أقر مجلس النواب الأردني، الأحد، قانونًا ضريبيًا جديدًا يدعمه صندوق النقد الدولي، بعد أربع جلسات خصصت لمناقشته، وإجراء بعض التعديلات، في خطوة ربما ستساهم في مضي الاقتصاد الذي يعاني من ضعف السيولة في تقديم إصلاحات مالية ضرورية لخفض الدين العام، وكان رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز، قال مستبقاً التصويت على القانون، إن بلاده ستدفع «ثمناً باهظاً» إذا لم يوافق البرلمان على مشروع قانون الضريبة الذي يدعمه صندوق النقد الدولي، مؤكداً للنواب أن عدم الموافقة عليه، يعني أن المملكة ستدفع أسعار فائدة أعلى على ديونها الخارجية الكبيرة، على حد وصفه.
تفاصيل قانون الضريبة المعدل:
ووافقت أغلبية نواب المجلس الأردني على مجموعة من التعديلات في مشروع القانون المؤلف من 36 مادة ويتضمن زيادة الإعفاءات الأسرية للحد من أي تأثير على دخول الطبقة المتوسطة، ووفقا لوكالة الأنباء الأردنية الرسمية "بترا"، تُستوفى ضريبة الدخل من الشخص الطبيعي الذي يقل دخله السنوي الصافي عن 300 ألف دينار، تعادل 423 ألف دولار، بنسبة: 5 % عن كل دينار من الخمسة آلاف دينار الأولى (7 آلاف دولار)، و10% عن الخمسة آلاف الثانية، و15 % عن الخمسة آلاف الثالثة.
وتصل الضريبة إلى 25% عن كل دينار يزيد عن 300 ألف دينار، 423 ألف دولار، حتى مليون دينار، 1.41 مليون دولار، ترتفع إلى 35% لمن يزيد دخله الصافي عن 1.41 مليون دولار سنوياً.
كما أقر النواب ضريبة الدخل على الأشخاص الاعتباريين، بواقع 14% لقطاع الصناعة، و35% للبنوك، و24% عن كل دينار لشركات الاتصالات الأساسية وشركات توزيع وتوليد الكهرباء وشركات تعدين المواد الأساسية والتأمين وإعادة التأمين والمالية والوساطة المالية، والأشخاص الاعتباريين الذين يمارسون أنشطة التأجير التمويلي، و20% لباقي الأشخاص الاعتباريين.
وأقر مجلس النواب، سقف الإعفاءات للعائلات فيما يتعلّق بالدخل الخاضع للضريبة بواقع 20 ألف دينار، 28 ألف دولار للعام 2019، ينخفض إلى 18 ألف دينار، 25 ألف دولار، في 2020، إضافة الى ألفي دينار بموجب فواتير، فيما حدد مشروع القانون سقف الإعفاءات للأفراد الخاضعين للضريبة بـ 10 آلاف دينار لعام 2019، و9 آلاف لعام 2020، إضافة الى ألف دينار بموجب فواتير.
ويمنح المشروع الشخص الطبيعي والمعالين، إعفاءات مقابل نفقات العلاج والتعليم والايجار وفوائد قروض الاسكان والمرابحة، بواقع ألف دينار لكل من المكلف وزوجه، بالإضافة الى ألف دينار لكل ابن وبحد أقصى 3 الأف دينار، على ألا يتجاوز الإعفاء المسموح به للمكلف ولمن يعيلهم 23 ألف دينار سنوياً اعتبارا من عام 2020.
ومنح النواب القطاع الصناعي تخفيضاً اضافياً على نسبة الضريبة بما لا يتجاوز 5% على أن تحدد شروط التخفيض بموجب نظام يتضمن حوافز لتشغيل الأردنيين والمرأة، وتشجيع استخدام منتجات الصناعات الحرفية والصغيرة والمتوسطة وإنشاء الفروع التدريبية والإنتاجية وتوريد العملات الأجنبية وتنمية المحافظات والألوية الأكثر فقراً.
القانون الضريبة المعدل وموجة احتجاجات كبيرة:
وكان أثار مشروع القانون احتجاجات في الشارع الأردني الصيف الماضي لتضمّنه زيادة كبيرة في المساهمات الضريبية على الأفراد والشركات، ما حدا بالملك عبدالله إلى إقالة رئيس الوزراء هاني الملقي في 4 يونيو وتعيين عمر الرزاز خلفا له، فأدخل البرلمان تعديلات على القانون، خاصة زيادة الإعفاءات الممنوحة للأفراد والعائلات من ضريبة الدخل، وحذرت الحكومة بالتأثير سلباً على الوضع الاقتصادي، وإمكانية حجب صندوق النقد الدولي معوناته وقروضه عن الأردن، في حال عدم الموافقة عليه.
يقول نواب أردنيون إنّ مشروع القانون بصيغته التي أقرّت يعد مقبولاً بعد التعديلات التي أدخلت عليه، حيث تمنّى بعض النواب أن يكون القانون قد أقر بشكل أفضل، لكن يبدو أن هذا هو المتاح، داعين في الوقت نفسه حكومة الرزاز إلى «معالجة التهرّب الضريبي من قبل أصحاب الدخول العالية ومكافحة الفساد».
تأييد جانب حكومة الأردن لقانون ضريبة الدخل المعدل:
من جانبه، قال رئيس الوزراء عمر الرزاز في بيان نقلته وكالة أنباء الأردن الرسمية "بترا": "إننا نحتاج الى إقرار القانون المعدل لضريبة الدخل، وإلا فسنضطر لدفع فوائد أكبر على ديون المملكة، وبالتالي ترتفع المديونية، ونتطلع خلال السنوات القليلة القادمة لإلغاء العجز والبدء بتخطيط المديونية".
ووصف وزير المالية الأردني، الدكتور عزالدين كناكرية، قانون ضريبة الدخل الجديد بالإيجابي، وقال إن مشروع الموازنة المُقبل سيحدد أوجه إنفاق حصيلة الضرائب الجديدة.
وأشار نائب رئيس الوزراء رجائي المعشر إلى أن ما سيتم تحصيله بموجب القانون الجديد من الأفراد يبلغ نحو 9% من ضريبة الدخل، فيما يتم تحصيل 76% منها من المؤسسات والشركات.
وتفيد الأرقام الرسمية أن معدل الفقر ارتفع مطلع العام إلى 20 % ونسبة البطالة إلى 18.5 % في بلد يبلغ معدل الأجور الشهرية فيه نحو 600 دولار والحد الأدنى للأجور 300 دولار، واحتلت عمان المركز الأول عربيا في غلاء المعيشة والـ28 عالميا، وفقا لدراسة نشرتها مؤخرا مجلة "ذي ايكونومست".
خبراء اقتصاديون ينتقدون قانون ضريبة الدخل المعدل:
قال المستشار الاقتصادي وجدي مخامرة ان التعديلات ستقلل من الإيرادات الضريبة المتوقعة، ولن تحل مشكلة توسعة قاعدة المكلفين ضريبيا، وستخفف العقوبات عن المتهربين ضريبيا، وسيتم تحويل ضريبة المساهمة الوطنية لسداد الدين العام بدلا من صرفها على قطاعات التربية والصحة والمواصلات، لافتاً الى القانون المعدل لن يحقق هدف الحكومة بعد إقرار التعديلات من خلال مجلس النواب.
وتوقع مخامرة عدم تحقيق القانون المعدل الإصلاح الضريبي المنشود، كما ان التعديلات التي أقرها المجلس هي تعديلات تجميلة الا ان بعضها خاصة "ضريبة قطاع الزراعة" و"بورصة عمان" قد تكون إيجابية.
وأكد بدوره الخبير الاقتصادي محمد البشير رفضه لهذا القانون لأنه لا يعالج الاختلالات الضريبية والفجوة بين الدخول، ولا يحقق النمو الاقتصادي، ولا يساهم في إعادة توزيع الثروة ولا يساعد في دعم الاستثمار.
ولا يزال مشروع القانون يحتاج لإحالته إلى مجلس الأعيان للموافقة عليه قبل أن يصبح قانونا،وقال مسؤولون إن من المتوقع أن يصبح القانون ساريا في أوائل العام المقبل وتتوقع حكومة الرزاز بلوغ معدل تضخم كبير في موازنتها القادمة، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن الموازنة ستتضمن مواصلة العمل ببرنامج الإصلاح المالي، وتخفيض المديونية إلى أقل من 95%، لتبلغ حوالي 94.5%.