صدرت الطبعة الثانية للترجمة العربية لكتاب "مذكرات أميرة بابلية" للأميرة البريطانية العراقية "ماري تيريز أسمر". ترجمة وتحقيق الأديبة والتشكيلية البريطانية العراقية د. أمل بورتر، عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة، والصادر باللغة الإنجليزية في مايو سنة 1844.
وهو من الكتب التي تحتفظ بها المكتبة البريطانية؛ لأهميته الثقافية والتاريخية؛ حيث إنه من الوثائق النادرة والمهمة عن فترة تاريخية هامة للعراق، كما أنه قراءة حقيقية لمستويات البناء الاجتماعي العراقي الحضري والبدوي والريفي في زمن كان فيه العراق خاضعا للهيمنة القاسية لسلطة الدولة العثمانية. فلا تغفل ماري تيريز أسمر الحالة الاجتماعية والتجارب الطفولية والتراثية والبدوية والأزياء والمجوهرات، ولا تترك فرصة تفلت منها بدون أن تشير بإصبعها للغرب قائلة بكل وضوح وصراحة : نحن أفضل منكم.
في الكتاب تصف الطعام والملابس وطرق البناء والأدوات المنزلية والعادات الاجتماعية، ثم تحدثنا عن الأديان ومواعيد الصلاة والأاذان وتفاصيل الطقوس الإسلامية والمسيحية. تتحدث بإسهاب عن البدو واليزيدية والأكراد والعرب والكلدان والسريان، وعن جو وحرارة صيف بغداد والنوم فوق السطوح، وتصف العمارة والحياة اليومية، وتتحدث عن الطارمات والبلكونات والحدائق والحمامات العامة وعن الماضي والحاضر، وتصف الطرق الصحراوية والنهرية.
في ذلك الزمن البعيد المنغلق تغادر ماري وادي الرافدين.. تسافر عبر الصحاري.. تخترق وديانًا.. تمرُّ بجبال.. تزور خلالها سوريا وفلسطين ولبنان، ثم تذهب إلى إيطاليا وفرنسا وإنجلترا، وتمرُّ بفترات ضيق، لكنها تقاوم.. تقابل أشرافًا وأمراء وملوكًا والبابا، وتؤلِّف الكتب وتترجم، وتطبع كتبها سنة 1844 م.. تكلمت بلغات كل تلك الشعوب: العربية والسريانية والعبرية واللاتينية والتركية والكردية والفرنسية والإيطالية والإنجليزية، في الوقت الذي كان زمانها إبان الحكم العثماني (1804-1860) تصل فيه الأمية إلى ما يزيد على %95 بين الرجال والنساء في وادي الرافدين.
ماريا تيريزا أسمر ولدت سنة 1804 في بلدة تلكيف، وتوفيت في فرنسا قبل الحرب الفرنسية البروسية، وعرفت في أوروبا باسم الاميرة البابلية في أوروبا، وتعتبر أول امرأة عراقية وعربية تنشر مذكراتها، وتؤرخ لبلدها. وأطلق عليها اسم الأميرة اعتزازا بأصولها السريانية الكلدانية، وتفتخر بأنها سليلة عشتار.