3 قرى في المنوفية تحت حصار تدوير القمامة: "الناس بتقعد في البيت ببخاخة".. وفاة أطفال وكبار سن وبوار 50 فدانًا.. والأهالي: "لا يوجد منزل دون مريض صدر" (صور)

ما إن تصل إلى قرى «كفور الرمل وشرانيس وقويسنا البلد» التابعة لمركز مدينة قويسنا بمحافظة المنوفية، وتضع قدميك عليها تتفاجأ برائحة القمامة النفاذة، وتشعر بالاختناق الشديد بسبب مصنع تدوير القمامة المتواجد بالقرية، مما أدى لوفاة العديد من الأطفال والأهالي وازدياد نسبة الإصابة بالأمراض الصدرية کـ«الربو» بالقرى.

كارثة بيئية لا تُحتمل، اختناق كبير بسبب الأدخنة المنبعثة من مصنع القمامة، الذي حول حياة أهالي المدينة لجحيم، وتسبب في حجز حالات مرضية بالمستشفيات وفساد المحاصيل و«خراب بيوت» الفلاحين.

ففي البداية يقول عبد القادر عبد الخالق أحد الفلاحين المتضررين والذي يملك 7 فدادين: كان الهدف من مصنع تدوير القمامة في المنطقة هي تحويل القمامة إلى سماد لاستخدامة في الزراعة للنهوض بها ولكن فى الحقيقة تسبب في إتلاف أكثر من 50 فدان منها ما تم تبويره، ومنها ما خفض إنتاجيه إلى الربع.

وأضاف عبد الخالق أن الفلاحين هنا يزرعون محاصيل «الذرة، والسوداني، والبرسيم»، ويضطرون إلى زراعة المحصول بالتربة أكثر من مرة حتى ينمو، ولكن دون جدوى فلا تنمو المحاصيل سوى لخمس سنتيمتر في حالة من اليأس تعم المزارعين.

وتابع: أصبحنا يائسين من عودة أراضينا التي كانت تضع لنا محصولًا قبل إنشاء المصنع يصل إلى 20 طن لتصبح حاليًا لا تنتج سوى حوالي 8 أطنان، ونحمد الله على الوصول لهذا المستوى من المحصول.

وتحدث عبد المغني الحديدي أحد الفلاحين لـ«أهل مصر» قائلًا: كنت من ملاك الأراضي الزراعية التي يتم استئجارها لكبر سني وعدم قدرتي علي الزراعة كالسابق فأنا أمتلك 5 أفدنة، رفض المستأجرون استئجارها لأنها لا تعطي المحصول المراد وذلك لتغطيتها بالطبقة الحمراء التي تساعد على فساد المحصول وعدم نموه وبالتالي اصفراره.

وأكد «الحديدي» أن العديد من الماشية نفقت مختنقة بسبب الأدخنة المنبعثة من المصنع هذا بالإضافة إلى وصول الأدخنة إلى القرى مما أدى لإصابة معظم الأهالي بالأمراض الصدرية وأشهرها الربو، فضلا ً عن رفض الماشية تناول عيدان نبات الذرة لتشبعها بالأدخنة، وبالتالي اصفرارها.

«عرضت تأجير الأرض بسعر قليل جدًا لكن مفيش حد راضي يأجر».. هكذا استكمل الفلاح عبد المغني الحديدي روايته للتعبير عن معاناته، قائلاً: «آتي يوميًا للأرض الزراعية لأبحث عن أي مستأجر ولكن لا فائدة من ذلك، لذلك قمت بزراعتها بنفسي وبدأت في التحسر، وذلك لان الأرض الزراعية كانت تنتج كنزًا من الخضروات، فكنت أقوم بزراعة كافة أنواع الخضروات بها، وكذلك البرسيم والذرة والقمح ولكن فى الفترة الأخيرة امتنعت عن زراعة الخضروات واستبدلتها بزراعة القمح والبرسيم، لم يفلاحا بسبب اصفرار أوراقها وبالتالي وقوف نموها الذي يحتاج إلى تربة جيدة بسبب رداءة المحاصيل، وتشقق التربة فنعمل من أجل إصلاح التربة مرة أخرى، ولكن لا نستطيع».

وأضاف سعيد الندري أحد الفلاحين أن مصنع تدوير القمامة ما هو إلا كارثة سقطت على رؤوس أهالي مدينة قويسنا منذ سنوات ليست بالكثيرة ولكنها تسببت في قذف الرعب داخل نفوس أهالي القرية، بسبب الحيوانات الضالة والحشرات التي ترعى بها والزواحف فهي جبال من القمامة، وهذه الأكوام تشتعل تلقائيًا نظرًا لتراكمها وكثرة المواد المشتعلة بداخلها، وحرمت أهالي القرى من الاستمتاع بالنوم ليلاً، وذلك بسبب روائح القمامة والدخان الذي ينتشر في منازلهم والذي لا ينقطع نهائيًا.

واشتكت صفاء أحمد النجدي إحدى مريضات مستشفى الأمراض الصدرية بمركز قويسنا، قائلة: «توفى ابن عمي بسبب مصنع القمامة الذي يجعل الليل بأكمله عبارة عن ضباب من كثرة الدخان الخاص بالمصنع، مما أصاب جميع عائلتي بالأمراض الصدرية، هذا بالإضافة إلى معظم أهالي قرية كفور الرمل الذين أصبحوا مصابين بالأمراض الصدرية، فضلاً عن وجود العديد من أبناء وأهالي القرية الموجدين فى مستشفى قويسنا لإصاباتهم بالأمراض الصدرية والحساسية والجيوب الأنفية».

«الأهالى هنا عندهم بخاخات لما بيتخنقوا ببستعملوها».. هكذا واصت «صفاء» حديثها معبرة عن شعور الأهالي بالاختناق الشديد من كثرة روائح القمامة والأدخنة المنبعثة منه، والتي لا تنقطع أبدًا.

وطالب الأهالي بإغلاق مصنع قمامة مدينة قويسنا، بل وتحويله إلى أي مكان آخر في الجبال بعيدًا عن أراضي الفلاحين والكتلة السكنية حتى تعود الحياة الهادئة لهم والهواء النظيف مرة أخرى أو يقوم المسئولين بتعويضهم عن الأراضي التي بارت والضحايا الذين توفوا نتيجة وجود هذا المصنع.

نقلا عن العدد الورقي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً