"الصمت في حرم الجمال جمال".. رحلة البحث عن ضريح "رابعة العدوية": عروس بيضاء في "جزيرة المقابر" (صور)

هى سيدة ليست كالنساء، لم تجد في الدنيا وملذاتها راحتها فآثرت الابتعاد عن الخلق بقلبها، وأدركت أن حبها لا يمكن إلا أن يكون لرب الأكوان - جل جلاله - فهامت في حب الله سابحة بكيانها وقلبها في عالم مليء بالنفحات الإلهية والرحمات حتى ارتقت وعرجت في معارج القرب ليطلق عليها بحق «شهيدة العشق الإلهي».

تعد السيدة رابعة العدوية البصرية من الأعلام البارزة في تاريخ الصوفية، وذلك لكثرة عبادتها وورعها الشديد، ولكنها أيضًا من أكثر الشخصيات التي ظلمها أقلام الكتاب والمؤلفين، وشوه سيرتها الأعمال الفنية التي يتوجب وجود الحبكة الدرامية فيها، فقد ولدت رابعة العدوية في مدينة البصرة في مطلع القرن الثاني الهجري في أسرة فقيرة، وكانت أخت لـ 4 بنات، وعند ولادتها رأى والدها منام شاهد فيه الرسول وهو يقول له لا تحزن ستصبح هذه المولودة سيدة جليلة.

عاشت الأسرة الفقيرة حياة هادئة، ولكن شائت الأقدار أن يتوفى رب الأسرة تاركًا بناته وصغارًا ضعافًا بلا أي ثروة تحميهم من مصاعب الحياة، وسرعان ما لحقت به الأم، ولكن لم يستسلم الأولاد، فخرجت «رابعة» رغم صغر سنها لكي تعمل حتى تحصل على ما تقتات به هي وإخوتها، ولكن حدثت في البصرة آنذاك مجاعات أدت إلى تفرقها عن أسرتها الصغيرة وعندها قام أحد اللصوص باختطافها والزج بها في سوق الرقيق، وباعها على أنها جارية لتاجر مقابل ستة دراهم.

ذاقت رابعة العدوية الأمرين خلال الفترة التي عاشت فيها كجارية مملوكة لهذا التاجر، حيث كان يعذبها بشتى الطرق، ولكنها لم تجد ملجأ من الأذى الذي لحق بها سوى التقرب من الله، فكانت تؤدي واجبات عملها ثم تتفرغ للتعبد خلسة بعيدًا عن أعين البشر، وفي ذات اليوم استيقظ سيدها فوجدها تدعو الله وتبتهل لكي يخلصها من العبودية التي لحقت بها ووجد فوق رأسها مشكاة من نور تدور فوق رأسها، وعندها عزم على تحريرها ومن هنا بدأت رحلتها مع التصوف.

ذهبت «رابعة» بعد أن حصلت على حريتها إلى أحد الأماكن النائية البعيدة عن أعين البشر، وقضت طيلة حياتها هناك زاهدة عابدة لا تكل ولا تمل من الذكر والعبادة، وترجع سبب شهرتها إلى تواضعها الشديد وغزارة علمها بأمور الدين علاوة على أبيات الشعر التي حركت بها قلوب العاشقين للذات الإلهي، وظلت على هذا الحال إلى أن توفاها الله.

وتعد قصة حياة رابعة العدوية نموذج لسيدة مكافحة يحتذى بها وليست كما صورتها الأعمال الدرامية والفنية وأقلام الكتاب بأنها سيدة «عاهرة» عاشت حياة المجن والفجور أثناء العبودية إلى أن هداها الله، فهي نشأت في أسرة صالحة وحرصت دائمًا منذ نعومة أظافرها على التواجد في حلقات الذكر وحفظ القرآن الكريم، أما كل ما يخص أنها كات مغنية حسنة الصوت تجذب إليها الرجال بعذوبة حسها فهو من باب «الحبكة الدرامية» لجذب انتباه المشاهد وليس إلا.

يوجد العديد من الأقاويل المتضاربة حول المكان الذي دفنت فيه السيدة رابعة العدوية، فهناك عدد كبير من الأشخاص يجزم أن جثمانها الشريف موجود على جبل الطور بفلسطين، في حين قال البعض إنها دفنت في البصرة بالعراق، حيث مسقط رأسها، وبالبحث عثرت «أهل مصر» على مكان نائي في قلب المقابر بمنطقة المقطم، يذكر أنه رابعة العدوية.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
مدبولى يدعو رجال الصناعة إلى تعميق الصناعة في مصر.. ويؤكد: "شاغل الحكومة الأول"