ارتبطت فكرة عروسة المولد منذ زمن بعيد، وتحديدا منذ العصر الفاطمي، بذكرى الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، والذي يوافق 12 ربيع أول من كل عام ، حيث اتخذت أشكالا مختلفة منها الفرسان والعرائس ، الطيور والحيوانات، لكن كل شكل من هذه الأشكال كان خلفه صانع بارع في فن النقش والحفر على الخشب، وعمل قوالب بأشكال متنوعة، هذا الصانع هو بطل حكاية عروسة المولد ،التي تعرض كل عام ، في مثل هذه الفترة ؛ لذا قامت كاميرا "أهل مصر" بجولة ميدانية، بمنطقة الأثرية بطنطا ؛ لمعايشة العرض الأول لبطل حكاية عروسة المولد ، كان عم محمود عبدالرحيم حسنين ، الذي يبلغ من العمر 51 عاما، عامل فرم واستنباط، هو بطل عرضنا ، حيث قال : "ورثت هذه المهنة عن أجدادي ، وبشتغل فيها من وأنا عندي 6 سنين، ومعنديش أي مهنة تانية غيرها ، مضيفا أن أساس صناعة عروسة المولد هو العمل اليدوي؛ لذا فالقالب هو العامل الرئيسي، بل والأساسي لصناعتها، وليس بإمكان أي شخص أن يصنعه، حتى النجار الذي يصمم أشكالا وفرم غاية في الروعة والجمال على الأثاث، يقف عاجزا أمام صنع قالب عروسة المولد ".
وأوضح عم محمود، أن القالب الذي يصب فيه خليط عروسة المولد، يكون عبارة عن جزئين، الأول يكون للوجه، والثاني لخلفية أو ظهر العروسة، بحيث يتم وضعهم ملاصقين لبعضهما من الأمام، ويتم لف أستك عريض حولهم لتثبيت القالب أثناء صب خليط عروسة المولد
كما أوضح عم محمود، أن القالب يمر بعدة مراحل؛ ليصل إلى الشكل النهائي، الذي نشاهد عليه عروسة المولد ، حيث تكون البداية برسمة لشكل معين - عروسة أو حصان أو عصفور - يضعه على قطعة خشبية على شكل مربع أو مستطيل، والتي يختلف حجمها وفقا لحجم ونوع الرسمة، ويقوم بتحديد هذه الرسمة على الخشب بإستخدام قلم جاف ، وتابع قائلا: "يتم بعد ذلك تفريغ الرسمة المحددة على الخشب ، ثم تشطيب أو إزالة الزيادات يدويا ، لافتا أنه يستخدم الخشب السويدي الفرلندي " .
وأشار عم محمود عبدالرحيم ، إلى أن أسعار القوالب تختلف وفقا لحجمها ( صغير ،متوسط ، ثلث ، ربع ، نصف ، رتل ... وهكذا )، فسعر 100 قطعة من الحجم الصغير أو المتوسط يبلغ 1500 جنيه ، بينما يصل سعر 100 قطعة من الرتل إلى 5 آلاف جنيه .
وأضاف عم محمود ، أن هذه المهنة تكفيه ومربحة، يعمل بها طوال العام ، حيث أن خط البحيرة كله يتعامل معه ويشترى هذه القوالب منه ، وبالتالي فشغل هذا الخط وحده يكفيه ؛ نظرا لأن لديهم خمس مواسم لعروسة المولد وهي' موسم رجب ، شعبان ، عاشوراء ، المولد النبوي ، رأس السنة الهجرية
كما أضاف أنه خلال المواسم، نتيجة ضغط الشغل، يستعين بصانيعي واحد أو أكثر ، بحيث تكون يومية الواحد منهم 150 جنيها .
وأوضح أن فترة عمر القوالب الخشبية تحدد وفقا لطبيعة الاستخدام والتخزين ، مشيرا إلى أنه إذا تم استخدامها بشكل صحيح، من خلال التنظيف الجيد بالماء والصابون عقب كل استخدام ، وكذلك التخزين الجيد عقب انتهاء العمل أو الموسم عن طريق الغسيل الجيد ،ثم التجفيف ، ثم وضعها في كراتين ، ويتم رشها ببودرة للصراصير ، هنا قد يدوم عمر هذه القوالب فترة طويلة قد تتجاوز الـ5 سنوات .
وقال عم محمود، إن رائحة البودرة، وكذلك الملمس الخشن للخشب يزول بمجرد وضع القوالب في المياه لفترة أسبوع، وذلك إذا كانت هذه القوالب كبيرة ، وخلال الأسبوع يتم تغيير المياه 3 أو 4 مرات، بينما إذا كانت القوالب صغيرة، فتوضع لمدة 3 أيام فقط بالمياه .