مراحل تجهيز وتصميم عروسة المولد النبوي في الغربية (فيديو وصور)

أيام قليلة تفصلنا عن ذكرى الاحتفال بمولد خير خلق الله، الهادي الأمين - نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي أشرقت الأرض بنور وجهه الكريم ، وتفنن في مدحه الشعراء والأدباء من كافة مشارق الأرض ومغاربها، ومنهم نزار قباني ، الذي قال في مدحه "يا من ولدت فأشرقت بربوعنا نفحات نورك وانجلى الإظلام". ومع اقتراب مولد الحبيب المصطفى تظهر الكثير من العادات والتقاليد بين أفراد المجتمع، أشهرها الحلويات اليابسة وحلوى عروسة المولد، التي اختلفت حول ظهورها الآراء والروايات، وبالتالي كان لزاما علينا أن نقف على حقيقتها، وكيف انتقلت إلينا، بالإضافة إلى طرق تحضيرها .

البداية كانت مع الدكتورة زينب شيحة - باحثة في التاريخ الإسلامي بكلية الآداب جامعة طنطا - حيث قالت إن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف يعتبر من التأثيرات الفاطمية التى لا تزال مرتبطة إلى الآن بعادات وتقاليد المصريين، موضحة أنه لم يكن من الأعياد الشائعة قبل مجيء الفاطميين لمصر، وبالتالي فهم أول من سنوا فكرة الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، وجعلوه من الأعياد العامة في كل أمة من الأمم الإسلامية، وكانت هذه الأعياد وسيلة لاستمالة قلوب المصريين واستثارة عواطفهم وكسب ودهم للفاطمين،أيضا لكي يألف المصريون تصرفات هذه الحكومة الجديدة.

وتابعت الدكتورة زينب شيحة قائلة : كان يتم الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم في الثاني عشر من ربيع الأول من كل عام،حيث كان يصنع 20 قنطارا من السكر اليابس حلوى يابسة - حمصية، سمسمية ، فولية.. وهكذا، وكانت تعبأ في 300 صينية من النحاس، وذلك بدار الفطرة، ثم توزع تلك الصواني على أرباب الرسوم من أرباب الرتب - أي أصحاب الرتب العالية - فيبدءون بقاضي القضاة ثم داعي الدعاة ثم القراء والخطباء والمتصدرين بالجوامع بالقاهرة، وذلك منذ بداية اليوم وحتى فترة الذروة أو الظهر.

وأضافت شيحة أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف كان يتميز بإبداع الحلوانيين، وتفننهم فى صنع ألوان وأشكال ونماذج جميلة وغريبة من الحلوى، تدخل السرور والبهجة في عيون الصغار والكبار على السواء، كما هو الحال في وقتنا الحاضر، لافتة إلى أن هذه الطريقة كانت خطة ذكية من الحكام تشير إلى تفهمهم لطبيعة المصريين وحبهم لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

امتدت رحلتنا بعد ذلك لتصل إلى مصنع الحاج ربيع عبد ربه، بمنطقة الأثرية بطنطا، والذي يبلغ من العمر 61 سنة ، و يعمل في مهنة صناعة حلوى عروسة المولد منذ 50 سنة ، ويجمع أسرته وأقاربه للمشاركة في تحضيرها، خلال فترة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف كل عام.

"حلاوة زمان عروسة حصان.. وآن الأوان تدوق يا وله.. حلاوة زمان عروسة حصان.. تعالى لعمك وشوف الحلاوة.. وعيط لأمك.. عشان الحلاوة ".. بهذه الكلمات لشاعر العامية صلاح جاهين ،والتي غناها محمد قنديل بدأ عم ربيع عبد ربه حديثه لكاميرا "أهل مصر"' قائلا : باعمل العروسة الحلاوة في المولد النبوي فقط، وباجمع ولادي وأحفادي وحبايبي عشان يساعدوني في تجهيزها، وبعد ما يخلص موسم الاحتفال بالمولد النبوي، بيرجع كل واحد لشغله ومدرسته.

وأضاف عم ربيع : المياه والسكر هما أساس صناعة حلوى عروسة المولد، فمثلا إذا استخدمنا 5 أو 6 علب سكر، نضيف عليهم علبة مياه وجرام ملح ليمون. موضحا أن عملية صناعة حلوى عروسة المولد تشبه الحلقة الدائرية، أى تبدأ من حيث تنتهي، بمعنى يتم وضع القوالب الخشبية التي سيوضع فيها خليط حلوى عروسة المولد بحوض مليء بالمياه الفاترة - لا سخنة ولا باردة - ثم يتم وضع الخليط "سكر وماء" على النار، ويتم التقليب باستمرار، حتى نحصل على اللون الذهبي، ثم يتم رفعه من على النار ووضع ملح الليمون، الذي يحدد مقداره وفقا لمقدار السكر والماء، ويتم التقليب مرة أخرى حتى نجد أن الخليط قد تماسك، هنا يتم صبه في القوالب الخشبية، ونتركه لمدة دقيقتين، ثم يتم قلب هذه القوالب بالإناء الذي به الخليط؛ لكي تنزل الزيادات به، وبذلك تكون العروسة أو الحصان فارغة من أسفل .

وتابع قائلا: تأتي بعد ذلك مرحلة تفريغ القوالب الخشبية من الحلوى، وذلك بعد تركها فترة 10 دقائق، ثم وضعها في حوض المياه مرة أخرى، وتستمر هذه العملية حتى نفاد الكمية المقررة في اليوم الواحد، وهي 100 كيلو سكر، لافتا إلى أن مهمته تنتهي إلى هذا الحد، وتبدأ مهمة بناته وأقاربه من السيدات لتزيين العرايس الحلاوة بورق الجرايد والورق الملون.

وأوضحت أم جنى من أبناء عم ربيع قائلة: نبدأ في تجهيز الأغراض التي نقوم بتزيين العروسة بها من أوراق الجرائد والأسلاك والشعر، وكذلك الورد الذي نصنعه من الورق قبلها بشهرين، موضحة أنها تبدأ في تجهيز وتزيين العرائس الحلاوة منذ الساعة 12 مساء وحتى الساعة 9 صباحا، يرافقها أخواتها وأقاربها من السيدات.

وأضافت أم جنى أن صناعة حلوى عروسة المولد النبوي عادة تعودوا عليها منذ الصغر، ووسيلة يخرجون من خلالها إبداعهم وفنهم، وذلك بالرغم من أنها مهنة متعبة وغير مربحة، خاصة بعد ارتفاع الأسعار، مشيرة إلى أنهم لا يقومون بعملية التوزيع، بل يأتي إليهم تجار الجملة من كل مكان في المحافظة؛ لشراء طاولات الحلوى التي يحتاجونها، والتي غالبا ما تحتوي على (30 - 50) كيلو من مختلف أنواع عروسة المولد.

وخلال رحلتنا بمنطقة الأثرية التقينا بأحد أصحاب محلات عروسة المولد البلاستيك "العروسة الصيني"، والتي ذاع صيتها خلال السنوات الأخيرة، واحتلت مكانة العروسة الحلاوة، واسمه ماجد عابد، والذي قال إنه يعمل في هذه المهنة منذ 7 سنوات في المواسم فقط، وباقي العام يعمل تاجر بلح وبقوليات، موضحا أن العروسة البلاستيك تمر بعدة مراحل لتصل إلى الشكل الذي نشاهده بالأسواق والمحلات، أولها أنهم يتعاقدون على شراء كمية معينة من العرائس البلاستيك من أحد المصانع بالقاهرة، قد تتراوح هذه الكمية بين (300 - 500) عروسة في الموسم الواحد.

وأضاف عابد أنهم يقومون بعد ذلك بتجهيزها من حيث الفستان والطرحة، والذي قد يكون من قماش الستان أو التل أو شارزيه أو لاميه، ثم يتم إضافة تاج أو استرس معين، وتثبيتها على شاسيه أو حصان أو إطار، مشيرا إلى أن تجهيز العروسة يختلف من مصنع لمصنع، ومن شخص لشخص، فلكل شخص ذوق معين ولمسة فنية معينة.

وأضاف أن الإقبال يكون على جميع أنواع العرائس؛ لأن تاجر الجملة الذي يأتي لشراء كمية معينة يأخذ من كل نوع من أنواع العرائس الموجودة؛ نظرا لأن كل زبون له ذوق معين وشكل معين يقبل على شرائه كل عام، لافتا إلى أن الأسعار تبدأ من 15 جنيها للعروسة الكريستال ، و20 جنيها للعروسة التقليدية.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً