يبدو أن المصالح تحكم العلاقات بين الدول أكثر من الأزمات، وعلى خلفية ذلك عادت العلاقات التركية الإسرائيلية لتطفو على السطح من جديد عقب قطيعة دامت لسنوات منذ عام 2010 حيث خفضت العلاقات الدبلوماسية بين تركيا وإسرائيل مع سحب السفيرين وتجميد التعاون العسكري إثر هجوم قوات خاصة إسرائيلية على سفينة تركية كانت في طريقها إلى قطاع غزة، ما أسفر عن مقتل 10 ناشطين أتراك.
واشترطت أنقرة 3 أمور للتطبيع: اعتذار علني عن الهجوم وتعويضات مالية للضحايا ورفع الحصار عن قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس.
وتم تنفيذ الشرطين الأولين في شكل جزئي فيما يبدو أن تسوية تم بلوغها في شأن إيصال المساعدة التركية إلى سكان غزة عبر ميناء أشدود الإسرائيلي بدل من إرسالها إلى القطاع المحاصر في شكل مباشر، بحسب أنقرة.
ولكن تبدلت الأحوال حيث أعلنت وسائل الإعلام ومسؤول إسرائيلي، أن المفاوضين الإسرائيليين والأتراك سيلتقون في روما سعيًا الى تطبيع العلاقات بين البلدين بعد توتر استمر 6 أعوام.
وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية أفادت في وقت سابق بأن المباحثات ستجري في تركيا.
وأوضح الإعلام والمسؤول الإسرائيلي الذي لم يشأ كشف هويته أنه إذا توصل فريقا المفاوضين الى اتفاق فإن الحكومة الأمنية الإسرائيلية ستوافق عليه الأربعاء.
ومن جانبها نشرت صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية على موقعها الإلكتروني البنود الرئيسة التي جرى الاتفاق عليها بين الجانبين الإسرائيلي والتركي حيث جاءت البنود على النحو التالي:
يتعهد الطرفين الإسرائيلي والتركي بالعودة إلى تطبيع العلاقات بشكل كامل بما يشمل تبادل السفراء والزيارات مع الالتزام بعدم عمل الطرفين ضد بعضهما بعضا لاسيما في المنظمات الدولية كحلف شمال الأطلسي" الناتو" وهيئة الأمم المتحدة مع التأكيد على عودة التعاون الأمني والاستخباراتي بين الطرفين.
وقالت الصحيفة، إن تركيا تنازلت عن شرط رفع الحصار المفروض من قبل السلطات الإسرائيلية على قطاع غزة شريطة تمكين تركيا من نقل كافة المساعدات والاحتياجات الإنسانية التي يحتجاها أهالي قطاع غزة عبر ميناء أشدود الإسرائيلي في وقت سيشرف فيه الجيش الإسرائيلي على الميناء واللوازم التي سيجري إدخالها والإبحار بها من خلال ميناء أشدود.
كما جرى الاتفاق على دفع إسرائيل 21 مليون دولار أمريكي كتعويضات لعائلات ضحايا سفينة مرمرة التركية وتعويض للجرحى الذين أصيبوا خلال مهاجمة الجيش الإسرائيلي للسفينة التي كانت تقل عدد من النشطاء الذين حاولوا كسر الحصار عن قطاع غزة، حيث هاجم الجيش الإسرائيلي النشطاء المسالمين في عرض البحر وقتل عددا منهم وأصاب آخرين.
ومن بين بنود الاتفاق إسقاط تركيا القضايا المرفوعة على الجيش الإسرائيلي على اثر حادثة سفينة مرمرة التركية.
كما اتفق الطرفان الإسرائيلي والتركي على عقد محادثات رسمية لإنشاء خط أنابيب غاز طبيعي احتياطي لإسرائيل حيث عبرت تركيا عن رغبتها في شراء الغاز الطبيعي من إسرائيل ثم تصديره وبيعه للأسواق الأوروبية.
وفيما يخص قطاع غزة وحركة حماس قالت الصحيفة إن التفاهم التركي الإسرائيلي توصل إلى إقامة تركيا محطة لتوليد الكهرباء في قطاع غزة، إضافة إلى محطة تحلية مياه وإقامة مستشفى حديث، لكن الاتفاق لم يحمل أي بند فيما يخص الجنود الإسرائيليين المعتقلين لدى حركة حماس في غزة في حين عبرت تركيا عن محاولتها بذل جهود والعمل كوسيط بين إسرائيل وحماس لإتمام صفقة تبادل تقضي بإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين مقابل أطلاق سراح دفعة من الأسرى الفلسطينيين المعتقلين لدى إسرائيل.
وضم الاتفاق التزام تركيا وتعهدها بعدم السماح لقادة حركة حماس بتنفيذ أي نشاطات معادية لإسرائيل من داخل تركيا وقد تنازلت إسرائيل عن شرط ومطلب طرد قادة حماس من تركيا بما فيهم القيادي في حركة حماس صالح العاروري الذي اتخذ من تركيا مركز أقامة له.
وقالت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية أن أحد المسؤولين بوزارة الخارجية التركية التقى عضوة الكنيست عن الاتحاد الصهيوني، كسنيا سفيتلوفا، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن يتبلور تحالف بين كل من إسرائيل وتركيا في القريب العاجل.
وأشارت الصحيفة في تقرير لها إلى أن المخاوف الأمنية الإقليمية تربط بين تركيا وإسرائيل، وأن لقاء المسؤولين من الجانبين يعتبر بادرة على تحسن العلاقات بينهما، وأنه سيتم بلورة اتفاق لتطبيع العلاقات بينهما.
في حين أعربت المسؤولة الإسرائيلية سفيتلوفا عن سعادتها إزاء المناخ الإيجابي الذي سمح بإقامة مثل هذا اللقاء في تركيا، متكهنة بأن ثمة اتفاقا سيتم إبرامه لترميم العلاقات بين البلدين سوف يتم التوصل إليه بداية الأسبوع المقبل.