كعك العيد من أقدم العادات والتقاليد التي ظهرت مع الاحتفال بالأعياد وخاصة عيد رأس السنة وتعتبر صناعة الكعك من سمات الأعياد التي جعل لكل منها نوعا خاصا به.
وكانت الفطائر مع بداية ظهورها في الأعياد تزين بالنقوش والتعاويذ الدينية وقد اتخذ عيد رأس السنة في الدولة الحديثة طابعًا دنيويًا، وخرج من بين الأعياد الدينية العديدة ليتحول إلى عيد شعبي له أفراحه وبهجته الخاصة وكانت طريقة احتفال المصريين به تبدأ بعمل الكعك في الأعياد، وكلمة كعك هي كلمة مصرية قديمة ومنها جاءت كلمة كعك العربية Cake بالإنجليزية.
فارتبطت الأعياد بعمل الكعك بل وتعتبر أهم سمة لدينا حتي الآن من سمات عيد الفطر المبارك وترجع هذه العادة المصرية التي صنعها المصريون قديما منذ العصور الفرعونية القديمة وسميت بالقرص لأنها مرتبطة في عقيدتهم بقرص الشمس والتي كانت من مظاهر الكون المقدسة في مصر القديمة حيث نجد الكعك يأخذ الشكل المستدير الكامل ويزين بخطوط مستقيمة مثل أشعه الشمس الذهبية ومن هنا كانت فلسفة القرص المستدير.
وكانت النساء في مصر القديمة يصنعون الكعك ويقومون بإهداه إلى المعابد حيث ألهتهم وإلى الكهنة الذين يقومون بحراسة هرم الملك خوفو وخاصة في يوم تعامد الشمس على حجرته وسجلت هذه النقوش على مقبرة الوزير رخميرع في الأقصر خلال الأسرة الثامنة عشر والتي تشرح نموذجا جميلا لصناعة الكعك.
حيث إن النسوة يقومون بإحضار عسل النحل الصافي ويضاف مع السمن ويضعونه على النار ثم يضاف إليه بعض الدقيق ويقلب على النار حتى يتحول إلى عجينة يمكن تشكيلها بأي شكل ثم بعد ذلك يحشونه بالعجوة وبعد الانتهاء يتم تزينه ببعض الفواكه.
وهناك بعض النقوش التي سجلت تلك القرابين اللي كانت تحتوي في مضمونها علي العيش والقرص والكعك والقرص والغوريبة التي يتم صناعتها الآن لتكون من مظاهر الفرحة علي المصرين بقدوم العيد وتنتشر هذه العادة بصفة أكثر في الريف المصري ويتم أيضا توزيع القرص والكعك علي روح المتوفي.
وسجل على مقبرة رمسيس الثالث بمدينة هابو نقوش توضح هذه الاحتفالات بما يسمى بكعك العيد حاليا.
واستمرت الاحتفالات بالعيد في عهد الدولة الفاطمية ذات طقوس خاصة ما زالت آثارها في مصر وبلاد الشام.
وقد سبقت الدولة الإخشيدية الدولة الفاطمية في العناية بكعك العيد، حتى إن أحد الوزراء الإخشيديين أمر بعمل كعك حشاه بالدنانير الذهبية، وأطلق عليه اسم «افطن له» وتم تحريف الاسم إلى «أنطونلة».. وتعد كعكة «أنطونلة» أشهر كعكة ظهرت في عهد الدولة الإخشيدية، وكانت تقدم في دار الفقراء على مائدة طولها 200 متر وعرضها 7 أمتار.
ووصل اهتمام الفاطميين بالكعك إلى الحد الذي جعلهم يخصصون ديوانا حكوميا خاصا عرف بـ«دار الفطرة»، كان يختص بتجهيز الكميات اللازمة من الكعك والحلوى وكعب الغزال، وكان العمل في هذه الكميات يبدأ من شهر رجب وحتى منتصف رمضان استعدادا للاحتفال الكبير الذي يحضره الخليفة.
وكانت تُرصد لهذه الكمية ميزانية ضخمة تصل إلى 16 ألف دينار ذهبي "وزن الواحده 4.25 جرام"، وكانت مائدة الخليفة العزيز الفاطمي يبلغ طولها 1350 مترا وتحمل 60 صنفا من الكعك والغريبة، وكان الخبازون يتفننون في صناعة الكعك مستخدمين أطنانا من الدقيق وقناطير من السكر واللوز والجوز والفستق والسيرج والسمسم والعسل وماء الورد والمسك والكافور.
وكان إنتاج دار الفطرة من الكعك يرص في هيئة جبل عظيم أمام شباك القصر الفاطمي، حيث يجلس الخليفة بعد صلاة العيد يشاهد ليرى الناس يأكلون الكعك أو يبيعونه أو يتهادون به في أرجاء القاهرة.
وعلى الرغم من محاولات صلاح الدين الأيوبي للقضاء على كل ما يمت بصلة للخلافة الفاطمية، إلا أنه فشل في القضاء على ظاهرة كعك العيد التي لا تزال أحد مظاهر العيد حتي الآن.
ويقال إن الكثير من الأمراء الأيوبيين احتفظوا بأمهر الطباخات اللاتي تخصصن في عمل أصناف الكعك في القصور الفاطمية، وكانت أشهرهن «حافظة» التي عرف إنتاجها باسم «كعك حافظة».
ولما جاء المماليك اهتموا بالكعك، واهتموا بتوزيعه على الفقراء والمتصوفة بالخوانق، واعتبروه من الصدقات، وكان سكان مصر المحروسة وما زالوا يتهادون به.
وانعكست الفنون الإسلامية على أشكال الكعك، فصنعت له القوالب المنقوشة بشتى أنواع الزخارف الإسلامية لا سيما الهندسية والنباتية منها وكانت بعض هذه القوالب على هيئة أشكال الحيوانات والطيور، وفي متحف الفن الإسلامي بالقاهرة توجد قوالب الكعك وعليها عبارات «كل هنيئا واشكر» و«كل واشكر مولاك» وعبارات أخرى لها نفس المعنى.
وتبقى عادات المصريين مستمرة مع الكعك من ميراث أجدادنا الفراعنة حتى الآن في عام 2016.