اصطفى الله عز وجل عدد من النساء ليكون من نساء أهل الجنة وأهل الدنيا، وهن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وأمهات المؤمنين حيث قال الله تعالى: "النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم".
كما خصهم بأن لا يجوز الزواج منهنّ بعد زواج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فهُنّ أمهات للمؤمنين بمعنى الحُرمة، والاحترام، والتقدير، والإجلال، ومع وجود تحريمهنّ على المؤمنين فلا يجوز الخلوة بهنّ.
وقد تزوج «صلى الله عليه وسلم» من السيدة خديجة رضي الله عنها، أما باقي زيجاته فقد زُوج لهن بأمر من الله عز وجل لأحكام تشريعيّة بعضها لتقريب قلوب القبائل وقلوب اصحابه والآخر لمدّ يد العون لمن تقطّعت عنها أيادي الناس فيكون زواج الرسول صلّى الله عليه وسلّم لها حمايةً وصونًا وعونًا، وهوَ النبيّ الكريم عليه الصلاة والسلام.
فيما يلي نبذة عن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن وأرضاهن:
1- السيدة خديجة بنت خويلد رضيَ الله عنها:
هيَ أوّل زوجةٍ للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ولم يتزوّج غيرها في حياتهِ عليه الصلاة والسلام، وقد تزوّجها حين كانت سنّه 25 سنة وكانَت هيَ في الأربعين من عمرها.
منزلتها عند رسول الله:
كانت السيدة خديجة امرأة عاقلة، جليلة، دينة، مصونة، كريمة، من أهل الجنة، فقد أمر الله - تعالى - رسوله أن يبشرها في الجنة ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفضلها على سائر زوجاته، وكان يكثر من ذكرها حتى قالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها، فذكر خديجة يوما من الأيام فأدركتني الغيرة فقلت هل كانت إلا عجوزا فأبدلك الله خيرا منها، فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب ثم قال: لا والله ما أبدلني الله خيرا منها، آمنت بي إذ كفرني الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، ورزقني الله منها أولادًا إذ حرمني النساء، قالت عائشة: فقلت في نفسي لا أذكرها بسيئة أبدا.
وفاتها:
توفيت السيدة خديجة ساعد رسول الله الأيمن في بث دعوة الإسلام قبل هجرته إلى المدينة المنورة بثلاثة سنوات، ولها من العمر خمس وستون سنة، وأنزلها رسول الله بنفسه في حفرتها وأدخلها القبر بيده، وكانت وفاتها مصيبة كبيرة بالنسبة للرسول - صلى الله عليه وسلم- تحملها بصبر وجأش راضيا بحكم الله - سبحانه وتعالى.
أبنائها:
أنجبت السيدة خديجة غلامين وأربع بنات، وهم القاسم وعبد الله، وزينب ورقيّة وأمّ كلثوم وفاطمة رضيَ الله عنهم أجمعين.
2- سودة بنت زمعة القرشيّة رضيَ الله عنها:
هي أم المؤمنين سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد ود ابن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي القرشية العامرية، وأمها الشموس بنت قيس بن زيد بن عمر الأنصارية.وهيَ أوَل من دخلَ النبيّ صلَى الله عليهِ وسلّم بها بعد خديجة رضيَ الله عنها، وقد ماتت في خلافة عُمر رضيَ الله عنه.
كانت سيدة جليلة، وكانت قبل أن يتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم تحب ابن عم لها يقال له: السكران بن عمرو، أخي سهيل بن عمرو العامري. ولما أسلمت بايعت النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم معها زوجها السكران وهاجروا جميعًا إلى أرض الحبشة، وذاقت الويل في الذهاب معه والإياب حتى مات عنها وتركها حزينة لا عون لها ولا حرفة وأبوها شيخ كبير.
زواجها:
في حديث لعائشة عن خولة بنت حكيم، أن خولة بنت حكيم السلمية رفيقة سودة في الهجرة إلى الحبشة وزوجها عثمان بن مظعون لما عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعائشة رضي الله عنها: أنها صغيرة ويريد من هي أكبر سنا لتدبير شؤون بيته ورعاية فاطمة الزهراء.
فعرضت الزواج من سودة بنت زمعة، فهي امرأة كبيرة وواعية، رزينة ومؤمنة، وأن جاوزت صباها وخلت ملامحها من الجمال. ولم تكد خولة تتم كلامها حتى أثنى عليها الرسول صلى الله عليه وسلم- فأتى فتزوجها.
تزوج النبي صلى الله عليه وسلم- بسودة ولديها ستة أبناء وكان زواجها في رمضان في السنة العاشرة من النبوة، بعد وفاة خديجة بمكة.
صفاتها:
تعد سودة رضي الله عنها من فواضل نساء عصرها، أسلمت وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم، وهاجرت إلى أرض الحبشة.
تزوج بها الرسول صلى الله عليه وسلم وكانت إحدى أحب زوجاته إلى قلبه، عرفت بالصلاح والتقوى، روت عن النبي أحاديث كثيرة وروى عنها الكثير. ونزلت بها آية الحجاب، فسجد لها ابن عباس. وكانت تمتاز بطول اليد، لكثرة صدقتها حيث كانت امرأة تحب الصدقة.
لما دخلت عائشة رضي الله عنها بيت الرسول صلى الله عليه وسلم كانت زوجة محبوبة تملأ العين بصباها ومرحها وذكائها، أرادت سودة أن تتخلى عن مكانها في بيت محمد صلى الله عليه وسلم فهي لم تأخذ منه إلا الرحمة والمكرمة، وهذه عائشة يدنيها من الرسول المودة والاعتزاز بأبيها.
وقد أعجب الرسول صلى الله عليه وسلم بمرحها وصباها في بيته، فانقبضت سودة وبدت في بيت زوجها كالسجين، ولما جاءها الرسول صلى الله عليه وسلم يوما وسألها إن كانت تريد تسريحا، وهو يعلم أن ليس لها في الزواج مأرب إلا الستر والعافية وهما في عصمة الرسول ونعمة الله، قالت سودة وقد هدأت بها غيرة الأنثى: يا رسول الله مالي من حرص على أن أكون لك زوجة مثل عائشة فأمسكني، وحسبي أن أعيش قريبة منك، أحب حبيبك وأرضى لرضاك.
حرصت سودة على ترويض غيرتها بالتقوى، وأن تكرث يومها لعائشة وتفضلها على نفسها، وبعد أن تزوج الرسول صلى الله عليه وسلم بحفصة بنت عمر جبرًا لخاطرها المكسور بعد وفاة زوجها، وسنها لم يتجاوز الثامنة عشر، هانت لدى سودة الحياة مع ضرتين كلتاهما تعتز بأبيها، ولكنها كانت أقرب لعائشة ترضيها لمرضاة زوجها.
وكانت سودة ذات أخلاق حميدة، امرأة صالحة تحب الصدقة كثيرا، فقالت عنها عائشة - رضي الله عنها -: اجتمع أزواج النبي عنده ذات يوم فقلن: يا رسول الله أينا أسرع بك لحاقا؟ قال: أطولكن يدا، فأخذنا قصبة وزرعناها؟ فكانت زمعة أطول ذراعا فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرفنا بعد ذلك أن طول يدها كانت من الصدقة.
عن هشام، عن ابن سيرين: أن عمر رضي الله عنه- بعث إلى سودة بفرارة دراهم، فقالت: في الغرارة مثل التمر، يا جارية: بلغيني الفتح، ففرقتها.
وفاتها:
توفيت سودة في آخر زمن عمر بن الخطاب، ويقال إنها توفيت بالمدينة المنورة في شوال سنة أربعة وخمسون، وفي خلافة معاوية. ولما توفيت سودة سجد ابن عباس فقيل له في ذلك؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم آية فاسجدوا"، فأي آية أعظم من ذهاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
3- السيدة عائشة بنت أبي بكر الصدّيق رضيَ الله عنها:
لقد كانت من أحب نساء النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى قلبه بعد زوجته خديجة رضيّ الله عنها.
ولدت بمكة المكرمة في العام الثامن قبل الهجرة، تزوجها الرسول {صلى الله عليه وسلم} في السنة الثانية للهجرة، وكانت ذات عقل نير، وذكاء حاد، وعلم جم. كما كان دور الفعال في خدمة الفكر الإسلامي من خلال نقلها لأحاديث رسول الله وتفسيرها لكثير من جوانب حياة الرسول صلى الله عليه وسلم واجتهاداتها. وهي كذلك المرأة التي تخطت حدود دورها كامرأة لتصبح معلمة أمة بأكملها ألا وهي الأمة الإسلامية.
لقد كانت (رضي الله عنها) من أبرع الناس في القرآن والحديث والفقه، فقد قال عنها عروة بن الزبير (( ما رأيت أحدا أعلم بالقرآن ولا بفرائضه ولا بحلال ولا بحرام ولا بشعر ولا بحديث عرب ولا بنسب من عائشة)).
وقد اخترت هذه المجالات ؛ لأهميتها ولأثرها الواضح في المجتمع والفكر الإسلامي، فهي (رضي الله عنها) بعلمها ودرايتها ساهمت بتصحيح المفاهيم، والتوجيه لإتباع سنة رسول الله {صلى الله عليه وسلم}. فقد كان أهل العلم يقصدونها للأخذ من علمها الغزير، فأصبحت بذلك نبراسا منيرا يضيء على أهل العلم وطلابه.
4- حفصة بنت عُمر رضيَ الله عنها:
ولدت قبل المبعث بخمسة الأعوام. وكانت زوجة صالحة للصحابي الجليل (خنيس بن حذافة السهمي) الذي كان من أصحاب الهجرتين، هاجر إلى الحبشة مع المهاجرين الأولين إليها فرارا بدينه، ثم إلى المدينة نصرة لنبيه صلى الله عليه وسلم، وقد شهد بدرا أولا ثم شهد أحدا، فأصابته جراحه توفي على أثرها، وترك من ورائه زوجته (حفصة بنت عمر) شابة في ريعان العمر، فترملت ولها عشرون سنة.
زواجها:
تألم عمر بن الخطاب لابنته الشابة، وأوجعه أن يرى ملامح الترمل تقتل شبابها وأصبح يشعر بانقباض في نفسه كلما رأى ابنته الشابة تعاني من عزلة الترمل، وهي التي كانت في حياة زوجها تنعم بالسعادة الزوجية، فأخذ يفكر بعد انقضاء عدتها في أمرها، من سيكون زوجا لابنته؟
ومرت الأيام متتابعة..وما من خاطب لها، وهو غير عالم بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخذت من اهتمامه فأسر إلى أبي بكر الصديق أنه يريد خطبتها. ولما تطاولت الأيام عليه وابنته الشابة التي يؤلمها الترمل، عرضها على أبي بكر، فلم يجبه بشيء، ثم عرضها على عثمان، فقال: بدا لي اليوم ألا أتزوج. فوجد عليهما وانكسر، وشكا حاله إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يتزوج حفصة من هو خير من عثمان، يتزوج عثمان من هو خير من حفصة..؟!
وعمر لا يدري معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم. لما به من هموم لابنته، ثم خطبها النبي صلى الله عليه وسلم، فزوجه عمر رضي الله عنه ابنته حفصة، وينال شرف مصاهرة النبي صلى الله عليه وسلم، ويرى نفسه أنه قارب المنزلة التي بلغها أبو بكر من مصاهرته من ابنته عائشة، وهذا هو المقصود والله أعلم من تفكير النبي صلى الله عليه وسلم بخطبة لحفصة بنت عمر رضي الله عنها ؟!
وزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بابنته أم كلثوم بعد وفاة أختها رقية، ولما أن تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة لقي عمر بن الخطاب أبا بكر، فاعتذر أبو بكر إليه، وقال: لا تجد علي، فإن ر سول الله صلى الله عليه وسلم، كان ذكر حفصة، فلم أكن لأفشي سره، ولو تركها لتزوجتها ؟!
وبذلك تحققت فرحة عمر وابنته حفصة، وبارك الصحابة يد رسول صلى الله عليه وسلم وهي تمتد لتكرم عمر بن الخطاب بشرف المصاهرة منه عليه الصلاة والسلام، وتمسح عن حفصة آلام الترمل والفرقة. وكان زواجه صلى الله عليه وسلم بحفصة سنة ثلاث من الهجرة.
لقد حظيت حفصة بنت عمر الخطاب رضي الله عنها بالشرف الرفيع الذي حظيت به سابقتها عائشة بنت أبي بكر الصديق.ونالت المنزلة الكريمة من بين (أمهات المؤمنين ) رضي الله عنهن.
أما سودة فرحبت بها راضية.. وأما عائشة فحارت ماذا تصنع مع هذه الزوجة الشابة.. وهي من هي! بنت الفاروق (عمر).. الذي أعز الله به الإسلام قديما. وملئت قلوب المشركين منه ذعرًا.
وسكتت عائشة أمام هذا الزواج المفاجئ وهي التي كانت تضيق بيوم ضرتها (سوده) التي ما اكترثت لها كثيرا. فكيف يكون الحال معها حين تقتطع (حفصة) من أيامها مع الرسول {صلى الله عليه وسلم} ثلثها.
صفاتها:
كانت صوامة، قوامة. شهادة صادقة من أمين الوحي (جبريل عليه السلام) وقد وعت مواعظ الله حق الوعي.وتأدبت بآداب كتابه الكريم حق التأدب. وعكفت على المصحف تلاوة وتدبرا وتفهما وتأملا. مما أثار انتباه أبيها الفاروق (عمر بن الخطاب) إلى عظيم اهتمامها بكتاب الله تبارك وتعالى !! مما جعله يوصي بالمصحف الشريف الذي كتب في عهد أبي بكر الصديق بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.و كتابه كانت على العرضة الأخيرة التي عارضها له جبريل مرتين في شهر رمضان من عام وفاته صلى الله عليه سلم إلى ابنته (حفصة) أم المؤمنين.
روى أبو نعيم عن ابن شهاب عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه قال: "لما أمرني أبوبكر فجمعت القرآن كتبته في قطع الأدم وكسر الأكتاف والعسب، فلما توفي أبو بكر رضي الله عنه كان عمر كتب ذلك في صحيفة واحدة فكانت عنده أي: على ورق من نوع واحد فلما توفى عمر رضي الله عنه كانت الصحيفة عند حفصة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أرسل عثمان رضي الله عنه إلى حفصة رضي الله عنها، فسألها أن تعطيه الصحيفة ؛ وحلف ليردنها إليها، فأعطته، فعرض المصحف عليها، فردها إليها، وطابت نفسه، وأمر الناس فكتبوا المصاحف.
تلك هي الوديعة الغالية التي أودعها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عند ابنته حفصة أم المؤمنين فحفظتها بكل أمانة ورعتها بكل صون.فحفظ لها الصحابة والتابعون وتابعوهم من المؤمنين إلى يومنا هذا وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.. ذلك الذكر الجميل الذي تذكر فيه كلما تذاكر المسلمون جمع المصحف الشريف في مرحلتيه … في عهد الصديق أبي بكر … وعهد ذي النورين عثمان… وبعد مقتل عثمان…إلى آخر أيام علي….بقيت حفصة عاكفة على العبادة صوامة قوامة … إلى أن توفيت في أول عهد معاوية بن أبي سفيان …وشيعها أهل المدينة إلى مثواها الأخير في البقيع مع أمهات المؤمنين رضي الله عنهن.
5- زينب بنت خزيمة بن الحارث:
هي زينب بنت خزيمة الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة الهلالية،تزوجها النبي {صلى الله عليه وسلم} ولم يمض على زواجه من حفصة وقت قصير وبسبب قصر إقامتها في بيت الرسول صلى الله عليه لم يصل من أخبارها سوى بضع روايات لا تسلم من تناقض واختلاف، وهي أرملة شهيد قرشي من المهاجرين الأولين هو عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، قتل عنها في بدر فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم سنة 3 هجرية، ويقال إنه كان زواجا شكليا، حيث إن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوجها بدافع الشفقة.
