من السادات إلى أبوهشيمة.. «المال السياسي» ينتهك الحرم الجامعي

صورة تعبيرية

ما بين ليلة وضحاها تحولت جامعة القاهرة من منبر للعلم ونشر الثقافة إلى وكر غنائي راقص يتمايل فيه الطلاب على نغمات المال السياسي الذي ظل يلعب في الجامعات على مدار السنوات الماضية منذ عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وحتى عصر رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة.

في الأربعاء الماضي نظمت جامعة القاهرة، أعرق الجامعات المصرية والعربية، سحورًا للطلاب رافقه رقص وطبل جماعي للطلاب والطالبات داخل حرمها على إيقاع الأغاني الشعبية بدءًا من "فرتكة فرتكة" إلى "ولاد سليم اللبانين"، وتم تنظيم الحفل تحت رعاية شركة "حديد المصريين" المملوكة لرجل الأعمال أحمد أبوهشيمة الذي تكفل بجميع التكاليف، وذلك بالتنسيق مع رئيس الجامعة الدكتور جابر نصار.

وشارك في الحفل نحو 20 ألف طالب بالإضافة إلى أسرهم حيث تحملت مجموعة "هاو تو بي" تكلفة الحفل التي بلغت 100 ألف جنيه، وقامت المجموعة كذلك بوضع برنامج الحفل الذي تضمن الأغاني الشعبية، إضافة إلى تنظيم موائد السحور بمشاركة من عدد من الوجوه السياسية اللامعة من بينها عمرو موسى الأمين السابق لجامعة الدول العربية، والمفكر السياسي الدكتور مصطفى الفقي، والدكتور عادل عدوي وزير الصحة الأسبق، ورئيس حزب المحافظين المهندس أكمل قرطام.

وهو ما قابله نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بالرفض والاستياء مؤكدين أن ما يحدث تدهور في حال التعليم، فضلا عن تحول الجامعة إلى مجال للاستفادة التجارية، بالإضافة إلى الرقص داخل الحرم الجامعي على أنغام شعبية لا تليق بجامعة عريقة.

من جانبه استنكر اتحاد طلاب جامعة القاهرة ما قامت به إدارة الجامعة من خلال الفعالية التي استهدفت بشكل مباشر الدعاية والتسويق السياسي لرجل الأعمال أحمد أبوهشيمة، مستخدمة في ذلك أحد الكيانات الطلابية الممولة والبعيدة عن الحركة الطلابية والنشاط الطلابي.

وقال اتحاد الطلاب في بيانه إن بعض رجال الأعمال سبق أن حاولوا استقطاب الاتحادات الطلابية، إلا أننا رفضنا أن تُستخدم الجامعة لتضليل عقول الطلاب، أو أن تتحول إلى ساحة للتسابق بين رجال الأعمال، كما نطالب إدارة الجامعة أن تنأى بنفسها عن ذلك، لأنه يمثل عودة إلى عصور الظلام وزواج المال بالسلطة والاستخدام السياسي للجامعات، حسب قول الاتحاد.

وتابع الاتحاد: "كان من الأفضل أن توجّه إدارة الجامعة جهودها لتحسين أوضاع الجامعة وتوفير أماكن آدمية لامتحانات طلاب كلية الحقوق بديلة عن الخيم، كما نتوجه بالاعتذار لطلاب التربية العسكرية بعد استخدام الجامعة لهم بأسلوب يشبه "السخرة" في تنظيم "سحور الجامعة"، ونطالب إدارة الجامعة بالاعتذار لهم ولكل المجتمع الجامعي عن هذا المشهد الذي لا يليق أبدًا بهيبة جامعة القاهرة وشهر رمضان الكريم".

واختتم اتحاد الطلاب بيانه بتوجيه رسالة: "بأي زاوية نظرت وبأي معيار حكمت، لا يبدو حتى الآن شيئًا واضحًا بعد، وضوح هذه الحقيقة: المال السياسي يخترق الجامعات في محاولة جهنمية للسيطرة على عقول الطلاب، قولوا لنا لمن تنتصرون نقل لكم من أنتم!".

ولكن رئيس الجامعة اكتفى بالرد على انتقادات الطلاب عبر صفحته الشخصية، قائلًا: "طبيعي مع الأعداد المهولة هذه تحدث بعض المشاكل البسيطة".

يذكرنا ما حدث في حفل إفطار جامعة القاهرة هذا العام بما كان يحدث في الماضي من محاولات عديدة لاستقطاب عقول الشباب نحو نظام سياسي معين وفئة تسيطر على الدولة يتحكم فيها المال السياسي، ففي عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات رفعت الدولة يدها عن العمل الشبابي المنظم بل تم تشجيع التيارات الدينية على مواجهة التيارات الشبابية الناصرية واليسارية التي كانت موجودة بالجامعات في ذلك الوقت، حتي تحولت الجامعات إلى مرتعا للإخوان والتيارات الدينية، وهيمنوا على التنظيمات الطلابية، وأفرزت تلك التجربة قيادات إخوانية جديدة مثل عبد المنعم أبو الفتوح وعصام العريان وغيرهم.

وعلى خلفية ذلك مثلت نوادي أعضاء هيئة التدريس أحد المحطات الهامة من أجل العمل الإخواني داخل الجامعات المصرية، فكان تأسيس المؤتمر العام للنوادى أحد المحطات الهامة فى تاريخ الجامعات ومشاركتها فى العمل السياسى والمجتمعى، وكان أساتذة الجامعات من الإخوان دور واضح ومؤثر فى تفعيل دور تلك النوادى وإظهار مواقفها تجاه القضايا السياسية المختلفة سواء كانت محلية أو دولية.

وفي منتصف ثمانينات القرن الماضي كانت نوادى أعضاء هيئة التدريس تملأ سمع المجتمع المصرى، ففى عام 1987كانت نوادى أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية تتشكل معظم مجالسها من الإسلاميين فكان فى القاهرة يرأس النادى الدكتور يوسف عبدالرحمن، وفى الإسكندرية الدكتور نبيل هاشم وفى أسيوط الدكتور محمد السيد حبيب، وغيرها من الجامعات الأخرى.

أما في فترة التسعينيات سعت الدولة إلى محاولات تنظيم الشباب داخل الجامعات من خلال تنظيم ما يعرف باسرة حورس التي تولي رعايتها في هذا التوقيت عبد المنعم عمارة رئيس المجلس الاعلي للشباب ولكنها ركزت على النشاط الاجتماعى، وأجهضت سريعا بعد أن أصبحت مصدرا للخلاف بين المسؤولين عن التعليم العالي والمسؤولين عن الشباب حول من صاحب ولاية العمل مع الشباب في الجامعات وفي تلك الآونة انقلب حال الجامعات راسا علي عقب وظهرت اعراض الانفتاح هنا وهناك.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً