فى هدوء ودون صخب رحل عن عالمنا اليوم أحد أبطال الشرطة المصرية العقيد ساطع النعمانى ، والذى صار رمزًا للفداء والوقوف ضد أعداء الوطن والدين، اللذين لم تستطع طلقات رصاصهم الغاشم أن تنال من صلابته وقوة عزيمته فى مواجهتهم حتى وهو غارق فى دمائه.
بدأت قصة البطل العقيد ساطع النعمانى بعد قرار الدولة بفض اعتصامى رابعة والنهضة، واللذين كانا بؤرتين للإرهاب والدماء فى قلب القاهرة، لم يكن للدولة أن تسمح لهما بالبقاء والتمدد دون العمل على إنهاء هذه الأزمة بشكل حاسم على الرغم من علم الأجهزة الأمنية بحيازة الإخوان فى هذه البؤر لكميات ضخمة ومتنوعة من الأسلحة.
وإبان عمل الأجهزة الأمنية على تصفية اعتصام ميدان النهضة كان البطل العقيد ساطع النعمانى يمارس عمله بكل جد وتفان كنائب لمأمور قسم بولاق الدكرور، القسم الذى كان مستهدفًا من قبل جماعات الظلام كونه أحد الارتكازات الأمنية الهامة فى مواجهة إخوان الشيطان.
وفى منتصف شهر أغسطس من عام 2013 بدأت قوى الظلام من إخوان الشيطان فى إطلاق النار بشكل عشوائى من أعلى جامعة القاهرة تجاه منطقة بين السرايات، ويروى البطل الشهيد ساطع النعمانى قصة إصابته فى أحداث تلك الليلة فيقول:"سمعنا إطلاق نار كثيف أعلى كوبري ثروت، وتجمع معظم أهالى المنطقة أمام القسم وطلبوا منى التدخل لحمايتهم من الإخوان الذين اعتلوا جامعة القاهرة وأطلقوا الرصاص بطريقة عشوائية عليهم، وكان في ذلك الوقت اعتصام للإخوان في ميدان النهضة ومحيط جامعة القاهرة، وعلى الفور انتقلت إلى مكان إطلاق الرصاص أعلى كوبري ثروت".
ويضيف: "عقب وصولى شاهدت تجمعات للأهالى وحالة من الفوضى في المنطقة وإطلاق نار كثيف من ناحية جامعة القاهرة، وبدأت أنا والقوات محاولة السيطرة على الأوضاع، واتصلت بمدير المباحث اللواء محمود فاروق وقتها، وأخبرته بالأحداث التي تقع في المنطقة وأخبرته أيضاً أن عدداً من الجماعة الإرهابية اعتلوا أسطح جامعة القاهرة ويطلقون الرصاص على منطقة بين السرايات بطريقة عشوائية ويستخدمون أسلحة قنص موجهة بالليزر لقتل الأهالي ورجال الشرطة.
وتابع: "أُصبت بعد 10 دقائق بطلقة في الوجه أفقدتني الوعي، وجرى نقلى إلى مستشفى الشرطة بالعجوزة، دخلت العناية المركزة لعدة ساعات ولكن لم يتمكن الأطباء من إسعافى لعدم وجود الأجهزة الطبية الحديثة بالمستشفى، وفى الساعات الأولى من صباح اليوم التالى، جرى نقلى بطائرة خاصة للعلاج في أحد المستشفيات بسويسرا، بعد أن أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية، قراراً بعلاجى خارج البلاد.
ومن هنا بدأت قصة العقيد ساطع النعمانى مع الإصابة والتى أفقدته بصره إلا انها لم تنال من قوة عزيمته وإرادته وزادته عشقًا لتراب هذا الوطن الذى ما إن وطأته قدماه بعد عودته من رحلة علاجه بالخارج، سجد لله شكرا على هذا التراب الطاهر شاكرًا ربه على نعمة هذا الوطن، نعم رحل النجم الساطع، ولكن تبقى سيرته تروى للأجيال كرمز للفداء والكرامة و التضحية من أجل هذا الوطن الغالى.