الحرية ما بين القيد والمطلق

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

كأصل عام فإن التصرف ونطاق سريانه أو قوة نفاذه ترتبط لزومًا بالقيود الواردة عليه، سواء كانت بالمنع أو بالإباحة، أو كانت من قبيل تنظيم الحق في ذلك التصرف.

ونحن في صدد الحرية كتصرف، الأصل فيها الإباحة، وأما ما ورد عليها من قيود على مختلف أنواعها، فقد حددت من نطاق سريانها بالتضييق، وفي بعض الأحيان يصل إلى المنع، ولكن ما يثير التساؤل: هل ذلك التضييق يعد من العراقيل التي تواجه ممارسة نشاط الحرية أو الحق ذاته أو تعرضًا له، الإجابة المتأنية البعيدة عن التسرع في إصدار الحكم أحد أسباب الخطأ في التفكير تأخذنا إلى التمحيص في طبيعة تلك العراقيل والتي تكون مستمدة من العرف العام للمجتمع أو العادات والتقاليد، والتي هي نتاج ما يحمده المجتمع من تصرفات، فيقرها بالإباحة، وما يلفظها، فيتعرض لها بالمنع أو التجريم.

ولو أن حرية التصرف على الإطلاق، لكانت الدعوة للفوضى صريحة، وحياة الغابة محققة، وفي ذلك يكون قيودًا أخرى مفروضة على الضعفاء، يقف حائلاً بينهم وبين حريتهم التي تكون موقوفة على إقرارها من الأقوياء، والذي يبدي أن الحالة الأولى التي ينظم فيها المجتمع وقواعده العامة ممارسة الحق في الحرية هي الأولى؛ تطبيقًا لما يعد معها أنها ضمانة للحرية وليست تعرضًا لها، ويبقى في القول كلمة حق وأمانة أن كل هذا متوقف على طبيعة الأشخاص الممارسين للسلطات العامة داخل الدولة المعني بهم تشريع تلك القواعد وتنفيذها، بالحفاظ على طبيعتها المجردة البعيدة عن المحاباة والظلم والقهر والتي تحدد طبيعة تلك القواعد وموقعها من الحرية، بالضمانة والتنظيم أم بالتعرض والإجحاف.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً