اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه

تعُد مرحلة الطفولة المبكرة مرحلة مهمة في حياة الطفل، حيث إن نموه فيها يكون سريعاً وبخاصة النمو العقلي، وتشهد هذه المرحلة مجموعة من التغيرات التي تطرأ على الطفل كالاتزان الفسيولوجي وزيادة الميل إلى الحرية، ومحاولة التعرف إلى البيئة المحيطة، والنمو السريع في اللغة، ونمو ما اكتسب من مهارات الوالدين، وتكوين المفاهيم الاجتماعية، والتفرقة بين الصواب والخطأ والخير والشر، وبداية نمو الذات وازدياد وضوح الفوارق في الشخصية حتى تصبح واضحة المعالم في نهاية المرحلة ، ومن ثَمَّ فإنَّ الاهتمام بهذه المرحلة من الأمور الهامة جدًا لما في ذلك من أثرٍ في تكوين شخصية الطفل في المستقبل

ما هو اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه ADHD هو خلل كيميائي عصبي يؤثر علي سلوك الطفل المصاب به ويسبب له صعوبة في المدرسة ، ناتجه عن مشاكل سلوكيه أو عن ضعف قدرته علي التركيز .وهناك مجموعه من الأعراض الأساسية التي تتمثل في فرط الحركة ونقص الانتباه والاندفاعية وذلك كما أظهره الدليل التشخيصي الخامس للأمراض العقلية والنفسية الصادر عن الجمعية الامريكية dsm-5ويظهر بأعراضٍ متنوعةٍ ودرجاتٍ مختلفةٍ ، وتكون أكثر وضوحًا عند ترك الطفل البيت ، ودخوله المدرسة وتقدر نسبة الاصابة في المرحلة الابتدائية من6.3% وينبغي أن نشير أن فرط الحركة يظهر واضحا عند البنين ، أما نقص الانتباه فيظهر أكثر عند البنات . ويتمتع الأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب من معدل ذكاء طبيعي ، لكنهم يعانون من صعوبة في التركيز والصعوبة في البقاء هادئين ولا يستطيعون كبح رد فعلهم المفاجئ الذى يؤثر على حياتهم الاجتماعية والدراسية

ونجد ان هناك مجموعه من الأعراض الدالة على وجود اضطراب تشتت أو نقص الانتباه عند الاطفال والتي تساعد الاسرة والمدرسة على اكتشاف هذا الاضطراب: عدم قدرة الطفل في معظم الاحيان على البقاء منتبها ويقظا اثناء القيام بمهام معينه كالواجبات الدراسية ،كثرة النسيان ،صعوبة في اتباع التعليمات المختلفة والاستمرار عليها ، عدم القدرة علي إنهاء ما بدأه ، صعوبة في الانتباه للتفاصيل الدقيقة، هروب الطفل من أداء الواجبات الدراسية وخصوصا التي تحتاج إلى مجهود ذهني مكثف ، عدم الحفاظ على أغراضه مثل الألعاب والأغراض الدراسية كالكتب والأقلام ، أعراض الاندفاعية :- يظهر الطفل عدم الارتياح والعصبية والعصيان أحيانا للأوامر أو الطلبات . يجد الطفل. صعوبة في انتظار الدور ويأخذ ادوار غيره ،التسرع في الإجابة ،يميل إلي مقاطعة الاخرين في الحديث ، أعراض فرط الحركة أو النشاط الزائد :- عدم قدرة الطفل علي البقاء ساكناً ،عدم القدرة علي اللعب بهدوء، كثرة الكلام ، كثرة الركض والتسلق .

والسؤال المهم لكل الآباء والأمهات أن أطفالهم كثير الحركة فهل هذا يعني أن الطفل يعاني من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه؟

قد يبدو الكثير من الأطفال وكأنهم يعانون من نشاط زائد وهذا طبيعي جداً عند الأطفال خاصة من هم دون سن المدرسة ،لذلك تجد الإشارة إلي إنه في تحري الأعراض يتوجب علينا مقارنه الطفل بمن هم في نفس سنه ؛ إذ أن وجود الاضطراب يؤدي إلي تأخر النمو العقلي عند الطفل بنسبه 30% فإذا راقبنا علي سبيل المثال طفلاً في الصف الرابع نجد أن تصرفاته تشبه أطفال الصف الأول وليس تصرفات زملائه في الصف .

وعلى الأسرة عندما يرون هذه الأعراض موجوده لدى طفلهم لمدة لا تقل عن 6 أشهر والتي تظهر في أماكن متعددة كالمنزل والمدرسة والشارع وجبَ تحويله إلى أحد المختصين من أطباء وأخصائيين نفسيين لعمل التدخل اللازم، ووضع برنامج علاجي متكامل مناسب للحالة واحتياجاتها .

وللتشخيص المبكر دور هام يستطيع الطبيب النفسي مساعده الطفل من خلال العلاج النفسي والسلوكي بالإضافة إلي الأدوية التي تساعد علي تحفيز الانتباه والسيطرة علي فرط الحركة والاندفاعية ، ولكن المهمة الأولي تبقي للأهل والمدرسة إذ يجب عليهم الاعتراف بوجود مشكله وطلب المساعدة من الطبيب النفسي للكشف عن الحالة

فنجد ان العلاج يتضمن عدة جوانب : هي الجانب السلوكي والتربوي بالإضافة الى العلاج الدوائي والحمية الغذائية ونتطرق هنا إلى العلاج الدوائي والسلوكي والتربوي

العلاج الدوائي: له أعراض جانبيه ولكن فوائده أكبر والأعراض الجانبية قد تختلف من دواء لأخر ومن طفل لأخر ،كل الأدوية لا تزيل الأعراض وإنما تسيطر عليها لفترة زمنيه وتساعد الطفل علي ضبط النفس والتعلم ، إن تأخير العلاج غالباً ما يؤثر علي نمو الطفل اجتماعيا ونفسياً

العلاج السلوكي: ويتم فيه تدريب الطفل على زيادة التركيز والتخفيف من حدة فرط الحركة ، وتعديل السلوكيات السلبية ، " كتنظيم المهام والتدعيم الإيجابي والتشجيع والاهتمام بإنجازات الطفل حتى لو كانت بسيطة " والعلاج السلوكي يؤدي إلي زياده قدرة الطفل علي التفاعل والتقبل الاجتماعي والتغلب علي المظاهر والمشكلات المصاحبة للاضطراب بضبط النفس ،التحكم في استجابات واصراره علي إنجاز العمل وزياده التركيز في أثناء الأداء بما يكفل له النجاح أكاديمياً واجتماعياً ومهنياً.

العلاج التربوي : نتيجة فرط الحركة وتشتت الانتباه تتأثر العملية التعليمية ويحصل نقص في التحصيل الدراسي ويتم التركيز في التعليم العلاجي على الناحية الفردية للحالات ويوضع برنامج فردى لكل طالب بالتعاون مع الارشاد النفسي والاجتماعي والوالدين والطبيب، ويفضل وجود عدد قليل من الطلاب داخل الفصول ، بالإضافة إلى زيادة عدد المعلمين داخل الفصول ، وجلوس الطلاب الذين يعانون من فرط الحركة وتشتت الانتباه في الصفوف الأمامية لزيادة عملية الانتباه ،قد يبدو الطفل الذي يعاني من فرط الحركة وتشتت الانتباه أقل ذكاء من غيره ممن هم في مثل سنه لأنه لا يستخدم ذكاءه بشكل كاف بسبب تشتت انتباهه ،ولكن عندما يتم علاجه يتبين أنه يتمتع بمستوي ذكاء عادي او متفوق.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً