لن تجد في مصر جلسة واحدة يجتمع فيها المصريون معًا إلا وقد يتخللها بعض الأدعية التي تتعلق بطول العمر والصحة والبقاء على قيد الحياة لمدة أطول، فهي من عادات المصريين بسبب تفشي الأمراض المزمنة التي تودي بحياة عدد كبير من المواطنين في سن مبكر أو في مراحل عمرية تختلف عن الدول المتقدمة التي تهتم بالبحث العلمي وتضع آليات واستراتيجيات جديدة كل فترة للقضاء على الأمراض ورفع متوسط عمر الفرد، وفي مصر بدأ الاهتمام بتوافر التطعيمات الوقائية والأدوية اللازمة لرفع متوسط عمر المصريين.
في البداية، روت إيمان علي، قصة وفاة والدها بسبب جلطة في القلب أدت مع مرور الوقت إلى إجراء عملية قلب مفتوح وعقب ذلك أودت بحياته، ومنذ ذلك الحين وهي لن تصدق أنه يمكن القضاء على الأمراض المزمنة كالضغط والسكر والقلب رغم ظهور عدة أدوية وعلاجات تختص بكل حالة على حدة.
في حين، رأت روان خليفة أن متوسط عمر الفرد في مصر يرتفع بالفعل لأنها أجدادها مازالوا على قيد الحياة مُتخطين حاجز الثمانين عاماً داعية الله أن تبقى على قيد الحياة نفس الفترة ولكن دون أمراض أو أعراض شيخوخة، قائلة " يا جماعة احنا بنقولهم عقبال 100 سنة وربنا بيتقبل".
وأكد الدكتور محمد عز العرب رئيس وحدة أورام الكبد بالمعهد القومي للكبد، أن "حملة 100 مليون صحة" تعتبر حملة ضخمة بجميع المقاييس فهي الأضخم على مستوى العالم كله، وتم وضع الميزانية الكافية لها بالتعاون مع جميع الوزارات ومنظمات المجتمع المدني، وكذلك فإنها إعلامياً غير مسبوقة والتي بدأت اعتبارًا من 21 سبتمبر 2018 على أن تنتهي في نهاية أبريل 2019، للكشف عن فيرس سي والأمراض غير السارية كالسكر والضغط والسمنة أملًا في معرفة الخريطة الصحية الكاملة كإحصاء وكخريطة ديموغرافية صحية شاملة جميع المحافظات والمناطق الأكثر انتشارًا لهذه الأمراض ومن ثم يتم وضع الخطط الصحية الكفيلة للوقاية من هذه الأمراض وعلاج المرضى.
وأشار الدكتور حسن السيد صلاح، دكتور جراحة عامة في مستشفى الشيخ زايد، أن هناك نقصا واضحا في الأطباء كما أنه في القريب العاجل ستحدث كارثة حقيقية بسبب نقص الأطباء، خاصة في التخصصات الحرجة كالتخدير والطوارئ والجراحة ويحدث عجز طبي، في حين أن القضاء على الأمراض المزمنة يتطلب آليات محددة لتنفيذها وإذا كانت متوافرة بالفعل فالمعضلة الأساسية التي تعاني منها المستشفيات هي الأطباء والإمكانيات اللازمة للرعاية الصحية التي يمكن من خلالها أن تزيد من عمر الفرد وترفع متوسط عمره إلى 60 و 70 عامًا.
وأوضح شريف عثمان، طبيب صيدلي، أن هناك عدد كبير من الأدوية في مصر سواء المنتج المحلي أو المستورد لعلاج الأمراض المزمنة فضلاً عن اهتمام وزارة الصحة بتوفير الإمكانيات اللازمة للوحدات الصحية ولكن كل هذا يأخذ وقت كبير لتوفيره لأنه يُكلف الدولة مبالغ مالية طائلة.
ومن جانبه أوضح الدكتور محمد عوض تاج الدين وزير الصحة الأسبق، أمس، أن أداء التأمين الصحي لن يتحسن إلا برضاء مقدمي الخدمة ثم المواطن.
وقال "تاج الدين" إن بعض الأمراض المزمنة ظلت تلازم المصريين لسنوات طويلة، مشيرًا إلى أن متوسط عمر المصريين أصبح 72 سنة بعد ما كان 40 إلى 50 عامًا، ويعود ذلك إلى القضاء على كثير من الأمراض المزمنة، والتطعيمات التي أدت إلى القضاء على كثير تلك الأمراض.
دراسات تكشف عن متوسط عمر الفرد في الأعوام القادمة
وفقاً لدراسة تحليلة قامت بها الأمبريال كوليدج في لندن جنباً إلي جنب مع منظمة الصحة العالمية وذلك لدراسة متوسط عمر الفرد في أكبر 35 دولة صناعية في العالم، تشير التوقعات – وفقاً لتلك الدراسة- أن يرتفع متوسط عمر الفرد ليتجاوز حاجز الـ 90 عاماً بحلول عام 2030 وذلك مع ضيق الفجوة بشكل كبير بين متوسط أعمار الرجال والسيدات في الكثير من دول العالم.
كما وضع أن علماء الإحصاء خريطة في نهاية عام 2012 تبين متوسط عمر كل إنسان حسب الدولة التي يعيش فيها، وجاءت دولة " موناكو " في أعلى قائمة الدول الأطول عمراً بـ89.68 سنة بينما حظي المواطنون في دولة الـ" تشاد " بأقل متوسط عمر بحاصل 48.69 أما مصر فكانت رقم 122 في القائمة بحاصل 72.93 سنة فقط وبنى علماء الإحصاء القائمون على وضع هذه الخريطة العمرية النتائج وفق عدة عوامل أهمها مستوى الرعاية الصحية والتأمين الصحي في كل دولة ومستوى دخل وتعليم كل فرد، بالإضافة إلى كم الضرائب التي تفرضها كل دولة على مواطنيها.
وقامت مجموعة بحثية بكلية "ألبرت آينشتاين" للطب بجامعة "يشيفا" في نيويورك، بإجراء مجموعة من الأبحاث على متوسط الأعمار على مستوى العالم في 41 دولة بين عامي 1968 إلى 2006، وذلك بعد ملاحظة ارتفاع متوسط الأعمار، ووجدوا أن بعض حالات الوفاة كانت نتيجة لتلف لبعض الخلايا بسبب التقدم في العمر.
وأعلنت مجموعة بحثية من الدنمارك أن متوسط عمر الأفراد سيصل إلى 125 عامًا، ومن المتوقع حدوث ذلك عام 2070، استنادًا إلى متوسط الأعمار في العديد من الدول.
في الوقت نفسه، شكك بعض الباحثين في جامعة "مكجيل" بكندا، في صعوبة تحديد متوسط العمر الذي ستصل إليه الأجيال التالية، مشيرين إلى أن الإنسان قد يصل بالفعل إلى هذا العمر، لكن تظل فرص الوصول إليه ضئيلة للغاية، ومن الممكن أن يصل إليه شخص واحد فقط بين كل 20 ألف نسمة
كما اطلقت وزارة الصحة حملة 100 مليون صحة بهدف القضاء على فيروس سي والأمراض غير السارية وتم تقسيمها على ثلاث مراحل تغطي جميع محافظات مصر وتقديم العلاج بالمجان مع توفير أفضل رعاية صحية للمواطنين.
وجديرا بالذكر، أن متوسط عمر الإنسان هو متوسط السنين المتوقع أن يعيشها الفرد عند ولاته وفقًا لمعدلات الوفاة، ويعكس متوسط العمر المُتوقع عند الولادة المستوى الإجمالي لوفيات السكان، وهو كذلك يُلخص نمط الوفيات الذي يسود في الفئات العمريّة جميعها في سنة مُحددة.