وكانت زينب بنت جحش- رضي الله عنها أكثر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم برًا باليتامى والمساكين، حتى كانت تعرف بأم المساكين
وفاتها:
من المرجح أنها ماتت في الثلاثين من عمرها كما ذكر "الواقدي" ونقل "ابن حجر" في الإصابة.ورقدت في سلام كما عاشت في سلام. وصلى عليها النبي عليه الصلاة والسلام، ودفنها بالبقيع في شهر ربيع الآخر سنة أربع، فكانت أول من دفن فيه من أمهات المؤمنين -رضي الله عنهن. وقد ماتت بعد زواجها بثمانية أشهر - رضي الله عنها - ولم يمت منهن- أمهات المؤمنين - في حياته إلا غير السيدة خديجة أم المؤمنين الأولى- ومدفنها بالحجون في مكة- والسيدة زينب بنت خزيمة الهلالية، أم المؤمنين وأم المساكين.
6- أمّ سلمة وأسمها هند بنت أبي أميّة المخزوميّة:
هي هند بنت سهيل المعروف بأبي أمية بن المغيرة، أم سلمة (ويقال أن اسم جدها المغيرة هو حذيفة، ويعرف بزاد الركب). وهي قرشية مخزومية، وكان جدها المغيرة يقال له: زاد الركب، وذلك لجوده، حيث كان لا يدع أحدا يسافر معه حامل زاده، بل كان هو الذي يكفيهم. وقد تزوجها أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي.
تعتبر أم سلمة من أكمل النساء عقلا وخلقا، فهي وزوجها أبو سلمة من السابقين إلى الإسلام، هاجرت مع أبي سلمة إلى أرض الحبشة، وولدت له ((سلمة)) ورجعا إلى مكة، ثم هاجرا معه إلى المدينة. فولدت له ابنتين وابنا أيضا، وكانت أول امرأة مهاجرة تدخل المدينة. ومات أبو سلمة في المدينة من أثر جرح في غزوة أحد، بعد أن قاتل قتال المخلصين المتعشقين للموت والشهادة. وكان من دعاء أبي سلمة: (اللهم اخلفني في أهلي بخير )، فأخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على زوجته أم سلمة، فصارت أما للمؤمنين، وعلى بنيه: سلمة، وعمر، وزينب، فصاروا ربائب في حجره المبارك صلى الله عليه وسلم، وذلك سنة أربع للهجرة (4هـ)
كما كانت تعد من فقهاء الصحابة ممن كان يفتي، إذ عدها ابن حزم ضمن الدرجة الثانية، أي متوسطي الفتوى بين الصحابة رضوان الله عليهم، حيث قال: (المتوسطون فيما روي عنهم من الفتوى: عثمان، أبوهريرة، عبد الله بن عمرو، أنس، أم سلمة...) إلى أن عدهم ثلاثة عشر، ثم قال: (ويمكن أن يجمع من فتيا كل واحد منهم جزء صغير).
وعندما انقضت عدتها بعث إليها أبو بكر يخطبها فلم تتزوجه، وخطبها النبي صلى الله عليه وسلم إشفاقا عليها ورحمة بأيتامها أبناء وبنات أخيه من الرضاعة. فقالت له: مثلي لا يصلح للزواج، فإني تجاوزت السن، فلا يولد لي، وأنا امرأة غيور، وعندي أطفال، فأرسل إليها النبي صلى الله عليه وسلم خطابا يقول فيه: أما السن فأنا أكبر منك، وأما الغيرة فيذهبها الله، وأما الأولياء فليس أحد منهم شاهد ولا غائب إلا أرضاني. فأرسلت أم سلمة ابنها عمر بن أبي سلمة ليزوجها بالرسول صلى الله عليه وسلم.
ولما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة حزنت عائشة رضي الله عنها حزنا شديدا لما ذكروا لها من جمال أم سلمة وقالت لما رأتها: والله أضعاف ما وصفت لي في الحسن والجمال.وكان رسول الله إذا صلى العصر دخل على نسائه فبدأ بأم سلمة.
