يبدو أن قانون الإيجارات القديمة الذي ينتظر تعديلاته بفارغ الصبر قطاع عريض من المواطنين من أصحاب وملاك العقارات الذين تضرروا كثيرًا منه، ويرونه ظالما وعاصفا بحقوقهم في ظل الظروف والأوضاع الاقتصادية الراهنة، سيظل حبيس الأدراج، إلى أن تأذن الجهات المعنية بأمر من عندها، فبعد أن ذهبت أغلب توقعات نواب البرلمان، أن يكون هذا الملف ضمن الملفات الرئيسية التي سيقتحمها مجلس النواب خلال دور الانعقاد الرابع، بعد تأجيله لأكثر من دور انعقاد، جاءت بما لا تشتهيه سفن المؤجرين ومن يدافعون عنهم وعن حقوقهم من نواب البرلمان.
حيت تحمل له الأيام المقبلة مصيرًا آخر، وهو ما أفصحت عنه مصادر برلمانية رفيعة لـ"أهل مصر"، بقولها:" من الصعب أن يقوم البرلمان بفتح هذا الملف الحساس خلال الفترة المقبلة، مضيفة بقولها:" البعض فضّل إغلاق هذا الملف خصوصا في هذه الفترة"، دون أن تفصح المصادر عن المزيد حول ماهية والمقصود من "البعض"، وحول دوافعها ومبرراتها من إغلاق هذا الملف نهائيًا.
المتابع جيدًا للحياة السياسية في مصر منذ نشأتها عام 1866، يستطيع أن يقول، أن هناك جهات سيادية كثيرًا ما تقدم توصياتها وتقاريرها لجميع سلطات الدولة بما فيها مجلس النواب، لاسيما في الظروف التي تشهدها البلاد والمراحل الحرجة من تاريخها، وليس هناك أصعب وأدق من هذه الفترة الحرجة من تاريخ مصر، والتي يكثر فيها الحديث بقوة داخل أورقة مجلس النواب، أن هناك تعديلات دستورية مرتقبة سيشهدها الدستورالمصري المعدل في عام 2014، خلال الفترة المقبلة، وهذا الملف سيكون الشغل الشاغل لمجلس النواب، خلال الأيام القادمة، وتسعى الجهات المعنية في الدولة أن يتم هذا الأمر دون أي إضطرابات، وتوفير الجو الملائم لها.
وبالتالي فإن المبررات التي استند عليها تقارير الجهات السيادية التي أوصت البرلمان، بإغلاق الحديث في ملف قانون الإيجارات القديمة، لها من المبررات التي تستند لها، وقانون مثل قانون الإيجارات القديمة، يمس أكثر من 30 مليون مواطن، وما يترتب عنه من آثار كطرد مستأجر أو غيره، من شأنها أن تتسبب في انقسام مجتمعي، في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية التي يعاني منها الجميع، بعد غلاء الأسعار الذي التهم الأخصر واليابس.
ولا يخفى على أحد أن المجالس النيابية طوال الثلاثين عاما هي فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، حاولت مرارًا وتكرارًا فتح هذا الملف، ولكنها تراجعت في كل مرة ، خشيةً من الغضب الشعبي الذي قد ينجم عند الحديث عنه، وبعد أحداث 25 يناير 2011، عاد الحديث بقوة عن تعديل قانون الإيجارات القديمة، في ظل المطالب الفئوية الواسعة للمواطنين التي كانت تطفوا على سطح المشهد من وقتٍ إلى آخر.
وبعد ثورة 30 يونيو 2013، عاد الأمل من جديد لملاك العقارات، وانعقدت الآمال على مجلس النواب الحالي، وهو ما دفع النائب إسماعيل نصر الدين، نائب حلوان والمعصرة، وعضو لجنة الإسكان بالبرلمان، يتبنى المطالب ويتقدم بمشروع قانون لتعديل قانون الإيجارات القديمة، إلا أنه على أرض الواقع لم يدخل حير الاهتمام إلا مع دور الانعقاد الثاني، بعد أن تقدم بهذا المشروع رسمياً للبرلمان، وتبناه معه أيضًا عددًا من النواب البارزين في البرلمان، وعلى رأسهم النائب معتز محمود رئيس لجنة الإسكان.
"سيخرج للنور خلال دور الانعقاد الثالث- البرلمان سيناقش هذا الملف- لن يتضرر منه أحد"، لعل هذه الكلمات كانت أبرز تصريحات المتبنين الملف، غير أن دور الانعقاد الثالث انقضى دون أن يتم فتح ملف الإيجارات القديمة، وقيل وقتها، أن البرلمان انشغل ببرنامج الحكومة الذي استغرق الكثير من الوقت لدراسته، وانشغل أيضًا بمناقشة عدد من المشروعات القوانين التي كان يلزم إقرارها خلال دور الانعقاد الثالث، وعلى الرغم من أهمية هذا الملف، إلا أنه لم يكن في أجندة البرلمان.