"والله ما فطرت أنا وعيالي لحد دلوقت"، بتلك العبارة القاسية بدأت صباح عبدالحليم أحمد سنجاب، ربة منزل تبلغ من العمر52 عاما، التي تقطن بقرية عرب بخواج التابعة لمركز طهطا شمال محافظة سوهاج، كلماتها لنا فى الحادية عشر صباحا يوم زيارتها.
تعيش صباح التى تعمل فى بيع الأسماك، برفقة اثنين من أبنائها، أحدهما فى الصف الأول الإعدادي، والثاني فى الصف الثالث الابتدائي، تحت سقف غرفة من الجريد والنخيل يعلوه الطين، وتسكن بين شقوقه الجرزان والصراصير والعقارب والثعابين فى كثير من الأحيان، تنظر إلى السقف ترى منة بعض عنان السماء لسوء حالته وتدهورها وفتحاته التى تطل على السماء.
تقول صباح، إن المنزل قامت بشرائه عن طريق بيع نصيبها فى منزل والدها، وأكملت عليه بالاقتراض من جمعيتين للقروض، ومكون من غرفتين، الأول بها كل ما تملك من ثلاجة وبعض الأواني والبطاطين ومروحة، وسرير تنام علية برفقة أبنائها الصغار.
وتضيف أنها لا تملك أي دخل إلا عن طريق شراء الأسماك وبيعها، وهذا غير متوفر يوميا حسب وجود الأسماك من التجار فى النيل أو الاسماك المجمدة.
وتروى صباح وهى تبكى قائلة: مطلوب منى فى بداية كل شهر مبلغ 864 جنيها لجمعية "تدى تساهيل"، وجمعية أخرى مطلوب منها 435، أى إجمالى 1300 جنيه، اقترضت تلك المبالغ لتكمل للسمسار الذى باع لها قطعة الأرض التى لا تتعدى 60 مترا باقي ثمن الأرض لتجد لنفسها وأولادها مأوى بعد أن هجرهم زوجها، ولا يأتي إلا كل شهور و"مبيجبش فى إيده كيلو سكر ولا حتى فاكهة للأولاد، وكان عايز يأخدهم منى عشان يتعبهم ويبطلهم علام ويشغله لحسابه" .
وأضافت أنها لا تتقاضى أية مساعدات مالية من أية جهة حكومية أو أهلية، وتتمنى من الله أن يقدرها وتسدد ما عليها من ديون، وترغب فى أهل الخير أن يقوم أحدهم بعمل سقف لغرفة تعيش أسفل منها وأبنائها خوفا من المطر والزواحف، وبناء حمام صغير.
ويلتقط الحديث ابنها الأكبر قائلا إن مندوبة إحدى الجمعيات كان ليها 250 جنيها ومكنش معانا راحت اشتكت أمى والحكومة خدتنا.
وتختتم حديثها وهى باكية: "أنا كل شوية البوكس بتاع الحكومة بيجى ياخدنى عشان مسددتش القروض، وأنا القروض دى ما أكلتش ولا شربت بيها انا اشتريت ربع قيراط أسكن فيه وأربى وأعلم أولادي، ويشكروا أهل الخير اللي بيبصوا عليا ساعات، دي اللحمة مش بنشوفها غير من الجمعيات الخيرية كل سنة وضحية، عايزة أربى عيالي وأعلمهم، والله بشحت عليهم عشان أربيهم وأسدد ديوني".