ما بين مد وجزر، توالت فصول الخلاف داخل جماعة الإخوان المسلمين، وكانت الشرارة الأولى للخلاف قد سبقتها إشارات مكتومة بين مجموعة ترى نفسها «صاحبة الحق التاريخي» في قيادة الجماعة، كونها الأكبر سنًا والأعلى في تسلسل القيادة الهرمي، ومجموعة أخرى من الشباب ترى أنها دفعت فاتورة أخطاء الكبار، وتحملت ثمن المواجهة مع الدولة.
ويبدو أن قطار الخلاف وصل محطته الأخيرة، لتبدأ من محافظة الإسكندرية الساحلية رحلة الطلاق البائن بين «إخوان الداخل» من جهة، وبين إخوان الخارج والقيادات التاريخية على الجهة الأخرى.
فبينما يواصل ثعلب الإخوان العجوز محمود عزت، خطواته البطيئة الواثقة للسيطرة على مقدرات الجماعة المالية، بدأ مسؤول التربية بالجماعة رئيس لجنة إدارة الأزمة المقال محمد كمال، التحرك الفعلي على الأرض حسب «خارطة الطريق» التي أعلنها قبل أسابيع، والخاصة بإعادة انتخاب الهيكل الإداري للجماعة كاملًا.
وسار كل من الفريقين في مساره الخاص ليصطدما خلال الساعات القليلة الماضية، في الإسكندرية عقب إعلان مجموعة كمال انتخاب مكتب إداري جديد، ووصل الأمر حد الاشتباك بالأيدي كما ذكر شهود عيان، مع ارتفاع حدة التلاسن الإعلامي عبر المواقع والصفحات التابعة لكل فريق.
وفيما أعلنت مجموعة «كمال» أنها ماضية في خطوات خارطة طريقها، بعد أن أسست بالفعل مفوضية للانتخابات، والتي أصدرت بيانًا حول نسب المشاركة في انتخابات الإسكندرية، زعمت فيه تراوح نسبة التصويت بين 60 الي 82 %، بينما قالت الجهة الأخرى إن نسبة الحضور والتصويت لم تتجاوز الـ10%.
كواليس
مصادر مطلعة على ما يحدث في كواليس إخوان الإسكندرية قالت إن مفاجآت عديدة ستشهدها المدينة خلال الساعات القادمة، وإن إصرار جبهة كمال على إجراء الانتخابات وإعلان نتيجتها "لن يمر"، خاصة أن محمود عزت ليس من النوع المتسامح أو الودود، حسب تعبير المصادر.
وكان منصب المتحدث الرسمي، هو الشرارة التي أشعلت فتيل الخلاف علي سطح الأحداث، ليبدأ التحزب داخل الجماعة، ويتحول التنظيم الحديدي ــ الذي اشتهر يومًا بأن المرشد إذا عطس في الإسماعيلية يقول له من في أسوان: «يرحمكم الله»، إلى تيارين قد لا يجاهران بالعداء، لكنهما لا يتورعان عن التنابذ بالمسؤولية عما جرى للجماعة التي هوت من سدة الحكم إلى قاع الخلافات والتمزق والرفض الشعبي.
وفشلت مبادرات عديدة لرأب الصدع، كما أن مناورات بلا حصر من الطرفين لم تقنع أي منها الطرف الآخر بالتراجع او تقديم التنازلات.