كلما مررت أمام مسجد السيدة زينب، لتشاهد في المقابل دار لتحفيظ القرآن الكريم، وسط محلات الملابس والإستندات المنتشرة حوله لبيع الملابس ولعب الأطفال والإكسسوارات والحلوى؛ ولكنك لم تسأل ولو لمرة عن هذه الدار أو الجمعية الخيرية كما يطلق عليها أهالي حي السيدة زينب، أو ربما لم يخطر ببالك أن هذا المكان عمره أكثر من 250 عام .
"سبيل السلطان مصطفى الثالث" هو أحد أهم معالم الآثار التي تعود لسلاطين الدولة العثمانية، والذي أنشئ من الأساس بغرض سقي المارة وعابري السبيل، ليتحول فيما بعد على مر العصور لمؤسسة متخصصة في عدة نشاطات أهمها؛
تحفيظ القرآن الكريم وجمع التبرعات للفقراء والمساكين والتكفل بزواج الفتيات، وتقديم رحلات حج وعمرة.
"عم نجيب" هو المسئول عن "جمعية تلاوة القرآن الكريم" التي اتخذت من سبيل "السلطان مصطفى الثالث" مقرا لها، يقول أنه عاش حياته بأكملها في حي السيدة زينب، وعمل بهذه الجمعية، حيث أنه يتقاضى مرتب شهري .
وأضاف "نجيب" صاحب الـ62" عام في حديثه لـ"أهل مصر" أن مقر الجمعية يعود لعام (١١٧٢ هجرية ١٧٥٨ ميلاديا)، موضحا أن الجمعية تقدم مساعدة لأكثر من 6 آلالاف مواطن من داخل حي السيدة زينب وخارج الحي أيضا، موضحا أن جميع العاملين بالجمعية متطوعين ويقومون بعمل أبحاث اجتماعية للحالات المتقدمة لهم للتأكد من صحتها، ثم يقدمون المساعدات لهم.
واستكمل "عم نجيب" حديثه أنه في عام 2012، قامت وزارة الآثار مشروع ترميم سبيل وكتاب السلطان العثماني "مصطفى الثالث"، والذي بدأ منذ عام 2008، ولكنه توقف فترة ثم استأنف العمل به ، موضحا أن السفارة الهولندية قامت بتمويل هذا المشروع، لما يحويه السبيل من قطع زخرفية تنتمي للريف الهولندي بالجنوب، وتعود للعصور التاريخية الهولندية، وقد استجلبها السلطان العثماني "مصطفي الثالث" من هولندا للجمع بين الثقافة المصرية والتركية والهولندية في أن واحد داخل هذا السبيل والكتاب .
ويقول أحد الباعة أمام السبيل، أنه عاش عمره في حي السيدة زينب، ومنذ صغره يشاهد هذا السبيل يقدم خدمات لأهالي الحي ويقوم بعمل "موائد رحمن" في رمضان، ويساعد في زواج الفتيات اليتيمات.
ويقول بائع آخر متخصص في لعب الأطفال، أن السيدة زينب بها العديد من الأسبلة والآثار التي تعود للعصر العثماني، موضحا أنه في الحارة الجانبية يوجد بيت السناري الذي يعد تحفة فنية وهو لأحد الأمراء.
وأوضح البائع، أن وزارة الآثار سمحت لأصحاب الجمعية الخيرية بإتخاذه مقر لنشاطهم، ليكون استمرارا لتاريخ السبيل، فيما أوقفت أسبلة أخرى .
تاريخ السبيل
"سبيل السلطان مصطفى الثالث" ... هو آثرمسجل برقم 314، ويقع السبيل بحى السيدة زينب، أنشأه السلطان مصطفى خان الثالث بن السلطان أحمد الثالث تاريخ عام (١١٧٢ هجرية، ١٧٥٨ ميلاديا).
والسبيل مبنى على الطراز العثمانى؛ يتميز السبيل بواجهته الخارجية المقوسة وهى ذات ثلاث دخلات كبرى مغقودة ترتكز على أربعة أعمدة رخامية اسطوانية البدن يتوسطهم ثلاث شبابيك للتسبيل بتغشية من تشابيك نحاسية والمساحة المحصورة بين عقود شبابيك التسبيل وعقود الدخلات الكبرى بها ثلاث حشوات رخامية مستطيلة، يتوسط كل حشوة شكل بيضاوى يحتوى على طغراء باسم السلطان مصطفى.
و يحيط بهذا الشكل البيضاوى زخرفة نباتية منفذة بأسلوب الباروك يتقدم الواجهة داير رخامى لوضع كيزان الشرب وهذا الداير لا يرتكز على كوابيل بل مثبت أسفل جدران الواجهة مباشرة كما يتقدم الواجهة مسطبة حجرية ودائرية أيضا كما يوجد على الجانب الأيمن للواجهة بالقرب من مدخل السبيل دخلة معقودة كان مثبتا بها لوح الحجر المصاصة، إلا إنه اندثر وسد مكانه بالحجارة .
السبيل من الداخل عبارة عن حجرة تلى باب الدخول ملحقة بحجرة التسبيل وتتقدمها ثم حجرة السبيل ذات الواجهة المقوسة بثلاثة شبابيك كما أن هناك ملاحق للسبيل .
وجدران حجرة التسبيل، تقع فى جزئها السفلى وزرات رخامية من ألواح مستطيلة يحيط بها إطارات من الرخام الخردة المختلف الألوان وجزئها العلوى مغشى بالبلاطات الخزفية باللون الأزرق على أرضية بيضاء وبين الوزرة الرخامية والتغشية الخزفية يوجد لوح خشبى مزخرف برسوم زيتية ذات عناصر نباتية قريبة من الطبيعة .
والصهريج يقع على يسار الداخل للحجرة الملحقة والتى كانت تحتوى على فتحة نزول للصهريج سدت الآن تماما، إلا ان فوهة الصهريج بها ما زالت موجودة
والكتاب حجرته تأخذ نفس مساحة حجرة التسبيل يتقدمها حجرة ملحقة بها يجاورها دورة مياه .
من هو السلطان مصطفى الثالث؟
مصطفى الأول بن محمد الثالث بن مراد الثالث بن سليم الثاني بن سليمان القانوني، وهو السلطان الخامس عشر والسابع عشر العثمانى.