الأصل فرعوني.. تعرف على أول موظف "عصفورة" في التاريخ البشري (صور)

"الموظف العصفورة فكرة والفكرة لا تموت"، ويعاني الكثيرين منا في العمل من هذه الشخصية التي تتملق لصحاب المؤسسة أو رئيس الهيئة، وفي الحقيقة أن هذه الفكرة ليست مستحدثة على الشعب المصري، فهناك ما يثبت أنها بالأساس اختراع فرعوني بحت وظهر هذا في ((ثثي)).

و ((ثثي)) موظف ولكنه (مش على قد حاله) ، فقد كان كبير موظفي الملك واح غنخ- انتف، والذي حكم البلاد في عصر الدولة الوسطي وبالتحديد هو ثاني الملوك الحاكمين بعد مؤسس الأسرة الحادية عشر (انتف) ومن بعده الملك (سهرتاوي-انتف)، وقد حكم البلاد منذ 2140-2091 ق . م .

وقد عُثر على لوحة هي أهم اللوحات التي ظلت صامدة في وجه الزمن لتصل إلينا، وهي لوحة كتبها الموظف العظيم ((ثثي)) عن عهد هذا الملك وعلاقته الشخصية والعملية به، وقد كتب نصًا:

"يعيش واح عنخ طويلاً، ملك الوجه القبلي والوجه البحري ابن رع ((انتف)) مبتدع الجمال والعائش مثل رع مخلدًا! خادمه الحقيقي وموضع محبته، صاحب المكانة الرفيعة في بيت سيده، والحاكم المتناهي في عقله، الذي يعرف إرادة سيده، والذي يتبعه في كل روحاته، والذي يمثل قلب جلالته وحده حقيقة، والذي يحتل المكانة الأولي بين العظماء في القصر، والمشرف على الأشياء الثمينة التي في المكان الخلفي والتابع المقرب للملك"

وكتب الموظف((ثثي)) بشكل دقيق عن المشاعر التي ربطته بالملك واح عنخ- انتف : 

" لقد كنت إنسانًا ممدوحًا منه كل يوم، وقد أمضيت حقبة طويلة من السنين في خدمة جلالة سيدي، حور العائش طويلاً، ملك الوجه القبلي والوجه البحري ابن الشمس ((انتف)) عندما كانت هذه الأرض تحت إشرافه جنوبًا من ((الفنتين)) (أسوان) إلي ((شس)) (العرابة المدفونة) في مقاطعة طيبة، وكنت إذ ذاك خادمه الخاص، وتابعه الحقيقي، ولقد جعلني عظيمًا ورفع مكانتي واتخذني موضع ثقة في قصره الخاص، وكانت الأشياء الثمينة في حوزتي وتحت خاتمي، بما في ذلك الطيبات النادرة الوجود التي كانت تُجلب لسيدي الملك من الوجه القبلي والوجه البحري، وكانت تحتوي علي كل شئ يجلب السرور من منتجات كل البلاد وذلك بسبب رهبته في هذه الأرض، وكانت هذه تُجلب دائمًا لجلالة سيدي بمعرفة الرؤساء الذين يحكمون الأرض الحمراء، لأنهم يخافون جلالته في كل بقاع الجبلية، ولقد عهد إلي بهذه الأشياء بعد أن أيقن أني جم النشاط وقد وضعت له تقريرًا في ذلك، ولم يحدث تقصيرًا أستحق عليه عقابًا، لأني كنت حازمًا، موضع ثقة حقيقية عند سيدي، وحاكمًا غاية في العقل هادئ الأخلاق في بيت سيده، حانيًا الذراع بين العظماء، ولم أتعود البحث وراء الشر الذي بسببه تكره الرجال، وإني إنسان يحب الخير ويكره الشر وشخصيته محبوبة في بيت سيدها، وإنسان تعود أن ينفد كل واجب حسب إرادة سيده، إذا وليت عملاً مثل تحقيق شكاية، أو فحص ملتمس إنسان في حاجة كنت عادلاً، ولم أعتد أن أتخطي التعليمات التي فرضت عليّ، ولا أن أضع شيئًا مكان آخر، ولم أكن متغطرسًا لما أوتيته من ثراء، ولم آخذ شيئًا اختلاسًا لأجل أن أنهي عملاً. ولقد نفذت كل إرادة ملكية جل جلالته أمرها إليّ، وقكت بما أمرني به من مهام يريدها قلبه مهما عظمت، وقد أتممت كل ما دوّن خاصًا بها ولم يوجد فيها تقصير قط لأني كنت حازمًا. 

اقرأ أيضًا... عاصمة مصر الفرعونية تحولت إلى مرعى للماشية.. منطقة إهناسيا الأُثرية ببني سويف فى خطر (صور)

ولقد صنعت سفينة للمدينة وقاربًا ((سحت)) لأرافق فيه سيدي عندما كان يجري الحساب مع العظماء وفي أية مناسبة لجلب شئ أو إرسال شئ، وهكذا كنت ثريًا وكنت عظيمًا، ولأني كنت أمد نفسي من أملاكي الخاصة التي وهبني إياها جلالة سيدي، فلقد كان يحبني دائمًا حور العائش طويلاً ملك الوجه القبلي والوجه البحري، ابن الشمس ((انتف)) ليته يعيش مثل رع مخلدًا) حتى ذهب في سلام إلي الأفق ((أي توفي)). وعندما خلفه ابنه ((حورنخت- تب نفر)) ملك الوجه القبلي والوجه البحري ابن الشمس ((انتف)) خالق الجمال- الذي أتمني أن يعيش مثل رع إلي الأبد تبعته في مظان مسراته الطيبة، ولم يوبخني مره لأني كنت حازمًا، وقد وكل إليّ كل الوظائف التي كنت أشغلها في عهد والده فزاولتها تحت إشراف جلالته، ولم أرتكب أي تقصير فيها، وأمضيت كل أوقاتي علي الأرض أعمل تابعًا للملك ملازمًا شخصه، وكنت ثريًا، وكنت عظيمًا في عهد جلالته وكنت إنسانًا كون شهرته ومدحه سيده ليل نهار"

المصدر: موسوعة مصر القديمة للدكتور سليم حسن 

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً