حكايات ما بعد الحرب.. الهدوء يمنح دمشق الحياة: "اللهو على فوارغ الرصاص" (صور)

تمكن بعض الأشخاص في العاصمة السورية دمشق من الاستمتاع بشيء من الحياة الطبيعية منذ انتهاء القتال في المنطقة بمايو الماضي، ولكن الحياة داخل أنقاض المدن المدمرة والمُعدمة القريبة، لم تكن تختلف كثيراً، حيث سيطرت الحكومة المركزية على دمشق طوال الحرب ومما قلل كثيرا من أضرار المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، ما يدلل على الفجوة الهائلة بين الجانبين في قوة التسلح، وكانت أجزاء من منطقة الغوطة الشرقية خارج دمشق دمرت بالكامل خلال هجوم حكومي لاستعادتها من المتمردين، وعندما استسلمت المنطقة، اختار عشرات الآلاف من أفرادها، من المقاتلين والمدنيين، مغادرة الغوطة الشرقية من خلال ممر آمن إلى مناطق المعارضة في شمال سوريا بدلاً من العودة إلى الحكم الحكومي، فيما قرر آخرون البقاء.

انتهى الآن خطر التعرض للضرب بالرصاص أو إطلاق القذائف بالقرب من العاصمة، لكن الظروف الحياة وسط دمشق، والحياة الليلية المريحة ومنطقة الأعمال المزدحمة بها، تبدو بعيدة كل البعد عما تعانيه الغوطة الشرقية، وحتى أثناء القتال، كان الناس في دمشق يخرجون مساء لتناول الطعام والشراب والرقص، لكن في هذا الصيف، كانت الحانات والمطاعم أكثر انشغالاً.

وقالت دانا 24 عامًا وهي عاملة في حانة شاكر: "أثناء الحرب عندما كانت القنابل تتساقط، قد تكون هناك أيامًا دون زبائن لكننا لم نتوقف عن العمل"، وتعمل صالونات الحلاقة بكفاءة وفى نهاية الأسبوع تقيم المقاهي في الشوارع الأمسيات.

وكان هذا الصيف هو الأول منذ عام 2011 دون أصوات القتال في دمشق، وفي حفل زفاف خارج المدينة، أنطلقت فرقة الروك الشبابية تعزف أنغامها، فى حين كان العريس محمولا على أكتاف أصدقائه وعائلته، وحوله الناس يصفقون، ثم يقوم بعدها العريس بحمل عروسه ويأرجحها بين ذراعيه، ليحيط بهم فستانها الأبيض متطايرا.

وعلى النقيض بعد بضعة أميال في مدينة الغوطة الشرقية، المحاطة بأنقاض البنايات، تظهر في أحد المباني آثار طلقات نارية، كان شاب في الطابق الخامس يجرف الحطام من الشرفة، لتحضير الشقة لإعادة استخدامها، وتلمس يد الخراب كل ركن من الشوارع، وفي أحدى كبرى المستشفيات في المنطقة، حيث تخترق جدرانها قذيفة ضخمة، يستمر المسعفون في عملهم خارج الطابق السفلي، ووسط حطام الشوارع يدفع صبي صغير عربة لبيع الحلويات المطبوخة بين المباني المدمرة.

ويرجع نجاح الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب إلى روسيا، التي دخلت الحرب إلى جانبه في عام 2015، والذي أصبح جنوده الآن مألوفين في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، ومنذ بضعة أشهر انتهى القتال فى دوما، لكن إعادة الإعمار قد تكون بعيدة جدا، فلا تستطيع سوريا تحمل برنامج إعادة بناء كبير، من المستبعد أن يدفع حلفاها الأقرب، روسيا وإيران، فلن تدفع الدول الغربية أي أموال دون حدوث تحول سياسي.

وفي حي الخالدية في حمص، الذي استعادته الحكومة عام 2013، كانت تتضح الطبيعة البطيئة للإصلاح، فالمدن غير مأهولة بالسكان ومغلقة من قبل الجيش.

في إحدى المناطق، يلعب الأولاد كرة القدم بالقرب من مبانٍ قامت القنابل بمساوتها بالأرض، وصنع مرماهم من براميل الزيت الصدئة ووضعوا الشرائط وسلك مربوط بينهما كعارضة.

وقال أبو فارس وهو صاحب متجر في مدينة حمص القديمة "السوق المغطى كان دائما مزدحما لكن الآن عدد قليل جدا من الناس يأتون إلى هذه المنطقة"، وحتى الشباب الذين يستمتعون بالحياة في دمشق، فإن طول وبطء تحدي الاصلاح الاقتصادي يجعل من الكثيرين يفكرون في المغادرة، وذكرت رشا 30 عاما وهي صاحبة حانة "أحب عملي، وأحب الليل هنا، لكني أود الإنتقال من سوريا، فلا أرى مستقبلا هنا" وأضافت: "عندما بدأت الحرب هنا وكانت القنابل تسقط كل يوم، لم أرغب في المغادرة، لكن الآن، أريد ".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
برلماني متهمًا الحكومة بالتخبط: قسمت الشعب لطبقتين «نجيب ساويرس ونجيب منين»