أدار الحوار: محمود عطية ـ أعدته للنشر: سها صلاح ـ تصوير: محمود وحيد
مع وصول الصراع فى الشرق الأوسط إلى ذروته، بداية من العراق مرورًا بسوريا واليمن وصولاً إلى السعودية التى لطالما حاولت أمريكا وإسرائيل زعزعة استقرارها فى المنطقة لتنفيذ مخطط تقسيم الشرق الأوسط، فما زالت قضية جمال خاشقجى لغزاً تحاول تركيا وقطر التلاعب به لكسب مصالح شخصية، أما عن سوريا فما زالت الولايات المتحدة تسعى بجهد لتطبيق الفيدرالية التى تساعد على تقسيم سوريا إلى أشلاء.
لايوجد من نجا من «مقصلة الغرب» سوى مصر، التى استطاعت خلال السنوات القليلة الماضية عقب تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى أن تكون بوابة إفريقيا فى اقتصادها واستثماراتها وسياستها ونموذجا يحتذى به فى محاربة الإرهاب.. ولمناقشة كل تلك الإشكاليات وتحليلها استضافت صحيفة «أهل مصر» مروان يونس، المفكر السياسي الكبير، حيث دار حديث مطول عن أهم الأحداث السياسية على الساحة العربية والدولية.
وخلال الحوار علق «يونس»، على أزمة مقتل الصحفى السعودى جمال خاشقجى، والمساومات التى تعرضت لها المملكة العربية السعودية فى هذه القضية، كما علق أيضا على زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى ألمانيا وأهميتها السياسية والاقتصادية، وكيف ستؤثر هذه الزيارة بقوة فى الاقتصاد المصرى خلال المرحلة المقبلة.
وتحدث أيضا المفكر السياسى الكبير، عن قانون الإدارة المحلية الجديد الذى يتم مناقشته فى البرلمان وعن أهم بنوده، وسبب تأخر انتخابات المحليات حتى الآن، كما علق على أداء البرلمان بشكل عام وعلى القوانين التي صدرت عنه خلال الفترة الماضية.
وخلال الحوار شرح «يونس» رؤيته للسيناريو الذى من المتوقع أن يحدث في سوريا، مشيرًا إلى إمكانية هروب بعض عناصر داعش إلى داخل فلسطين وشن العديد من العمليات الإرهابية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلية قريبًا.. وإلى نص الحوار..
لغز قضية جمال خاشقجى
ــ فى إحدى تدويناتك على «الفيس بوك» تمنيت أن تتخطى السعودية أزمة خاشقجى بأقل التكاليف المادية والسياسية.. ماهى تلك التكاليف؟
بالطبع تم دفع ثمن هذا الخطأ، وجدنا دخول تركيا على المشهد بشكل جديد بعد التلويح بحصولهم على لقطات مصورة لمقتل جمال خاشقجى، لكن ما وجدناه خطاب باهت لا قيمة له، ولكن مانراه حقاً أن هناك محاولات ضغط على السعودية من جانب تركيا لتحقيق مكاسب مالية وسياسية خاصة مع أزمتها الاقتصادية عقب أزمة القس الأمريكى الذى تم احتجازه، مما أسقط الليرة التركية إلى الهاوية، ولم يقف الأمر عند تركيا بل رأينا صوت قطر يعلو أيضاً فى المنطقة للاستفادة من الأزمة، إسرائيل أيضاً استفادت من هذه الأزمة حيث خرجت بتصريحات تزعم أن هناك علاقات ود بين السعودية وإسرائيل لتوريط الرياض فى عدة أزمات أخرى، واستغل الإعلام الغربى هذا الخطأ لتشويه صورة السعودية أمام العالم كله.
ولاحتواء هذا الخطأ ثمن باهظ جدا، حيث إن «ترامب» روج لفكرة أنه يريد تبرعات عدة خلال حملته الانتخابية القادمة لخدمة الشرق الأوسط، حيث قال «عليه أن يدفع» فى إشارة للملك سلمان، وللأسف نحن نعطى فرصًا لأعدائنا بأخطاءنا نحن حتى وإن لم تكن مقصودة.
ــ هل أزمة «خاشقجى» ستفتح المجال للاقتصاد الصينى للتوغل في الخليج خاصة السعودية؟
الدخول الصينى آت آجلا أو عاجلاً، حيث إن المعسكر الأمريكى بدأ فى فقدان فرصة خاصة مع السعودية، لأن العالم بدأ يعلم أن الولايات المتحدة ترتب الأوراق لعمليات الهز الداخلي، والسعودية الآن على ثقة أنه لايجب وضع «البيض كله فى سلة واحدة»، حيث بدأت إدارة ترامب تتحدث عن اليمن والتحالفات مع إيران و غيرها، وبدأت تلك الأشياء تحدث بعد تغيير مخططات السعودية للخروج من عباءة أوروبا اقتصادياً، والمؤكد أن السعودية ومصر في خطر، فمخطط أمريكا أن يكون هناك «حكومة واحدة للعالم كله» تحت قيادة الولايات المتحدة، ومايقف شوكة فى حلقهم هما مصر والسعودية.
ــ هل مقتل «خاشقجى» مسرحية سياسية كما صرح أردوغان؟
تركيا صنعت مصيدة للسعودية، نعم لم يكونوا على علم بما حدث، ولكنهم تركوه يدخل القنصلية فى إسطنبول لاصطناع أزمة إذا حدث شئ ما، كما أن مراقبة السفارات غير قانونى، فالسفارة السعودية تعتبر أرضا سعودية على تركيا، والخطأ الذي أخطأته السعودية هو ما أنجح «المصيدة» للأسف.
وأنا أعتقد أن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان سيساوم بتلك الكروت السعودية وأمريكا، لأن «أنقرة» ديونها الخارجية أكبر من ديون مصر الخارجية 4 أضعاف، فاقتصادها فى ظل مقاطعة الغرب لها لن يصمد أكثر من 6 أشهر أوعام فقط، كما أن «أردوغان» لديه مساومات كثيرة على الموقف السورى، والإبقاء على تيار الإخوان الإرهابي، فـ«أردوغان» سيساوم بـ«كل شطارته من تحت الترابيزة».
ما هو تحليلك لموقف مصر فى قضية مقتل خاشقجى؟
كان موقفا ذكيا جداً، فلم نستبق الأحداث فى أى أمر، وفى النهاية صرحنا بما يحمى مصالحنا السياسية ومصالح أشقاءنا فى السعودية، فالدول لا تعرف العواطف بل تعرف المصالح، والإمارات أيضاً فعلت مثلنا.
ما هى توقعاتك للخروج من هذه الأزمة؟
من وجهة نظرى تركيا ستصر على تشويه كل ماهو تابع لـ«الملك سلمان» لضمان دخول السعودية فى أزمة، وستظل فى الضغط حتى يكون انتقال صعب للسلطة فى المملكة السعودية للإطاحة بولى العهد السعودى، وسيستخدم فى ذلك حرب الإشاعات.
مستقبل سوريا وليبيا والعراق
ــ هل هناك خطورة على مصر من تطهير الإرهابيين؟.. وأين يذهبون؟
أولاً دعنا نتحدث عن منشأ داعش، هؤلاء «المرتزقة» كانوا ميلشيات تم تعبئتهم فى العراق، عندما حدثت الأزمة بين الحشد الشعبى والجيش العراقى فى مدينة الأنبار العراقية، وبعد الأزمة السورية بـ6 أشهر من بدايتهم بدأوا الانتشار فى عدة دول عربية بمساعدة الدول الغربية الذين يحاولون تنفيذ خطة تقسيم الشرق الأوسط حلم إسرائيل، وبالتالى تنظيم داعش الإرهابى باقٍ لصناعة أزمة وليس للاستفادة منها، وأمريكا تحاول تقسيم سوريا إلى فيدرالية أحزاب مسلحة ومليشيات وما تفعله الآن هو بداية الخطة ونهايتها ستكون قادمة، ولكن الرئيس عبد الفتاح السيسى هو ما يقف حائلاً بين حدوث ذلك، وهذا ما يزعج أمريكا من مصر.
أما عن بوتين فهو يرى أن كلما كان بشار الأسد له مساحات على أرض سوريا، فروسيا أيضاً لها نفس المساحات، ولكن الرئيس عبد الفتاح السيسى قال فى الأمم المتحدة «لابد أن ننتقل من فكرة إدارة الصراع إلى إنهاء الصراع».
لكن أمريكا وروسيا لا يريدان إنهاء الصراع، فبالنسبة للولايات المتحدة الأزمة السورية تدعم لواشنطن فكرة زيادة شراء السلاح، كما أن هناك سيطرة كاملة على آبار البترول.
أما عن الإرهابيين فجزء منهم عند فقدانه التمويل سيقوم بـ«حلاقة دقنه»، وينتظر إلى أن يهاتفه أحدهم نريدك فى عملية الآن، والغرب يخططون لنقل أكبر جزء لجبهة سيناء.
ما تعليقك على زيارة الرئيس السيسى لألمانيا؟
مجموعة العشرين يملكون ثلثى اقتصاد العالم، و90% من ثروات الكوكب، ومصر في 2019 ستكون رئيس الاتحاد الإفريقى، ولديك ملف كبير فى الاستثمار نريد تنميته، ونريد التعاون فى الهجرة واللاجئين ومكافحة الإرهاب، فألمانيا بوابة رئيسية لأوروبا وأمامها مصر بوابة الشرق الأوسط، فالعلاقة يجب أن تكون قوية، والرئيس السيسى عقد لقاءات بالغة الأهمية فى كل المجالات وحصل على مكاسب كبيرة، من أبرزها مؤتمر «بيونينج للصناعات الأمنية»، لأنه ليس سهلاً أن تجلس مع مصنعى السلاح في العالم، ومجموعات الشركات الألمانية التى اجتمع معهم للاستثمار فى مصر، والتبادل البرلمانى وهي نواة جيدة للشراكة المصرية البرلمانية، كما تم مناقشة أهم الملفات وهى التعليم الفنى والصناعى وتبادل الخبرات فى هذا الشأن.
ــ رغم علاقتنا القوية بألمانيا إلا أنها كانت من الدول التى بررت بشكل خاطىء الأحداث في مصر بعد 30 يونيو؟
ألمانيا عدد كبير منهم من أصل تركى، وهم من أهم الداعمين للإخوان المسلمين، ونحن قد صححنا رؤيتنا وأثبتنا أن لدينا قوة اقتصادية وتماسك شعبى عقب 30 يونيو.
ــ ما فائدة مفاعل الضبعة النووى؟
مصر تريد عمل صناعة بـ100 مليون، وهذا لن يتحقق دون حل أزمة الكهرباء، كما أن هناك استفادة من روسيا اقتصادية وسياسية، وهذا أمر جيد.
ــ هل يمكننا إقامة وزارة للمشروعات؟
قمت بتقديم هذا المقترح لكل جهة فى مصر لكنى لم أستقبل رداً حتى الآن، وللأسف المشروعات الصغيرة الآن «عضلات بلا عقل».
ــ قدم نصائح سريعة لحكومة مصطفى مدبولى؟
أول تلك النصائح حول الاستثمار العقارى، فلابد من إعادة تقييم لاستيعاب السوق، الأمر الآخر هو أنه لابد من إعادة التفكير في تراخيص وتسجيل الشقق، والأمر الخير يجب التوسع فى تفعيل جهاز المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومراقبة وانضباط الأسعار فى السوق لن يأتى بزيارات المحافظ المفاجئة، بل يأتى من المجتمع ذاته حيث يجب على المجتمع أن يكون منتجا ومراقبا ومتابعا، كما يجب أن نعود لتفعيل دور الهيئة القومية لمتابعة الفساد، وهو جهاز مشترك بين المواطن والدولة مهمته أن يكون محاميا عن الشعب فى الفساد، وللأسف نحن في مصر لدينا أزمة رجل الأعمال يريد أن يكون سياسيا وصاحب قناة فضائية ولاعب كرة، فيكون «مسخ» فى النهاية.
هل أنت مع المصالحة مع الإخوان أم ضد؟
لا مصالحة مع مجرم، لايوجد اضطهاد للإخوان كما ادعوا، وهل هناك مصالحة أكثر من ذلك وهم يعيشون في المجتمع ويبثون السموم فيه.
نقلا عن العدد الورقي.