حكاية الفضيحة الجنسية لأدباء نوبل بعد تغيير 4 أعضاء

جائزة نوبل للادب
كتب : وكالات

117 عام مرَّت على عمر جائزة نوبل في الأدب، فهي الجائزة التي تُمنح سنويًا منذ عام 1901 لكاتبٍ قدَّم خدمةً كبيرةً للإنسانية من خلال عمل أدبي، وذلك حسب وصف ألفرد نوبل في وصية المؤسسة لهذه الجائزة.

حيث شملت قائمة الفائزين شملت أيضًا أنواعًا مختلفة من الفنون والآداب التي ظهرت مؤخرًا، والتي على إثرها حاز آخرون على الجائزة؛ حيث حصل عليها، إلى جانب الروائيين والشعراء والمسرحيين، ثلاثة فلاسفة، هم: رودلف أوكن، وهنري برجسون، وبيرتراند راسل، بالإضافة إلى مؤرخ واحد هو تيودور مومسن، وسياسي واحد أيضًا، هو: ونستون تشرشل، رئيس وزراء المملكة المتحدة؛ وذلك بسبب خطاباته السياسية، وصولًا إلى عام 2017، عندما مُنحت الجائزة إلى المُغني وكاتب الأغنيات والرسَّام الأمريكي بوب ديلان.

ونظرًا لأهمية الجائزة، وجدت الأكاديمية الملكية السويدية التي تقف وراءها أنها في ورطة هذا العام، وذلك بعد فضيحةٍ جنسيةٍ أدت إلى تدخل الملك السويدي نفسه في النهاية.

فمنذ أكتوبر أصبح الحديث عن التحرش الجنسي في الأوساط المختلفة في الولايات المتحدة الأمريكية هو الحديث الأبرز الشاغل للرأي العام في مختلف الدول الغربية؛ بحيث لا يمر يوم واحد، إلا وتظهر فيه اتهامات بالتحرش الجنسي لأحد الشخصيات العامة المعروفة في المجتمع في المجالات المختلفة.

البداية عندما نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية خبرًا يتعلَّق باتهامات للمخرج والمنتج السينمائي الأمريكي المعروف هارفي وينشتاين؛ إذ اتهمته الممثلتان: روز ماكجوان، وأشلي جود، بالتحرش الجنسي، والاعتداء والاستغلال الجنسي لهما؛ حيث كانت من بين الاتهامات إجبارهن على تدليكه ومشاهدته عاريًا، أو طلب مزايا جنسية منهما في مقابل حصولهما على امتيازات للعمل معه في أفلامه الشهيرة والمعروفة. فمن المعروف عن وينشتاين أنَّ أفلامه ترشحت إلى أكثر من 300 جائزة من جوائز الأوسكار، وفازت بـ81 جائزة منهم، حيث قرر وينشتاين استغلالهن بالجنس مقابل الشهرة. اعترف المخرج بالاتهامات مقدمًا اعتذارًا مؤكدًا فيه أنه «تسبب بالألم للكثيرات».

حيث وصلت الاتهامات ضد وينشتاين لـ 65 سيدة مختلفة في الولايات الأمريكية وخارجها على مدار 30 عامًا ضد المخرج والمنتج المعروف، وكانت من بينهنّ الممثلة أنجيلينا جولي، وجوينيث بالترو، الحاصلات على جوائز الأوسكار.

الاتهامات العديدة التي لاحقت المنتج والمخرج الأمريكي، هارفي وينشتاين، دفعت عددًا من النساء اللواتي تعرَّضن للتحرش إلى تأسيس الوسم المعروف إعلاميًا باسم #أنا_أيضًا أو #MeToo ، والذي انتشر على شبكات ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، كـ«فيسبوك، وتويتر، وإنستجرام».

وكشفت صحيفة «داجنس نيهتر» السويدية أن هناك 18 سيدة اتهمن المصور الفرنسي الذي يحمل الجنسية السويدية، جان كلود أرونو، بالاعتداء عليهن، أو مضايقتهن جنسيًا، وذلك على مدار 20 عامًا، في عدة أماكن مختلفة بين فرنسا، والسويد، بما في ذلك أماكن مملوكة من قِبل الأكاديمية الملكية السويدية، المسؤولة عن اختيار وتوزيع جائزة نوبل للآداب. وذكرت السيدات أنهن أقدمن على الإعلان عن هذه الخطوة بعد انتشار الوسم على مستوى العالم؛ حيث شعرن بأنهن غير خائفات ليتحدثن الآن.

ربما تتساءل الآن، وكيف يدخل «أرنو» إلى الأكاديمية، وكيف يرتبط اسمه بجائزة نوبل للآداب؟ الإجابة هي «كاتارينا فروستنسون»؛ فهي شاعرة، ومؤلفة، وزوجة السيد «أرنو»، وهي عضو بالأكاديمية الملكية السويدية، فهي من ضمن اللجنة التي تختار الفائز بجائزة نوبل للآداب كل عام. ولسنواتٍ عديدةٍ؛ كان الزوجان يديران مكانًا يُدعى «forum»، وهي الكلمة الإنجليزية التي تقابل كلمة منتدى بالعربية؛ حيث كان هذا المكان بمثابة صالون ثقافي في العاصمة السويدية، ستوكهولم؛ حيث كان معرضًا للكتب، والقراءات المختلفة، وساحةً لالتقاء العديد من الشخصيات الثقافية والفنية البارزة، ولا سيما أولئك الحاصلين على جوائز نوبل. وبرغم اعتماد «forum» على التمويل بشكلٍ كبيرٍ على الأكاديمية الملكية السويدية، إلا أنه في وقتٍ لاحق تم إغلاق المكان؛ وذلك بسبب تعارض مصالحه مع الأكاديمية بحسب ما تم إعلانه على موقع صحيفة «الجارديان» البريطانية.

والاتهامات التي لاحقت المصور الفرنسي السويدي جان كلود أرنو، لم تتوقف فقط عند النساء اللواتي أعلنّ ذلك في نوفمبر الماضي فقط، بل يبدو أن هناك اتهامات بالتحرش الجنسي بالأميرة فيكتوريا، ولية عهد عرش السويد، وذلك خلال حفلٍ سابقٍ للأكاديمية الملكية السويدية.

ونفى السيد أرنو الاتهامات التي وُجهت له بالتحرش بالأميرة فيكتوريا، أو بلمس مؤخرتها خلال حفل داخل الأكاديمية في عام 2006، إلا أن هناك صحيفة «سفينسكا داجبلادت»، التي نشرت شهادات لثلاثة أشخاص قالوا إنهم شاهدوا واقعة التحرش بالأميرة. من جانبه لم يعلق القصر الملكي السويدي على هذه الحادثة، إلا أنه أصدر بيانًا عامًا عبر فيه عن تضامنه مع ضحايا التحرش والاعتداء الجنسي في إطار حملة: أنا أيضًا.

ومع انتشار الفضيحة الجنسية داخل أروقة الأكاديمية الملكية السويدية إلى العالم الخارجي، عملت الأكاديمية على إجراء تحقيق داخلي مُوسَّع حول أفعال السيد أرنو داخل أروقة الأكاديمية؛ حيث توصَّلت إلى أنه قد قام بتسريب سبعة أسماء من الفائزين لجائزة نوبل للأدب على مدار أعوام، وذلك في إطار المراهنات الثقيلة على الفائزين، بما في ذلك المراهنة على فوز بوب ديلان بالجائزة عام 2016. من جانبه قال بيورن هورتيج، محامي المصور الفرنسي السويدي، إن موكله ينفي جميع المزاعم الموجهة إليه، مضيفًا أن السيد أرنو قد أصبح «ضحية مطاردة ساحرة»، وأن الاتهامات التي وُجهت إليه هي بهدف إلحاق الأذى به.

أجبرت السيدة سارة دانيوس، أول امرأة أديبة عالمة ترأس الأكاديمية الملكية السويدية، على تقديم استقالتها في منتصف شهر أبريل (نيسان) المنصرم؛ وذلك بعد أن قطعت العلاقات بين الأكاديمية، وبين السيد أرنو وصالونه الثقافي، كما أنها استأجرت شركة قانونية متخصصة في أواخر العام الماضي من أجل التحقيق في علاقة السيد أرنو بالأكاديمية.

وجاءت استقالة دانيوس بعد أسبوع واحد فقط من استقالة ثلاثة أعضاء آخرين في الأكاديمية؛ وذلك بعد إعلانهم أنهم وُضعوا تحت ضغط ومضايقة من مكتب المحاماة الذي استأجرته رئيسة الأكاديمية؛ مما خلق أزمة داخلية بين أعضاء الأكاديمية الذي يبلغ عددهم 18 شخصًا؛ حيث إن هذه الأزمة الداخلية لم يسبق وأن حدث بمنظمة نوبل على الإطلاق. كما أن هؤلاء الثلاثة أكدوا أن استقالتهم جاءت أيضًا اعتراضًا على عدم طرد فروستينسون، زوجة المصور الفرنسي المتهم بالتحرش.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً