«لكل دولة رجالها.. استعن بالمخلصين دائمًا.. الصعّاب تحتاج إلى أوفياء.. لا تمنح ثقتك إلا لرجالك».. كلمات سطرّها واحد من أعظم القادة العسكريين التي ما زالت دراساته تُدرس في كبرى الأكاديميات العسكرية العالمية، أنه الجنرال الأمريكي دوانت إيزنهاور، القائد الأعلى للجيش الأمريكي في عام 1945، والرئيس الـ 34 للولايات المتحدة الأمريكية، في مذكراته حياته لتبقى مرجعًا لكل الساسة والقادة ورجال الفكر والإدارة.
من بين صفات الرئيس عبدالفتاح السيسي التي تجعله بلا شك من أقوى القادة السياسيين في العالم بالوقت الحالي، أنه يجيد اختيار من حوله، سواء كانوا وزراء يأتمنهم على الشعب أو رجال يعاونونه في المهمة الشاقة مهمة إدارة مصر، «أهل مصر» تلقي الضوء فيما يلي على «السيرة العطرة» للرجال الذين استعان بهم الرئيس عبدالفتاح السيسي في القصر الرئاسي، ليكونون له سندًا وعونًا، ليعبروا معًا سفينة الوطن إلى بر الأمان، في ظل التحديات الصعبة والأحداث الجسيّمة التي تُحيط بالوطن من كل حدبٍ وصوّب..
وأهم ما يميز الرجال على مرّ العصور وفي مختلف الأزمنة، أنهم رجال الظل، يقضون حياتهم الوظيفية، وينفذون المهام الموكلّة إليهم بجدٍ وإتقّان وتفاني دون أن يظهروا للإعلام أو يتعرف عليهم الشعب، وتبقى ما يعرفون عليه وما يطلعون عليه بحكم عملهم وتواجدهم في أهم قصر رئاسي بالمنطقة العربية، مركز صناعة القرار ومحرّك الملفات المحلية والإقليمية، من أسرار ومعلومات ومعاصرة لأحداث جسيمة ولحظات ميلاد لقرارات مصيرية، ليبقى التاريخ وحده شاهدًا على بطولاتهم، ومسجلًا لبصماتهم، وتبقى الإخلاص والأمانة والتفاني، هي السمات التي تحكم شخصيتهم وطبيعة عملهم.
اللواء محسن عبدالنبي.. ساعد الرئيس الأول
عقب تكليف اللواء عباس كامل، ذراع السيسي الوفي في القصر الرئاسي، بمهمة إدارة جهاز المخابرات العامة، خلفًا للواء خالد فوزي الرئيس السابق للجهاز، أصدر الرئيس السيسي قرارًا بتعيين اللواء محسن عبد النبي، مدير إدارة الشؤون المعنية بالقوات المسلحة، لكي يكون مديرًا لمكتبه.
ويُحسب للواء محسن، الذي تخرج من الكلية الحربية عام 1978، أنه واحدًا من القيادات العسكرية التي أثبتت كفاءة واسعة في إدارة الشؤون المعنوية للقوات المسلحة على أكمل وجه، في ظروف عصيبة، تلعب فيها وسائل الإعلام المعادية والفضاء الإلكتروني الواسع، دورًا خبيثًا في تشويه صورة القوات المسلحة وتوجيه الاتهامات لخيرة أبنائها، كل ذلك في وقت تخوض فيه حربا شرسة في مواجهة الإرهاب بسيناء، الذي تدعمه أجهزة إعلامية لدول معادية، إلا أن اللواء عبدالنبي، استطاع باحترافية شديدة أن يتعامل مع كل ذلك بقدر من الحكمة والمرونة، ويُحسب له أنه أول من اقترح أن يكون للقوات المسلحة، متحدثًا رسميًا لها، يكون منوط له ومختص بالحديث مع وسائل الإعلام والرد على أسئلتها واستفساراتها، وهو منصب مستحدث لم تكن تعرفه القوات المسلحة من قبل، وكان تكتفي بمؤتمرات صحفية لضباط الشؤون المعنوية.
احترافيته الواسعة وحكمته البالغة في التعامل مع الأحداث ومستجدات الأمور، كانت طريقه لشغل منصب هو الأهم داخل مؤسسة الحكم، وهو مدير مكتب رئيس الجمهورية.
وتتمثل مهمته، في تلقي الخطابات والمراسلات وتقارير الجهات السياسية والوزراء وعرضها على الرئيس السيسي، مقدمًا له المشورة بحكم خليفته العسكرية في التعامل مع الملفات التي تمتع بقدر من الحساسية، ويتولى الإعداد لزيارات الرئيس السيسي الخارجية من خلال التنسيق مع وزارة الخارجية، وتحضير جدول اليومي وأنشطته، ويتواجد دائمًا في جميع اجتماعات رئيس الجمهورية مع الحكومة، ويصاحبه في كل زيارات ومباحثاته مع رؤساء وزعماء العالم.
اللواء حاتم القناوي.. ظل الرئيس
ربما لا يعرف الكثير من المواطنين اسمه ولكن دائمًا ما يتوقفون لبرهة من الوقت حول الرجل الذي يلازم الرئيس دائمًا كظله في المناسبات التي تجمعه مع أبناء شعبه وخلال زياراته الخارجية يقف دائمًا خلفه، وخلال المباحثات الثنائية التي تجمع السيسي مع غيره من الرؤساء، يصطف خلفًا ليعطي التحية العسكرية لحرس الشرف، أنه اللواء حاتم القناوي، ابن صعيد مصر، ومحافظة قنا، الذي تخرج من الكلية الحربية عام 1979، بدأ حياته داخل قصر الرئاسة كأمين من الأمناء، يتم إيفادهم للسفارات الأجنبية الكائنة في مصر خلال احتفالاتها بالعيد الوطني، تدرج في مناصب عدة داخل القصر الرئاسي، حتى وصل إلى منصب رئيس البروتوكولات والتشريفات.
«أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصًا على النظام الجمهوري ووحدة الوطن وسيادته وسلامة أراضيه...» كان القسم الذي أداه الرئيس عبدالفتاح السيسي، للمرة الأولى في المحكمة الدستورية، أول ظهور للواء حاتم القناوي بصحبة الرئيس، وبعدها أصبح ضيف معتاد الظهور مع الرئيس السيسي.
وتتمثل مهمة اللواء حاتم القناوي، داخل القصر الجمهوري، في تنظيم حفلات الاستقبال والتشريفات التي تنظمها الرؤساء للضيوف القصر من زعماء ورؤساء دول العالم، والإعداد والتحضير للمناسبات الوطنية، ويظهر في جانب الرئيس خلال مراسم تأدية الوزراء والمحافظين لليمين الدستورية.
اللواء حاتم القناوي، يعد من القلائل داخل القصر الرئاسي، الذي عاصر عدد من الرؤساء، بدايةً من الرئيس الأسبق حسني مبارك مرورًا بالرئيس المؤقت عدلي منصور، وصولًا للرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، الذي فضّل أن يكون أيضًا من رجاله خلال الولاية الرئاسية الثانية، في ظل ما يتمتع به من إخلاص وتفاني في أداء عمله.
صبري يوسف.. «كبير الياوران»
«أوفد الرئيس عبدالفتاح السيسي كبير الياوران، اللواء صبري يوسف، للتعزية في وفاة.. أناب الرئيس عبدالفتاح السيسي كبير الياوران لتقديم التهنئة لقداسة البابا.. أناب الرئيس السيسي، كبير الياوران، نيابةً عنه».. دائمًا ما نقف أمام هذه الأخبار التي تتناولها الصحف يوميًا للحديث عن أنشطة مؤسسة الرئاسة، دون أن يأتي في بالك من هو كبير الياوران؟ وما هي مهمته داخل القصر الرئاسي؟.
كبير الياوران، منصب عرفته مصر لأول مرة في عهد المماليك، وهو أحد المناصب المهمة داخل القصر الرئاسي، لا يشغله ألا من تتوافر فيه شروط وصفات معينة، فهو واجهة الرئيس وممثله في المناسبات التي يتعذر على الرئيس السيسي الحضور فيها بنفسه، فيكلف كبير الياوران، نيابةً عنه.
شغل هذا المنصب من قبل، ثلاثة من الجنرالات العسكريين، أبرزهم الفريق محمد الماحي، واللواء حسن علام، واللواء ساجي لاشين، وأخيرًا اللواء صبري يوسف، تولى مهمته رسميًا في عام 2014 عقب إعفاء اللواء مؤمن فودة، كبير الياوران السابق من مهمته.
خلال تأدية حكومة المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء السابق، اليمين الدستورية، كأول حكومة في عهد الرئيس السيسي، كان ذلك بمثابة الظهور الأول لكبير الياوران متوسطًا رئيس الديوان ومسئول التشريفات .
اللواء صبري يوسف، الجنرال السابق في سلاح المشاة الذي تخرج من الكلية الحربية عام 1981، وخدم في صفوف القوات المسلحة حتى وصل إلى منصب رئيس إدارة المراسم العسكرية بوزارة الدفاع، قبل أن يستعين الرئيس السيسي بخدماته داخل القصر الرئاسي، يتمتع بدبلوماسية واسعة، ربما ذلك راجعه إلى دراسته للعلوم السياسية، فدائمًا ما ينوبه الرئيس السيسي، في حضور لقاءات رئاسية معينة، تلبية لدعوات سفراء وقناصل الدول الأجنبية.
اللواء أسامة الجندي.. رجل أمن الرئاسة
ربما التاريخ سيتوقف كثيرًا أمام هذا الاسم، الذي كان شاهد عيان على واحدة من فترات الحكم الانتقالية في تاريخ مصر الحديث، وهي فترة تولي جماعة الإخوان المحظورة لحكم البلاد، عاما كاملا كان شاهدًا على ما يقوم به الرئيس المعزول وأعضاء مكتب الإرشاد داخل القصر الرئاسي من اجتماعات وتدبيرات وكواليس تلك الحقبة الهامة من تاريخ مصر، لذا كان هذا الرجل هو الشاهد الأول في قضية التخابر مع قطر، المنظورة أمام محكمة جنايات القاهرة، والمتهم فيها الرئيس المعزول محمد مرسي، والذي أفصح بالعديد من الأسرار والمعلومات التي تؤرخ لهذه الفترة من تاريخ مصر، ربما هذه الأسرار ليس من حق أحد أن يطلّع عليها، لكن التاريخ وحده سيكتب كيف كان هذا الرجل جندًا وفيًا لبلاده، رفض محاولات واسعة لإغرائه بتولي منصب أمني أعلى من جانب جماعة الإخوان عقب تدهور الأوضاع السياسية والاجتماعية في البلاد خلال الشهور الثلاثة الأخيرة من فترة حكمه، ورفض أوامر جماعة الإخوان بإطلاق النار على المتظاهرين خلال أحداث الاتحادية بعدما اندلعت احتجاجات شعبية واسعة وصلت إلى أبواب قصر الاتحادية.
ويُعهد للواء أسامة الجندي، بالحفاظ على أمن جميع القصور الرئاسية الكائنة، يعمل طوال الـ 24 ساعة لتأمينها هو ورجاله، عين لا تنام من أجل الحفاظ على مركز صناعة القرارات المصيرية في مصر، ويعد حلقة وصل بين الحرس الجمهوري والقوات المسلحة والشرطة في إجراءات التأمين التي تتطلب تعاون وتنسيق بين الجهات الثلاثة، لاسيما خلال المناسبات التي تتطلب خروج الرئيس من القصر والحضور في أماكن أخرى، كزيارة مجلس النواب لتأدية اليمين الدستورية، أو المؤتمرات التي تعقدها مؤسسة الرئاسة كالمؤتمرات الشبابية أو المناسبات التي تشهد احتفالات بافتتاح مشروعات قومية.
اللواء الجندي، ابن القوات المسلحة، الذي تخرج من الكلية الحربية عام 1984، وتلقى دورات عسكرية واسعة في أمريكا ولندن وإيطاليا، يعد من القلائل الذي أضافوا الكثير لهذا المنصب الأمني الحساس، فهو أول من أدخل أجهزة التشويش الحديث للقصور الرئاسية، وأول من أدخل تكنولوجيا الفحص المتطورة، يقوم بنفسه بمراحعة خطط تأمين زيارات الرئيس السيسي داخل مختلف أرجاء الوطن، ويأتي في المرتبة الثانية لقائد الحرس الجمهوري.
المتحدث الرسمي.. واجهة الرئاسة
مع حلول عام 2004، تيقنت مؤسسة رئاسة الجمهورية آنذاك وفي عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك وبمشورة من رئيس ديوان رئيس الجمهورية في ذلك الوقت زكريا عزمي، في ظل ظهور موجة جديدة من الصحف والوسائل الإعلامية التي طفت على سطح المشحد، وأصبح «كل من هب ودب» يتناول أنشطة رئاسة الجمهورية بطريقة تخالف عادات وتقاليد تلك المؤسسة العريقة، تم استحداث هذا المنصب، وشغله آنذاك السفر ماجد عواد، سفير مصر السابق لدى فرنسا، وأبلى بلاءً حسنًا في أن يكون حلقة وصل بين مؤسسة الرئاسة ووسائل الإعلام، وعرض تحركات وأنشطة رئيس الجمهورية، لكنه لم يستمر في منصبه سوى عامين، قبل أن يحل محله، السفير سليمان عواد، رجل مبارك الوفي وسكرتيره للمعلومات، الذي ظل متشبثا بهذا المنصب حتى بعد تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك من الحكم.
ويُعرف منصب المتحدث الرسمي بإسم الرئاسة في الأوساط السياسية والإعلامية، بواجهة الرئاسة، لذا يتطلب لشغل هذا المنصب أن تتوافر فيه شروط ومميزات معينة، تناسب حجم المسؤولية الواقعة على عاتقه أولًا وحجم المؤسسة التي يمثلها، ولذلك استقر العرف منذ استحداث هذا المنصب على أن يكون من يشغله، أحد أبناء السلك الدبلوماسي الذي يجمع بين أكثر من 5 لغات، حتى يكون حلقة وصل بين وسائل الإعلام الأجنبية بمختلف جنسياتها، غير أن مع وصول جماعة الإخوان لحكم البلاد في عام 2012، خرجت عن العُرف، وقامت بتكليف طبيب أخصائي للأمراض الجلدية، بهذا المنصب، في سابقة لم تحدث من قبل، وهو الدكتور ياسر علي، الذي لم يكن يحمل أي مؤهلات تؤهله لهذا المنصب الحساس سوى أنه أعضاء الحملة الانتخابية للرئيس المعزول محمد مرسي، ومع عجزه عن الإلمام بمهام هذا المنصب، لستقرت الجماعة آنذاك على اختيار أحد ابناء السلك الدبلوماسي ليحل محله وهو السفير إيهاب فهمي.
ويعد السفير بسام راضي، أحد أبرز من شغلوا هذا المنصب، والذي يتمتع بعلاقات طيبة وجيدة للغاية مع جميع الصحفيين المختصين بتغطية أخبار رئاسة الجمهورية، وتليفونه دائما مفتوح للرد على جميع الاستفسارات والإيضاحات دون تفرقة بين الصحف القومية والخاصة.
بسام راضي، قنصل مصر السابق لدى تركيا، ونجل وزير الري الأسبق عصام راضي، بدأ مهمته رسميًا في أكتوبر من عام 2017، خلفا للسفير علاء يوسف، الذي تولى رئاسة وفد مصر في جنيف.
وتتمثل مهمته في حضور جميع الاجتماعات واللقاءات التي يعقدها الرئيس السيسي مع الحكومة والوزراء والمسؤولين ورؤساء وزعماء الدول، ويقوم بإعداد تقارير وبيانات صحفية وإعلامية بشأنها وعرضها على الرأي العام.
نقلا عن العدد الورقي.