلت بحماس بأنَّ الاتفاقية ستجلب منافع اقتصادية لمصر، وأنَّ ملكية الجزيرتين تعود إلى المملكة العربية السعودية، التي وضعتهما تحت السيطرة المصرية في عام 1950 للحماية".
وأضافت الوكالة، أن الحكم الصادر من قبل المحكمة، التي تفصل في القضايا الخاصة بالحكومة، يمكن الطعن عليه.
كما أعلن موقع "ميدل إيست أي" البريطاني، أن الحكومة المصرية لديها الحق في الاستئناف أمام المحكمة العليا، ولكن يجب الموافقة عليه من قبل البرلمان.
وأشارت وكالة أنباء "بلومبرج" الأمريكية، إلى أن ما نشرته وسائل الإعلام المحلية لا يفسر السبب وراء الحكم ببطلان اتفاقية جزيرتي "تيران" و"صنافير".
من جانبها أفادت صحيفة "الجارديان" الأمريكية، أن هذا الحكم يعتبر بمثابة نكسة لحكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي كان قد طلب من المصريين في خطاب له إنهاء الجدل حول صفقة الجزر.
فيما علقت وكالة أنباء "فرانس برس" بالقول: إن "هذا الحكم تحدى شرعية مجلس الدولة حول اتفاقية الجزر، التي تم الإعلان عنها خلال زيارة العاهل السعودي الملك سلمان لمصر والتي أدت إلى غضب شعبي ومظاهرات في البلاد".
ولم تلتفت وكالة الأنباء الرسمية السعودية "واس" إلى الخبر، وهو ما بات ملحوظًا أيضا بالنسبة لموقع صحيفة "الشرق الأوسط"، وصحيفة "الحياة" التي تعتبر آل سعود خطًا أحمر في سياستها.