وسافر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الأسفار وأخذ معه صفية بنت حيي وأم سلمة فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هودج صفية، وهو يظن أنه هودج أم سلمة، وكان ذلك اليوم يوم أم سلمة فجعل النبي عليه الصلاة والسلام يتحدث مع صفية. فغارت أم سلمة وعلم الرسول صلى الله عليه وسلم فقالت له: تتحدث مع ابنة اليهودي في يومي وأنت رسول الله استغفر لي فإنما حملني على هذه الغيرة.
كان لأم سلمة رأي صائب أشارت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية، وذلك أن النبي - عليه الصلاة والسلام- لما صالح أهل مكة وكتب كتاب الصلح بينه وبينهم وفرغ من قضية الكتاب قال لأصحابه: قوموا فانحروا ثم حلقوا. فلم يقم منهم رجل بعد أن قال ذلك ثلاث مرات. فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فدخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس. فقالت له أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك اخرج ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك. فقام - عليه الصلاة والسلام - فخرج فلم يكلم أحدا منهم كلمة فنحر بدنته ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا ( كناية عن سرعة المبادرة في الفعل).
وتعد أم سلمة خير مثال يجب على أمهات وزوجات اليوم الاحتذاء به من خلال تربيتها لأولادها التربية الأخلاقية الكريمة. وكانت خير زوجة وأم صالحة، تملك العقل الراجح، والشخصية القوية، وكانت قادرة على اتخاذ قراراتها بنفسها، وتتسم شخصيتها بحسن الأخلاق والأدب، وهذا ما يندر في كثير من الأمهات والزوجات في وقتنا الحالي. كالعناية بالزوج، والنظر في أمور الأطفال، ومساعدة الزوج في أصعب الأوقات، وتقدير حال زوجها. كل هذا نفتقده في أمهات وزوجات اليوم، وذلك لاستهتارهن بأمور تربية الأطفال، وإهمال الزوج وعدم رعايته، ومبالغتهن واهتمامهن بأمور الدنيا والتي غالبا ما تكون زائفة لا معنى لها.
كم كان لها دور كبير في رواية الحديث حيث تعد ثاني راوية للحديث بعد أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، إذ لها جملة أحاديث قدرت حسب كتاب بقي بن مخلد ثلاثمائة وثمانية وسبعين حديثا (378). اتفق لها البخاري ومسلم على ثلاثة عشر حديثا، وانفرد البخاري بثلاثة، ومسلم بثلاثة عشر. ومجموع مروياتها حسب ما ورد في تحفة الأشراف مائة وثمانية وخمسون حديثا (158)
وفاة أم سلمة - رضي الله عنها.
"كانت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، آخر من مات من أمهات المؤمنين، عمرت حتى بلغها مقتل الحسين، لم تلبث بعده إلا يسيرا، وانتقلت إلى الله تعالى سنة (62هـ)، وكانت قد عاشت نحوا من تسعين سنة".
7- زينب بنت جحش رضيَ الله عنها:
وهي التي كانت زوجًا لزيد بن حارثة رضيَ الله عنه الذي كانَ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد تبنّاه، وقد طلّقها زيد فتزوّجها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ليكون بذلك التشريع الإلهي بتحريم التبنيّ.
8- جويرية بنت الحارث رضيَ الله عنها:
وهيَ من بني المصطلق، وقد أعتقها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يوم المريسيع وتزوّجها رضيَ الله عنها.
9- أمّ حبيبة وهي رملة بنت أبي سفيان:
وقد ماتت زمن حُكم معاوية بن أبي سفيان وهو أخيها رضيَ الله عنهم أجمعين.
10- صفيّة بنت حيي بن أخطب رضيَ الله عنها:
وهي ابنة سيد بني النضير.
11- ميمونة بنت الحارث.
تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة القضاء عام 7 هـ، وتوفيت بعد عودتها من الحج بسرف ودفنت حيث أوصت في موضع قبتها هناك سنة 51 هـ وصلى عليها ابن أختها عبد الله بن العباس.